الأحدث

الترامادول.. الحبة ذات الفوائد والكوارث الكبرى

ترامادول Tramadol، حبة شهيرة، بل لا مبالغة حين نقول إنها واحدة من أشهر حبوب الأدوية حول العالم.

حبوب ترامادول ٥٠ مج، Akyma Pharmaceuticals. Rotellam1، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

والحقيقة أن الترامادول له العديد من الاستخدامات والفوائد الطبية، لكنه في ذات الوقت قد يتسبب في مشاكل كبيرة عند إساءة استخدامه وتناوله بدون إشراف طبي.

دفع ذلك الكثير من دول العالم لوضع الترامادول في قائمة الأدوية التي لا يجوز صرفها بدون وصفة طبية من طبيب.

الترامادول.. داء ودواء:

ترامادول Tramadol هو في الأصل عقار (مسكن)، يستعمل لتسكين الآلام المتوسطة والشديدة، مصرح به من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، ذاتها نفس الإدارة التي وضعت العديد من التحذيرات بشأن الترامادول.

وينتمي الترامادول إلى فئة (المسكنات الأفيونية أو المخدرة Opiate analgesics)، ويستخدم عادة عقب إجراء العمليات الجراحية أو تعرض الإنسان لإصابة بالغة، كما يستخدم أحيانا لعلاج مرض الساق المتململة عند عدم الاستجابة للأدوية الأخرى.

كما قد يلجأ له الأطباء أحيانا عند عدم قدرة المسكنات الأضعف تأثيرا على تقليل شعور المريض بالألم، في حالات مثل الإصابة بالسرطان أو هشاشة العظام، وحتى في مثل هذه الحالات لا يستخدم إلا لمدة زمنية قصيرة.

يباع الترامادول في صورته الأشهر على شكل حبوب، ومع ذلك فهناك ترامادول يباع في صورة كبسولات، أو في شكل سائل، ويتم تناوله في هذه الحالة بمعلقة قياس مخصصة وليس بالملاعق المنزلية، لضمان حصول المريض على الجرعة الصحيحة، كما تتواجد منه امبولات حقن لكنها لا تتوافر ولا يتم إعطاؤها إلا في المستشفيات.

حبوب الترامادول تنقسم بدورها إلى (سريعة المفعول) تنطلق لتقوم بتأثيرات على الجسم على الفور، و (ممتدة المفعول) والتي تنطلق ببطء، لكن تأثيراتها تستمر لمدة أطول في الجسم، ويحدد الطبيب النوع المناسب للتعامل مع الألم لكل حالة على حدة.

وتتنوع الأسماء التجارية التي يباع بها الترامادول بحسب شركة الدواء المصنعة له، فلدينا على سبيل المثال: ((ترامادول، تامول، ماكسيترام، مارول، زيدول، زامادول، ترامكيل)).

تتنوع المسميات التجارية للترامادول، كما تتنوع شركات الأدوية التي تنتجه وتبيعه حول العالم، Praetorian11، (CC BY-SA 4.0)، via wikimedia commons.

طبيا، لا يقوم ترامادول بالقضاء على الألم بشكل كامل، بل يقلله إلى الدرجة التي يستطيع المريض تحملها والتعايش معها.

ولإحداث تأثيره المطلوب بتسكين الآلام، يعمل الترامادول على تغيير الطريقة التي يستجيب بها الدماغ البشري والجهاز العصبى للإنسان للشعور بالألم.

هذه القدرة بالتحديد على التأثير على المخ والجهاز العصبى، هي مكمن الدواء حيث يشعر الإنسان مع تناول الترامادول بتسكين آلامه.. وهي ذاتها مكمن الداء، إذ تدفع البعض للإستمرار في تناوله، سواء كان الدافع هو تسكين الألم، أو الرغبة في العمل لفترات أطول، أو حتى لتعزيز القدرة الجنسية للرجال.

لذلك السبب بالتحديد، فإن الترامادول يصنف كمسكن (قصير الأمد) لا يعطي للمريض إلا لفترة قصيرة وفي أضيق الحدود.

وفي دراسة نشرتها كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، وأعدها روبرت هـ.شميرلنج، الحاصل على الدكتوراه في الطب، والمحرر الأول بالكلية، نكتشف أن الترامادول الذي إجيز كدواء مسكن لأول مرة عام ١٩٩٥، لم يكن يعتبر وقتها مادة أفيونية (مثل المورفين أو الأوكسيكودون)، بالرغم من أنه له نفس التأثير على الجسم.

