الأحدث

الصهيونية .. ما الفارق بينها وبين الدين اليهودي .. وكيف قامت بتأسيس إسرائيل

في عالمنا، الكثير من المصطلحات والمفاهيم التي قد تتداخل علي القارئ، وبناء علي ذلك قد يحدث مشكلات في التعامل مع البشر عموما، وربما من أكثر المصطلحات تداخلا علينا هو مصطلح "اليهودية" ومصطلح الصهيونية. ولذا فمن المهم إيصال وتوضيح الفارق بين كليهما.

اليهودية:

اليهودية هي دين من الأديان التي أنزلها الله عز وجل علي نبيه موسي –عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام-. واليهود هم بشر من بني البشر، لهم علينا حق السلام والاحترام، وأي معاداة لهم لمجرد أنهم يهود هو أمر مرفوض شرعيا وإنسانيا وعقليا.

الصهيونية:

مسيرة الاعلام الصهيونية السنوية في القدس، يستفز الصهاينة في هذه المسيرة مشاعر المسلمين من أصحاب مدينة القدس الأصليين، ويحاولون اقتحام المسجد الأقصى ثالث أقدس مكان ديني لدي المسلمين، صورة من مسيرة عام 2018، بسبب مسيرة كتلك اندلعت حرب عام 2021 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، Nettadi، (CC BY-SA 4.0), via wikimedia commons.

الصهيونية في أحد أبسط وأشمل تعريفاتها أنها الإيمان بحق اليهود في الاستيلاء علي أرض فلسطين. وبالتالي فأي شخص يؤمن بهذا الرأي هو صهيوني، يهودي كان أو مسيحي أو مسلما. فكل من يؤمن بحق اليهود اغتصاب أرض فلسطين فهو صهيوني.

الصهيونية حركة تم تأسيسها لتعمل علي إنشاء الدولة القومية لليهود علي أرض فلسطين، وقد نشأت في أوروبا الشرقية والوسطى في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر.

لكن هذه الحركة لها جذورها منذ القرنين السادس عشر والسابع عشر، إذ بدأت في محاولة لإقناع اليهود بـ "العودة" إلى فلسطين.

وربما يكون ذلك هو الخيط الذي حاول منه الإمبراطور الفرنسي الأشهر على الاطلاق (نابليون بونابرت) إطلاق دعوته الشهيرة في العام 1799 عقب هزيمته أمام أسوار عكا التي ردته خائبا.

دعوة بونابرت كانت موجهة لليهود بأن يتجمعوا من كل بلدان العالم ويأتوا إلي فلسطين، وقال فيها: ((أيها الإسرائيليون انهضوا، فهذه هي اللحظة المناسبة، إن فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملةً إرث إسرائيل، سارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم)).

هذه الدعوة تنطلق من إدراك نابليون بونابرت أحد أعظم القادة العسكريين في التاريخ للاهمية الإستراتيجية لمصر والشام، وأنه لابد من قطع الطريق الذي يصل مصر على وجه التحديد إلي محيطها العربي من ناحية الشمال والشرق، هذا من الناحية الجغرافية يحتاج لزرع كيان غريب عن المنطقة، ويتم دعمه من الخارج.

أما من الناحية التاريخية، فهذا يعتبر تكرارا لما فعلته الحملات الصليبية، إذ تم وضعها في نفس المكان بالضبط، وتجمع الصليبيين في مستوطنات، تماما كما يفعل المستوطنين الصهاينة حاليا، وتأسس كيان يعتمد بصورة كبيرة على الغرب، لذا فكان لابد من اتصاله بالبحر حتى يستمر بالحياة، وكان هذا الحال في الإمارات الصليبية وفي إسرائيل اليوم.

لهذه التشابهات يعتبر بعض المؤرخين (ومنهم الدكتور والمؤرخ المصري العظيم قاسم عبده قاسم) والإستراتيجيين العرب (الرئيس المصري الراحل أنور السادات) أن إسرائيل ما هي إلا حملة صليبية جديدة.

البارون الصهيوني إدموند روتشيلد، يمكن وصف هذا الرجل بأنه كان صهيونيا حتى النخاع، وبأمواله تأسست أول المستعمرات الصهيونية على أرض فلسطين منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، unknown author, public domain.

لكن ومما يؤكد أن ليس كل صهيوني هو يهودي، وليس كل اليهود صهاينة بالضرورة، وجود حركة مثل "هسكاله" أو ما يعرف باسم "التنوير اليهودي" في أواخر القرن الثامن عشر والتي حثت اليهود على الاندماج في الثقافة الغربية العلمانية والتخلي عن الحلم الصهيوني.

لكن في أوائل القرن التاسع عشر، ظل الاهتمام بعودة اليهود إلى فلسطين حياً من قبل أتباع الألفية المسيحية "الألفية المسيحية كانت جماعة تؤمن بعودة السيد المسيح عليه السلام عند الألف الثانية من ميلاده ، أي سنة 2000".

على الرغم من النشاط المضاد من حركة "هسكاله" فلم يذوب يهود أوروبا الشرقية في مجتمعاتهم، ورداً على المذابح التي قامت بها قوات القيصر في روسيا ضد اليهود، تشكلت حركة عرفت باسم "عشاق صهيون" لتعزيز توطين المزارعين والحرفيين اليهود في فلسطين.

ومن هذا المنطلق، ظهر مصطلح "الحركة الصهيونية" لأول مرة في العام 1885 على يد الكاتب الصهيوني النمساوي "ناتان بيرنباوم"، والذي اشتق لفظ "الصهيونية" من مصطلح "صهيون" الذي يشير إلي جبل صهيون وهو أحد الجبال المحيطة بمدينة القدس.

ومن بريطانيا، كان هناك محركا دافعا وقويا للحركة الصهيونية، بل ويمكن وصفه بأنه كان "حجر أساس" عليه قامت الكثير من الخطوات الصهيونية اللاحقة ولولاه لما تمت، نتحدث هنا عن البارون البريطاني "إدموند روتشيلد" الذي زار فلسطين أربع مرات لاستطلاع أحوالها ووضع الخطط اللازمة لبدء الهجرة اليهودية إليها.

بأمواله، مول إدموند روتشيلد اللبنة الأولى في الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، عبر تمويل إنشاء ما يزيد على 30 مستعمرة يهودية، كان على رأسها مستعمرة "ريشون لتسيون" والتي وللمفارقة الغير مستغربة كان علمها هو نفسه العلم الإسرائيلي الحالي.

وتقديرا لدور البارون إدموند روتشيلد في خدمة الصهيونية، اقيم ضريح تذكاري له موجود حاليا بالقرب من مدينة حيفا المحتلة، تحرص إسرائيل حتى يومنا هذا إلي تنظيم رحلات لأطفال المدارس الإسرائيلية لزيارة هذا الضريح ومعرفة قصة صاحبه الصهيوني.

أبو الصهاينة:

يعد الاسم الأشهر في تاريخ الصهيونية هو (تيودور هرتزل) الصحفي النمساوي الذي شهدت معه الصهيونية تحولات ضخمة، فكان له رأيان الأول هو أن اليهود يجب أن يندمجوا داخل المجتمعات الأوروبية لكن مع محاربة "معاداة السامية" التي تستهدفهم.

ديفيد بن جوريون واقفا يتلو إعلان قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، من تظنون صاحب الصورة المعلقة في الخلفية وراء كل هؤلاء المجتمعين؟ إنه تيودور هرتزل، أبو الصهاينة، Israel Ministry of Foreign Affairs، public domain.

لكن الرأي الثاني من أفكار هرتزل يدور حول أن اليهود مجبرين عن طريق الضغط الممارس عليهم أن يكونوا أمة، وأنهم لن يمكنهم عيش حياة طبيعية إلا من خلال التمركز في منطقة واحدة.

وفي عام 1897 عقد هرتزل أول مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا، والذي وضع برنامج للحركة الصهيونية، بهدف أن "الصهيونية تسعى جاهدة لإنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام ويتم الاعتراف به".

كان ذلك بعد عام واحد من نشره كتابه "الدولة اليهودية"، والذي صدر باللغة الألمانية، ليعلن فيه أفكاره عن تأسيس كيان يهودي كدولة مستقلة.

كما أسس هرتزل مقر للحركة في العاصمة النمساوية (فيينا) ومن هناك أصدر جريدة  Die Welt "العالم". كما مثلت فكرة "البحث عن دولة كبرى" ترعي وتحمي وتشارك في تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين أحد أهم أفكار تيودور هرتزل التي جعلتها الصهيونية كحركة وإسرائيل من بعدها كدولة، دستورا لعملها لا تحيد عنه، ففي البداية كانت بريطانيا، وحاليا الولايات المتحدة.

وفي حين كانت المؤتمرات الصهيونية تجتمع سنويًا حتى عام 1901 ثم كل عامين بعد ذلك التاريخ. فلقد رفضت الحكومة العثمانية طلب هرتزل بالحكم الذاتي الفلسطيني، وبالتحديد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي كان أقصى ما قدمه في هذه المسألة لليهود هو السماح لهم بالحج لفلسطين مع الحق في البقاء فيها بعد نهاية الحج مدة لا تزيد عن 3 شهور فقط.

لكن السيد هرتزل وجد الدعم في بريطانيا العظمى. وفي عام 1903 عرضت الحكومة البريطانية عليه 6000 ميل مربع (15500 كيلومتر مربع) من أوغندا غير المأهولة للاستيطان اليهودي فيها بدلا من إثارة المشاكل مع العرب والمسلمين، لكن الصهاينة صمدوا من أجل فلسطين، وصمموا عليها.

في تلك الحقبة كان التضليل هو عنوان الحركة الصهيونية الداعية للهجرة اليهودية إلي أرض فلسطين، والتي كانت توصف بأنها أرض خالية من السكان لا يعيش فيها أحد، وذلك لهدفين أولهما تشجيع هجرة اليهود أنفسهم، وثانيا إقناع الرأي العام العالمي أن اليهود لن يغتصبوا أرضا لا يمتلكونها، ولن يقتلعوا شعبا كاملا منها.

ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن تلك الحقيقة، أن الرجل الثاني في الحركة الصهيونية وقتها، وهو "ماكس نورداو" وكان طبيبا وكاتبا صهيونيا، أرسل إثنين من رجال الدين اليهود إلي فلسطين لدراسة أوضاعها.

صورة لمدينة يافا الفلسطينية المحتلة، تاريخ الصورة يعود للعام 1900 تقريبا، وقتها كان هناك شعبا أسمه الشعب الفلسطيني يعيش فوق هذه الأرض جيلا بعد جيل منذ آلاف السنين.

جاء رد بعثة ماكس نورداو كما يلي: "العروس جميلة جدا، وتستوفي جميع الشروط المطلوبة، ولكنها متزوجة بالفعل". كان ذلك دحضا صهيونيا لفكرة الصهيوني الأبرز وقتها هيرتزل بأن فلسطين أرضا بلا شعب.

عند وفاة هرتزل عام 1904، انتقلت القيادة من فيينا إلى كولونيا في ألمانيا ثم إلى برلين. وقبل الحرب العالمية الأولى التي اندلعت في عام 1914، كانت الصهيونية تمثل أقلية فقط من اليهود، ومعظمهم من روسيا.

لكن بقيادة النمساويين والألمان. طورت الدعاية من خلال الخطباء والمنشورات، وأنشأت صحفها الخاصة، وأعطت قوة دفع لما أطلق عليه "النهضة اليهودية" في الآداب والفنون. حدث تطور اللغة العبرية الحديثة إلى حد كبير خلال تلك الفترة بعدما كانت الغالبية العظمي من اليهود يتحدثون لغة البلد التي يعيشون فيها.

من مشاهير الصهاينة:

  • بالطبع سيكون ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل عند قيامها عام 1948 علي رأس القائمة.
  • يعتقد البعض أن العالم (ألبرت إيناشتين) كان صهيونيا، بينما ينكر البعض ذلك ويعتبروها إدعاءا صهيونيا كاذبا.
  • الرئيس الأمريكي المنتخب (جو بايدن) له فيديو شهير يتحدث فيه عن ضرورة إيقاف حتى من يتحدث عن ضرورة أن تعتذر أمريكا عن دعم إسرائيل. وإنه إن لم تكن إسرائيل موجودة لكان علي الولايات المتحدة "اختراع" إسرائيل. وله فيديو ثاني قال فيه نصا: "لقد قال لي والدي، أنه لا يشترط أن تكون يهوديا لتصبح صهيونيا ولهذا فأنا صهيوني". كما قال أيضا: "تخيلوا العالم بدون إسرائيل ... كم عدد السفن الحربية التي ستكون هناك –يقصد في الشرق الأوسط- كم عدد الجنود الذين سيتمركزون هناك؟".


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-