الخلفاء الراشدين بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هم أبو بكر الصديق، الفاروق عمر بن الخطاب، ذو النورين عثمان بن عفان، الإمام على بن أبي طالب، والبعض يضيف إليهم الإمام الحسن بن علي.
![]() |
تصميم اسم أبو بكر الصديق في مسجد آيا صوفيا، تركيا، الصورة من: Masamaraqa، CC0 1.0، via wikimedia commons. |
شكل هؤلاء -رضي الله عنهم وأرضاهم- حكم الدولة الإسلامية عقب وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم، وحتى بداية حكم (معاوية بن أبي سفيان) والذي أسس الدولة الأموية.
كم سنة دامت خلافة الخلفاء الراشدين؟:
إن عدد السنين التي استمرت فيها الخلافة الراشدة لهي من علامات صدق نبوة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، إذ قال في الحديث الوارد في (سنن أبي داود): "خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء أو ملكه من يشاء"، قال الألباني: (حديث حسن صحيح).
كما روي الترمذي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك).
وهناك رأيان في هذه المسألة.
الرأي الأول يقول أصحابه بأن مدة الخلافة الراشدة قد انتهت باستشهاد الإمام على -رضي الله عنه-.
وقد فصل الإمام (محمد بن عبد الرحمن العلقمي)، وهو مختلف عن (مؤيد الدين بن العلقمي) وزير الخليفة العباسي المستعصم، والذي خانه وتآمر مع المغول لدخول بغداد.
فالإمام العلقمي هو عالم دين، وكان تلميذا للحافظ السيوطي، ومدرسا في الأزهر الشريف، وفصل مدة الثلاثين سنة كما هو آت:
![]() |
تصميم اسم أبو بكر الصديق في مسجد آيا صوفيا، تركيا، الصورة من: Bassem، via wikimedia commons. |
- مدة خلافة أبي بكر الصديق : سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وهو أول الخلفاء الراشدين، وأول خليفة بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وفي عهده انتصر المسلمين في حروب الردة، كما فتحت الكثير من البلدان بعد انتصارات عسكرية مبهرة على أقوى دولتين في العالم يومها، فارس والروم.
- مدة خلافة عمر بن الخطاب: عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام، وخلالها جرت فتوحات عظيمة، أهمها فتح الشام والقدس ومصر وفارس، وقد نظم خلالها الكثير من شؤون الدولة، ومات شهيدا وهو يصلي بعدما طعنه (أبو لؤلؤة المجوسي).
- مدة خلافة عثمان بن عفان: إحدي عشر سنة وأحد عشر شهرا، وتسعة أيام، وأهم أعماله كتابة عدة نسخ من القرآن الكريم، فيما عرف باسم (مصحف عثمان).
- مدة خلافة علي بن أبي طالب: أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام، وكانت فترة حكمه مليئة بالنزاع مع الخوارج (يمكن في هذا الصدد الإطلاع على تقريرنا: حرقوص بن زهير أو "ذو الخويصرة التميمي".. أول الخوارج في الإسلام.. وأستاذ داعش منذ عصر النبي) ومع معاوية بن أبي سفيان.
أما الرأي الثاني -ونحن نميل إليه-، فيضيف أصحابه مدة خلافة الإمام الحسن بن علي -رضي الله عنه-، والتي لم تكن سوى بضعة شهور.
فبمسألة حسابية بسيطة، سنجد أن وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم كانت في ربيع الأول سنة أحد عشرة للهجرة، وقد تنازل الإمام الحسن عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان في ربيع الأول سنة واحد وأربعين للهجرة، وبذلك تكتمل الثلاثين عاما التي أخبر بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالتمام والكمال.
وبهذا الرأي قال (ابن كثير) وكذلك (القاضي عياض) و (ابنُ أبي العز الحنفي) في كتاب "شرح الطحاوية"، وبذلك الرأي أيضا قال (ابن حجر الهيثمي).
في خلال العقود الثلاثة، حافظ الخلفاء الراشدين على دعوة الحق، وحكموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى اللّه عليه وسلم والشورى بين الناس، وهزموا المرتدين، وتوسعت في عهدهم رقعة الدولة الإسلامية، ودخل الناس في دين الله أفواجا.
كما استمرت عاصمة الحكم هي (المدينة المنورة) حتى انتقلت في نهاية الأمر إلي الكوفة في العراق، بخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
ومن ملاحظة الأسماء، نجد أن تعاقب الخلفاء لم يكن بالوراثة كما سار الحال بعد ذلك في الدولتين الأموية والعباسية، بل كان بالاختيار من الناس والبيعة.