وتتابع دراسة جامعة هارفارد أن وجود الكثير من حالات الإدمان بين من تعاطوا الترامادول كان السبب في تغير النظرة الطبية للترامادول، وإطلاق الكثير من التحذيرات بشأن تناوله.

نتج عن ذلك أن قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA في السابع من يوليو عام ٢٠١٤، باعتبار الترامادول مادة خاضعة للرقابة، ما يعني أنها مادة مقبولة الاستخدام في الرعاية الطبية، مع التحذير من إحتمالية تحولها لمادة يدمنها الشخص ويسىء استعمالها، وبالتالي لابد من تنظيم تناولها وجعله عن طريق الأطباء، مع تحديد حد أقصى للكمية والمدة لا يمكن حتى للأطباء السماح للمريض بتجاوزها.

إدمان الترامادول:

مع استمرار تناول الترامادول، يتحول الشخص إلى مدمن.

مهما كنت تظن أنك ستتناول الترامادول من أجل فعل شيء جيد، فأنت واهم، وتقود نفسك نحو الإدمان، تذكر دوما أنه ليس مطلوب منك سوي أن تعمل بقدراتك البشرية التي وهبها الله لك وهي عظيمة لو احسنت استغلالهاkazan.vperemen.com ، (CC BY-SA 4.0)، via wikimedia commons.

فكما يوجد مدمنين للمخدرات القديمة مثل الهيروين والكوكايين والحشيش، وحتى للأنواع الجديدة من المخدرات مثل الكبتاجون، و الشبو، كما يوجد هؤلاء وهولاء، يوجد مدمنين ترامادول، ولهم الكثير من القصص المأساوية للغاية التي ينبغي على الجميع أخذ العظة منها.

نصيحتنا في (المعرفة للدراسات) لكل قرائنا الأعزاء، من فضلكم لا تجربوا الترامادول إلا بأمر من الطبيب وبالجرعة التي يصفها لكم وللمدة التي يحددها لا أكثر.

لا تصدقوا أبدا من يحاولون اقناعكم بأن الترامادول لا يسبب الإدمان من جرعات بسيطة.

تعج مستشفيات ومصحات علاج الإدمان، ويكثر المدمنين من هؤلاء الذين بدأوا رحلتهم في إدمان الترامادول بمجرد تناولهم لربع حبة، نعم مجرد ربع حبة وليس حبة كاملة أو حتى نصف حبة.

كما وجدنا أيضا نصيحة مقدمة من (المكتبة الوطنية للطب) في الولايات المتحدة الأمريكية NIH، تقول أن المريض يمكنه مناقشة طبيبه إذا ما كان هناك طرق أخرى للتعامل مع الألم الذي يشعر به، تجنبه تناول الترامادول أو تقلل الجرعة التي سيأخذها منه، من حيث الكمية والمدة.

لذا لا تجعلوا أي سبب يدفعكم نحو الترامادول بدون إشراف طبي.

فللأسف الشديد توجد الكثير من حالات إدمان الترامادول بدأت لرغبة طالب ما أن يذاكر لساعات أطول، أو لموظف في شركة كان يريد إنجاز أكبر قدر ممكن من العمل، أو لرجل أراد أن يزيد قدرته على ممارسة الجنس مع زوجته، أو الكثير من الدوافع التي تبدو جيدة، انتهت بأصحابها للسقوط في براثن إدمان الترامادول.

وننبه هنا، إلى أن الكثير من حالات إدمان الترامادول بدأت (بنصيحة من صديق أو صديقة)، هؤلاء ليسوا بالأصدقاء، وسواء كان دافعهم لهذه النصيحة مجرد الجهل بعواقب إدمان الترامادول، أو حتى تعمد الإيذاء والضرر، ففي كل الأحوال، لا ينبغي أبدا الاستماع لمثل هذه النوعية من النصائح المدمرة.

تتصاعد عند مريض الاكتئاب إحتمالية إدمان الترامادول بصورة كبيرة جدا، Max Pixel، (CC BY 4.0).

نصيحة أخرى من المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة، بأن تخبر طبيبك إذا وصف لك ترامادول، وكنت تشرب أو سبق لك شرب المشروبات الكحولية، أو المخدرات، أو تتناول أدوية مضادة للاكتئاب، أو إذا كنت تعاني من الاكتئاب.

بمرور الوقت، يتحول الترامادول إلى إدمان، ولن تستطيع الجرعات المعتادة على إحداث نفس التأثير على جسم المدمن، ما سيدفعه لزيادتها.

في تقرير نشرته (هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي) تحت عنوان (ربع حبة ترامادول)، أبلغت حالة لسيدة مصرية أنها بدأت بتناول ربع حبة ترامادول لمواجهة أعباء أعمال أسرتها اليومية، وانتهي الحال بها لتناول أربع حبات في كل صباح.

