منظومة آرو Arrow المضادة للصواريخ الباليستية .. أعلى طبقات الدفاع الجوي الإسرائيلي

في نهاية أكتوبر 2023، شهدت الإنسانية أول معركة فضائية في تاريخها.

صاروخ آرو المضاد للصواريخ الباليستية، هذه الصورة كانت جزء من تجربة ناجحة قام فيها باعتراض صاروخ قصير المدى، التجربة تمت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية حيث لم يكن من الممكن إجراء الاختبار في إسرائيل بسبب "إجراءات السلامة" حسبما أعلن وقتها
صاروخ آرو المضاد للصواريخ الباليستية، هذه الصورة كانت جزء من تجربة ناجحة قام فيها باعتراض صاروخ قصير المدى، التجربة تمت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية حيث لم يكن من الممكن إجراء الاختبار في إسرائيل بسبب "إجراءات السلامة" حسبما أعلن وقتها، US Navy News Service، public domain.

كان ذلك عندما أصبحت منظومة آرو Arrow الإسرائيلية المضادة للصواريخ الباليستية هي أول منظومة في التاريخ تقوم بإسقاط صاروخ باليستي وهو لا يزال في الفضاء.

حيث انطلق الصاروخ آرو 2 الإسرائيلي ليسقط صاروخا أطلقته جماعة (أنصار الله) الحوثية المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء منذ سنوات.

كان ذلك بمثابة شهادة الميلاد الحقيقية للمنظومة التي تم تطويرها أساسا بواسطة شركة شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI) بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية.

برنامج الصواريخ آرو:

إذا أردنا معرفة القصة بالتفصيل، فصواريخ آرو هي ثمرة برنامج لإنتاج صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية، يعد واحدا من الأدلة على ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لتفوق إسرائيل العسكري.

فنجد حتى أن (المكتبة الافتراضية اليهودية) وهي مكتبة يهودية عملاقة على الإنترنت تصفه بأنه: (أحد الركائز الأساسية للعلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل).

ويعود أصل الحكاية إلي السادس من مايو عام 1985، حينما وقعت إسرائيل والولايات المتحدة اتفاقية (محتوياتها سرية) لكن مضمونها علني.

بموجب هذه الاتفاقية، أصبحت إسرائيل شريكا في أبحاث ما يعرف باسم مبادرة الدفاع الاستراتيجي الأمريكي أو (حرب النجوم).

هذه الاتفاقية مكنت الإسرائيليين من الإطلاع والحصول على كل المعلومات التي تمتلكها أقوى دولة في العالم في هذا المجال، والاستفادة منها في تطوير منظوماتها الصاروخية.

بالرغم من أن قصة تطوير منظومة آرو المضاد للصواريخ الباليستية هي مثال واضح على الدور الأمريكي في التفوق العسكري الإسرائيلي، إلا إن إسرائيل نفسها لو لم تكن تمتلك المعاهد العلمية المتطورة فلم تكن ستستفيد أو تنجز شيئا، الصورة لنموذج لصاروخ آرو 1 حيث يعرض حاليا في التخنيون أو المعهد التكنولوجي الإسرائيلي، المكان الذي عمل على تطويره
بالرغم من أن قصة تطوير منظومة آرو المضاد للصواريخ الباليستية هي مثال واضح على الدور الأمريكي في التفوق العسكري الإسرائيلي، إلا إن إسرائيل نفسها لو لم تكن تمتلك المعاهد العلمية المتطورة فلم تكن ستستفيد أو تنجز شيئا، الصورة لنموذج لصاروخ آرو 1 حيث يعرض حاليا في التخنيون أو المعهد التكنولوجي الإسرائيلي، المكان الذي عمل على تطويره، Gellerj، CC BY-SA 3.0 DEED، via wikimedia commons.

الأكثر من ذلك، أن عمليات تطوير الصواريخ الإسرائيلية أصبحت تتم بتمويل أمريكي، وهكذا أعطت الولايات المتحدة العلم والمال في آن واحد.

في أعقاب ذلك الاتفاق، أنشأ الإسرائيليين منظمة أسموها (منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية) والتي يشار إليها اختصارا باسم IMDO لتصبح أحد الأقسام التي تتبع مديرية أبحاث وتطوير الدفاع (DDR&D) في وزارة الدفاع الإسرائيلية.