وبزيادة الاستهلاك من الترامادول، تزيد الفاتورة التي يدفعها المدمن للحصول عليه، وبرغم أن سعر الترامادول ليس باهظ التكلفة، فإنه ونتيجة لأنه يباع بصورة غير شرعية، فإن سعره يكون مرتفعا، لأنه يأتي إما عن طريق التهريب، أو بواسطة نسبة من الصيادلة الذين يبيعون ضمائرهم ويحنثون بالقسم مقابل تحقيق الربح المالي، وهذا بالطبع لا يسئ لمهنة الصيدلة السامية، ففي كل المهن وكل التجمعات البشرية هناك الصالحين، وهناك من هم دون ذلك.

ينتج عن ذلك إضطرار المدمن لارتكاب بعض الأفعال الغير معقولة، بل وحتى غير المنطقية.

أحد من اشتركوا في كتابة تقريرنا في (المعرفة للدراسات)، قص علينا واقعة رجل أدمن الترامادول، وسمع الناس ذات ليلة صوت زوجته وهي تصرخ في الشارع، لأن زوجها ذهب ليبيع إسطوانة البوتجاز التي تطهو بها الطعام لأبنائهم من أجل الحصول على المال لشراء الترامادول.

وكبقية أنواع المخدرات الأخرى، تسجل أقسام البوليس العديد من جرائم السرقة والسرقة بالإكراه على يد مدمني الترامادول ليحصلوا من متحصلات جرائمهم على المال لشراء الترامادول.

وبخلاف تسببه في الكثير من حوادث الطرق، أو حتى جرائم الاعتداء على الآخرين، فإن الترامادول ومن الناحية الطبية يمكن أن يكون قاتلا خصوصا عند تناوله لأول مرة وخلال مدة تتراوح بين ٢٤ : ٧٢ ساعة، قد يؤدي لمشاكل خطيرة في التنفس تقود في نهاية المطاف للوفاة، وهنا تظهر أهمية أخذ الترامادول بإشراف طبي حيث يتابع الطبيب الذي وصفه لك تطورات حالتك بشكل جيد.

تأثير الترامادول على ممارسة الجنس:

رسم طبي ثلاثي الأبعاد لحالة ضعف الانتصاب، scientificanimations، (CC BY-SA 4.0)، via Wikimedia commons.

بسبب أثاره المسكنة والتي تتشابه مع آثار المواد الأفيونية، أصبح ترامادول بمثابة أحد الحلول التي يلجأ إليها أعداد من الرجال لتعزيز قدرتهم الجنسية خصوصا من الذين يعانون من ضعف الانتصاب  أو سرعة القذف.

والمشكلة في هذه الجزئية بالتحديد أن الكثير من هؤلاء لا يستعملون الترامادول في هذه الحالة بناء على وصفة طبية، وإنما بسبب حكايات وقصص يقصها بعض الرجال عن كيف كان تأثير الترامادول عليهم كبيرا وساعدهم في إقامة علاقة حميمية رائعة.

هنا يتشجع العديد ممن لديهم مشاكل جنسية ويشترون الترامادول ويتناولونه أملا في حل مشاكلهم هم أيضا، في حالة غريبة للغاية من إيذاء النفس.

والمسألة لا تتوقف هنا عند حد إدمان الترامادول وما ينتج عنه من آثار خطيرة، بل إن الترامادول ذاته قد يتحول إلى سلاح مضاد وينتج عنه اختلال في القدرة الجنسية.

هذا بالضبط ما كشفت عنه دراسة ضخمة اعدها الدكتور (إبراهيم عبد الحميد)، وتم نشرها في المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ سبب الترامادول لمتعاطيه إضطرابات جنسية كبرى مثل: (إنخفاض الرغبة الجنسية، قصور الغدد التناسلية، فقدان النشوة).

لم تكن هذه هي الدراسة الوحيدة التي انتهت إلى هذه النتيجة، فهناك دراسات أخرى انتهت للقول بأن إدمان الترامادول يؤدي إلى ضعف الانتصاب.

لذا فمن غير المعقول أو المقبول أن تحل مشكلة مقابل أن تنتج لنفسك قائمة من المشاكل، لهذه الأسباب، فإذا كنت تعاني من ضعف الانتصاب أو سرعة القذف يمكنك الإطلاع على تقريرنا عن ضعف الانتصاب والذي أوضحنا فيه العديد من طرق العلاج الصحيحة.

وكذلك الحال مع تقريرنا عن سرعة القذف.

موانع استعمال الترامادول:

امبول ترامادول ١٠٠ مج/ملم، LHcheM، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

تعد موانع استعمال الترامادول، من الأمور المعروفة لدي الأطباء، لذا فهم لن يصفوا الترامادول للفئات والحالات التالية:
  • الأطفال أقل من ١٢ سنة.
  • المرضي ممن لم يبلغوا الثامنة عشر، والذين أزالوا اللوزتين أو اللحمية في عملية جراحية.
  • الأشخاص الذين ظهرت لديهم حساسية عند تناولهم ترامادول في أي وقت مضى.
  • لا يُنصح به عادةً لعلاج الآلام والأمراض المزمنة.
  • الأشخاص المصابين بأمراض تؤدي لحدوث نوبات، سواء نوبات صرع أو نوبات متلازمة توريت، أو أي نوبات أخرى.
  • الصبية بين ١٢ : ١٨ سنة، من الذين يعانون مشاكل في التنفس، أو من السمنة.
  • السيدات الحوامل، وكذلك السيدات الأذكياء الذين قرروا الإستفادة وإفادة أطفالهم من الرضاعة الطبيعية.
  • على عكس ما هو حاصل بالفعل، لا ينصح قادة المركبات على الطرق بتناول الترامادول لأنه قد يسبب النعاس على عكس الاعتقاد الشائع بأنه (منبه) أو يعمل على زيادة التركيز، وننصح الأعزاء من قادة الشاحنات أو الباصات والاتوبيسات، بأن يكون لهم عبرة في الكثيرين من رفاقهم حول العالم الذين فقدوا حياتهم أو إصيبوا إصابات بالغة وتسببوا في نفس الأمر للآخرين، بسبب حوادث وقعت لهم وهم تحت تأثير الترامادول.
  • الأشخاص الذين يتناولون أي نوع من أنواع المخدرات أو المشروبات الكحولية حيث تزيد بالنسبة لهم احتمالية إدمان الترامادول بصورة كبيرة، ناهيك عن إمكانية تفاعل الترامادول مع أنواع المخدرات الأخرى التي يتعاطونها.

الآثار الجانبية للترامادول:

قد تختلف الآثار الجانبية للترامادول من شخص إلى آخر، ولكن ينبغي إبلاغ الطبيب إذا وجدت أيا من هذه الأعراض بشكل مستمر مع تناولك الترامادول أو كانت تحدث لك بصورة قوية.

عبوة ترامادول مصروفة بإذن الطبيب ومبين عليها جرعة الاستخدام، فرنسا، الصورة من Open Food Facts.

وتتمثل الآثار الجانبية للترامادول في:

  • صعوبة أو مشاكل في التنفس.
  • الرغبة في النوم.
  • الشعور بالتعب أو الضعف.
  • اضطرابات في المعدة أو التقيؤ.
  • إحمرار في العنق والذراعين، وقد يمتد للجزء الأعلى من الصدر.
  • الحالة النفسية السيئة.
  • آلام العضلات.
  • التعرق.

كما يمكنك التواصل مع الطبيب إذا لاحظت شيء غير طبيعي على صحتك أو جسدك بعد تناول الترامادول حتى ولو لم تكن مذكورة في الأمثلة السابقة.

التوقف عن استخدام الترامادول:

لذا، وبعد كل هذه التحذيرات فمن فضلك لا تتناول الترامادول مهما كان السبب بدون وصفة طبية وبمتابعة لصيقة من طبيبك.

أما إذا كنت قد سقطت في الفخ وتناولت الترامادول بالفعل، فمن فضلك توقف عنه فورا خصوصا إذا لم تكن تناولته إلا بجرعة صغيرة، ولمدة قصيرة.

إذا كانت مشكلتك أكثر تعقيداً، أي إذا استخدمت الترامادول لفترة طويلة أو بجرعات عالية، فقد يؤدى إيقافك تناول الترامادول فجأة إلى ظهور أعراض الانسحاب عليك، ولمنع ظهور هذه الأعراض، راجع طبيبك الذي سيقوم بتخفيض جرعتك من الترامادول ببطء.

وتتمثل أعراض الانسحاب عند التوقف بشكل مفاجئ عن تناول الترامادول، فيما يلي:

  1.  الأرق.
  2.  تغيرات عقلية ومزاجية (بما في ذلك القلق، مشاكل النوم الأفكار الانتحارية).
  3.  دموع العين.
  4. سيلان الأنف.
  5. الغثيان.
  6. الإسهال.
  7. التعرق.
  8. آلام العضلات.
  9. حدوث تغييرات مفاجئة في السلوك.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-