هذه المنظمة مسؤولة عن تطوير وإدارة وتحسين أنظمة الدفاع النشطة الإسرائيلية بما في ذلك الصواريخ الاعتراضية وقاذفات الصواريخ والرادارات وأنظمة القيادة والسيطرة وغير ذلك.

وكان من بين أهم المشاريع التي عملت عليها هذه المنظمة، هو مشروع منظومة آرو Arrow المضادة للصواريخ الباليستية، وهو المشروع الذي انطلق في العام التالي مباشرة على توقيع الاتفاق أي في عام 1986.

أعلى طبقات الدفاع الجوي الإسرائيلي:

الدفاع الجوي بمفهومه العام، في كل أنحاء العالم وليس إسرائيل فقط، ينبغي أن يتكون من عدة طبقات، كل طبقة تحميها منظومات مختلفة.

فهناك منظومات تحمي الارتفاعات العالية وأخرى تدافع عن الارتفاعات المتوسطة، وبينهم طبقة متوسطة كذلك، وكل هذه مدعوم بالعديد من أجهزة الرادارات المختلفة الأنواع، وتشكيلة من أجهزة الاستشعار الأخرى.

يجب أن يجتمع كل هذا لنقول أننا أمام (نظام الدفاع الجوي المتكامل) وهو نظام يتكون من عدد كبير من الانظمة تعمل معا بشكل متناسق وتكاملي، ويشار إليها اختصارا باللغة الانجليزية (IADS).

فعلى سبيل المثال، المنظومة آرو Arrow المضادة للصواريخ الباليستية، تحمي إسرائيل من الصواريخ الباليستية لكنها تحتاج إلى أنظمة صواريخ قصيرة المدى لحراستها وحمايتها من التهديدات التي تقترب منها بالفعل، مثل الصواريخ والقذائف التي تنطلق من مسافات قصيرة، وإلا أصبحت عرضة للاستهداف والتدمير من المقاتلات مثلا.

بدأ الإسرائيليين في تطوير نظامهم للدفاع الجوى ضد الصواريخ الباليستية منذ منتصف الثمانينات ليستخدموه عام 2023، صورة لاختبار له تم في أغسطس 2020
بدأ الإسرائيليين في تطوير نظامهم للدفاع الجوى ضد الصواريخ الباليستية منذ منتصف الثمانينات ليستخدموه عام 2023، صورة لاختبار له تم في أغسطس 2020، United States Missile Defense Agency، public domain.

وهكذا فإن منظومة آرو Arrow المضادة للصواريخ الباليستية هي الطبقة العليا من منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، وبرغم ذلك فهي قادرة أيضا على التصدي للصواريخ قصيرة المدى.

لكن أهمية هذه المنظومة تتضح بالذات في مهمتها ضد الصواريخ الباليستية، خصوصا تلك الأنواع التي تمتلكها عدوة إسرائيل اللدود إيران وحلفائها في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن (يمكنكم الاطلاع على عدد من أهم أنواعها في تقرير: قدرات إيران الصاروخية وطائراتها بدون طيار.. ومدى تأثيرها) كما يمكنكم الإطلاع على تفاصيل أحد أكثر تلك الصواريخ تطورا وهو صاروخ خيبر شكن. ويعني بالعربية (كاسر خيبر) الذي استمد الإيرانيين اسمه من المعركة الشهيرة التي انتصر فيها المسلمين بقيادة النبي صلى اللّه عليه وسلم على يهود خيبر.

وبعيدا عن العواطف، فبنظرة إلي الامكانيات المعلنة للمنظومة فهي تعد واحدة من أفضل منظومات الدفاع الجوي ضد الصواريخ الباليستية تطورا في العالم.

مواصفات منظومة آرو Arrow المضادة للصواريخ الباليستية:

  • المنظومة مكونة من قواذف صواريخ، والرادار EL/M-2080 Green Pine radar، ومركز قيادة وتحكم يسمي (شجرة البندق) أو Hazelnut Tree، ومركز إدارة قتال يسمي شجرة السيترون Citron Tree.
  • مدى رصد الأهداف: 500 كم.
  • تستطيع التصدي للأهداف التي تحلق بسرعة 3 كم في الثانية الواحدة أي 180 كم في الدقيقة أي ما يزيد عن 8 أضعاف ونصف سرعة الصوت.
  • تستطيع صواريخها الاقتراب حتى مسافة 4 متر من الهدف ثم تنفجر بشدة ما يضمن تدمير الصاروخ، فهي لا تصطدم بالصاروخ المهاجم اصطداما مباشرا.
  • كل قاذف في المنظومة يحتوى على 6 صواريخ على الأقل.
  • يمكن للمنظومة أن تعمل على التصدى لأربعة عشر صاروخا في وقت واحد.
  • المنظومة متوافقة مع وصلة البيانات Link-16 الأمريكية، مما يسمح لها بالاتصال مع أنظمة دفاع جوى أخرى مثل (باتريوت) أو أيا من أنظمة الدفاع الجوي الأخرى التي تتوافق مع وصلة البيانات تلك، وهكذا يمكن لهذه المنظومات ليس فقط تبادل المعلومات عن رصد صاروخ أو تجاهه أو سرعته، بل حتى ترك المنظومة ذات فرصة الاعتراض الأفضل تتعامل معه، وربما اعتراضه بواسطة أكثر من منظومة.

الصاروخ آرو 2:

قواذف صواريخ آرو 2
قواذف صواريخ آرو 2 , aick, CC BY-SA 3.0 DEED, via wikimedia commons.

أما عن مواصفات الصاروخ آرو من فئة Arrow 2، فهو صاروخ من مرحلتين، يعمل بالوقود الصلب، ويصيب أهدافه في الغلاف الجوي العلوى من كوكب الأرض upper atmosphere.

طول الصاروخ آرو 2 يصل إلى 7 متر، مع قطر 800 ملم، ويصل وزنه عند الإطلاق 1300 كجم.

دخل الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي لأول مرة في العام 2000، ويستطيع الاشتباك مع أهداف لمسافة 70 كم وتطير على ارتفاعات تصل حتى 90 كم.

اختبار ناجح:

كانت إسرائيل قد سبق لها إطلاق صاروخ آرو من طراز Arrow 2 بنجاح في شهر أغسطس 2020.

هذا الاختبار حسبما إعلن وقتها تم بالتعاون مع وكالة الدفاع الأمريكية وشركة صناعات الطيران الإسرائيلية (IAI) والقوات الجوية الإسرائيلية (IAF).

استخدامه في عملية السيوف الحديدية:

في السابع من أكتوبر 2023، وردا على هجوم طوفان الأقصى الذي شنته حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على عدد من المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رد جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق عملية (السيوف الحديدية) التي تحولت في وقت لاحق إلي حرب شاملة ضد قطاع غزة.

في هذه الحرب، استخدمت إسرائيل منظومات آرو Arrow، جنبا إلى جنب مع منظومات (القبة الحديدية) الشهيرة.

كشف عن ذلك متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي في تصريحات أدلى بها لوكالة رويترز، والذي قال أن الصاروخ الذي اعترضته منظومة آرو Arrow كان قادما من اتجاه البحر الاحمر.

تعد مدينة إيلات واحدة من أهم مدن الكيان الغاصب، فهي وجهة سياحية هامة، علاوة على كونها ميناء إستراتيجي مهم، والمنفذ البحري الإسرائيلي الوحيد على البحر الاحمر
تعد مدينة إيلات واحدة من أهم مدن الكيان الغاصب، فهي وجهة سياحية هامة، علاوة على كونها ميناء إستراتيجي مهم، والمنفذ البحري الإسرائيلي الوحيد على البحر الاحمر، Attribution: Dr. Avishai Teicher Pikiwiki Israel.

وأضافت صحيفة هآرتس الإسرائيلية وقع الحادث يوم الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول ويعتقد أن الصاروخ كان يستهدف مدينة إيلات المحتلة والمطلة على البحر الاحمر.

وبحسب صحيفة التلغراف البريطانية الشهيرة، فقد تم اعتراض الصاروخ وتدميره فوق (خط كارمان)، الذي يقع على ارتفاع 62 ميلاً (100 كيلومتر) فوق مستوى سطح البحر ويُعرف على نطاق واسع بأنه حدود الفضاء.

هذا الارتفاع بحسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا يدخل ضمن نطاق طبقة الثيرموسفير، الطبقة الرابعة والأخيرة من الغلاف الجوي لكوكبنا.

ذلك لأن طبقة التروبوسفير (troposphere): من 0 إلى 12 كم، وطبقة الستراتوسفير (stratosphere): من 16 إلى 50 كم، وطبقة الميزوسفير (mesosphere): من 50 إلى 80 كم، وطبقة الثيرموسفير (thermosphere): من 80 إلى 640 كم.

المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات