مجددا، تحاول جماعة أنصار ﷲ الحوثية ضرب أهداف في عمق الدول الخليجية، وهذه المرة بهجوم شنته طائرة مسيرة بدون طيار على مطار أبها السعودي.
صورة من مقطع فيديو نشره ما يسمي الإعلام الحربي التابع للحوثيين لهجوم سابق نفذته طائرة مسيرة بدون طيار. |
فوفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (و أ س) فإن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي صرح بأن الدفاعات الجوية السعودية تمكنت من إحباط (محاولة عمل عدائي عابر للحدود) باستخدام طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.
وقوع إصابات:
للأسف، فلقد تم الإعلان عن وقوع إصابات نتيجة هذا الهجوم الذي حدث ظهر اليوم الخميس، إذ اصيب ١٢ شخص من جنسيات مختلفة بجروح.
المصابين من بين العاملين والمسافرين في مطار أبها الدولي الواقع جنوبي السعودية، وتوزعت جنسياتهم كالآتي: (إصابتين لسعوديين، ٤ مقيمين من بنغلاديش، ٣ مقيمين من الجنسية النيبالية، مقيم من الفلبين، مقيم من سيرلانكا، مقيم من الهند).
وكانت العاصمة الإماراتية أبوظبي قد تعرضت لهجوم حوثي تم أيضا بطائرات بدون طيار في ١٧ يناير الماضي، ما أسفر عن وقوع انفجار في ٣ صهاريج لنقل المحروقات البترولية بمصفح آيكاد ٣، كما اندلع حريق في منطقة الإنشاءات الجديدة في مطار (أبوظبي) الدولي، ما أسفر عن مقتل ٣ أشخاص وإصابة ٦ آخرين.
ونظر حينها إلي الهجوم على أبوظبي لأول مرة كرد حوثي على الانتصارات الميدانية التي تحققها قوات العمالقة التي تدربها وتدعمها الإمارات في اليمن، وبالتحديد في شبوة ومأرب، وحينها أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بيني غانتس عن استعداد بلاده لتقديم الدعم العسكري والمخابراتي للإمارات. كما أرسلت الولايات المتحدة مدمرة الصواريخ يو اس اس كول، بخلاف طائرات اف-٢٢ المقاتلة الشبحية، أقوى مقاتلة في العالم، إلي الإمارات لدعمها.
تلي هذا الهجوم ضد الإمارات هجوما آخر قالت جماعة عراقية غير معروفة أنها من نفذته، ما جعل الدولة الخليجية تبدو مستهدفة من الشمال ومن الجنوب.
وعلى ما يبدو، فإن الحطام والشظايا قد سقطت من آثار تدمير الطائرة المسيرة التي استهدفت مطار أبها، متسببة في سقوط المصابين، بخلاف تحطم العديد من الواجهات الزجاجية في المطار.
الطائرات المسيرة بدون طيار UAV من النوع المفخخ التي أعلن التحالف أن الهجوم على مطار أبها تم باستخدام واحدة منها، هي طائرات تسمي بالطائرات الانتحارية، إذ تعمل على الوصول للهدف والانفجار فيه، وليست مثل الطائرات دون طيار من الأنواع المسلحة والتي تكون مزودة بأجهزة رصد وتحديد أهداف، لتضرب أهدافها ثم تعود للمكان الذي اطلقت منه.
وقالت جماعة الحوثي المدعومة من إيران في تغريدة على تويتر إنها نفذت الهجوم، وبررته بما وصفته أنها تضرب منشآت تستخدم في الهجمات ضد اليمن، داعية المدنيين للابتعاد عنه.
المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع قال إن الجماعة قصفت هدفا عسكريا في مطار أبها بطائرة مسيرة مفخخة من طراز قاصف-٢، التي تقول أنها تصنعها محليا، بينما تؤكد التقارير أنها تحصل عليها عن طريق إيران.
مجموعة من عناصر حركة أنصار ﷲ الحوثية يرفعون شعار جماعتهم الذي يعلن العداء لأمريكا وإسرائيل، صنعاء، Mr. Ibrahem، (CC BY-SA 4.0), via Wikimedia commons. |
هذا وقد تم الإعلان عن عودة الحركة الجوية لمطار أبها الدولي بشكل إنسيابي في خلال ساعة بعد أخذ إجراءات السلامة المعتادة.
وكان قد وقع هجوم دامي في أواخر ديسمبر / كانون الأول من العام الماضي ٢٠٢١ على محافظة جيزان على ساحل البحر الأحمر ، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة سبعة.
الهجوم على مطار أبها مجددا:
وينظر إلي مطار أبها باعتباره أحد الأهداف الذي تستغل جماعة أنصار ﷲ الحوثية قربه من الحدود اليمنية جنوب المملكة العربية السعودية لتشن هجمات ضده.
وكان قد وقع هجوم كبير يوم الثلاثاء ٣١ أغسطس، عندما أصيب ثمانية مدنيين بعد اعتراض طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات فوق المطار، في سيناريو يعتبر مماثلا لهجوم اليوم.
هذه الضربة التي حدثت اليوم تمثل استمرارا لمسلسل التصعيد في منطقة الخليج العربي المصدرة للنفط، والتي تأتي متزامنة مع التوتر الشديد على الحدود الروسية-الأوكرانية والحديث عن سيناريوهات غزو روسيا لجارتها أوكرانيا، تعملان معا على رفع أسعار النفط في السوق العالمي.
وقد اعتادت ميليشيات الحوثي شن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على المناطق السعودية القريبة من الحدود مع اليمن -وأحيانا ضد مناطق أبعد- مستهدفة على الأخص المطارات والمنشآت البترولية.
في المقابل ترد السعودية بضربات جوية مكثفة يشنها سلاح الجو الملكي السعودي على منشآتها في اليمن، وتؤكد أن دفاعاتها الجوية تعترض بنجاح معظم الهجمات الحوثية.
لذا لم يكن مستغربا توعد التحالف الذي تقوده السعودية بإتخاذ "إجراءات عملياتية حازمة، ردّا على تهديد استهداف المطارات المدنية والمسافرين"، خصوصا أن التحالف كان قد رد على الهجوم ضد أبوظبي بضربات جوية شديدة القسوة ضد مواقع الحوثيين.
وفي بيان نقلته قناة العربية السعودية، حذر التحالف في وقت لاحق المواطنين اليمنيين في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون من تجنب المواقع المدنية المستخدمة لأغراض عسكرية خلال ال٧٢ ساعة القادمة،والتي قال أنه سيقصف خلالها مواقع إطلاق الطائرات المسيرة.
العميد المالكي المتحدث باسم التحالف وصف الهجوم بجريمة حرب، باعتبار مطار أبها الدولي أحد المطارات المدنية والمحمي بموجب القانون الدولي الإنساني.
وتقع مدينة أبها في الجبال الجنوبية الغربية للمملكة وتحظى بشعبية خاصة خلال فصل الصيف، حيث يسعى السعوديون والمغتربون إليها بسبب طقسها اللطيف هربا من الحر الشديد.
إدانات دولية واسعة:
وسط نيران الحرب، يعاني أطفال اليمن، أطفال يحتمون من المطر في مخيم للاجئين اليمنيين النازحين بالقرب من بلدة الضالع، ©2019 European Union (photographer: Peter Biro)، (CC BY-NC-ND 2.0)، via Flickr. |
وقد لقي الهجوم الحوثي على مطار أبها السعودي، إدانات دولية واسعة النطاق.
البرلمان العربي أدان استهداف مطار أبها، واصفا الهجوم بالأمر الذي يعرض حياة مئات المسافرين للخطر. وتابع البرلمان العربي: (هذه الهجمات لا تستهدف المملكة فقط، إنما تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها).
كما أدانت الحكومة الأردنية الهجوم بطائرة مُفخخة مسيرة ضد مطار أبها الدولي، وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية السفير هيثم أبو الفول إدانة واستنكار الأردن الشديدين لهذا العمل الإرهابي الجبان الذي أسفر عن وقوع عددٍ من الإصابات بين المدنيين، مُشدداً على وقوف بلاده المطلق إلى جانب المملكة.
من جانبها، أعربت العاصمة المصرية القاهرة عن بالغ إدانتها لمواصلة ميليشيا الحوثي هجماتها الإرهابية باتجاه أراضي المملكة العربية السعودية، والتي كان آخرها استهداف مطار أبها الدولي بطائرة مُسيرة.
وشملت قائمة الشخصيات والدول والمنظمات التي أدانت هجوم الحوثيين بطائرة مسيرة مفخخة بدون طيار على مطار أبها الدولي السعودي كل من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور نايف الحجرف، ودولة قطر، ومجلس وزراء الداخلية العرب، والولايات المتحدة، والسفير البريطاني في السعودية، ودولة الإمارات ودولة باكستان.
ومن جانبه قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان يدين "الهجوم الإرهابي" إن واشنطن ملتزمة بدعم المملكة في الدفاع عن شعبها وأراضيها.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد اجري اتصالا هاتفيا يوم أمس الأربعاء مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
هذا ويقاتل التحالف الحوثيين منذ أوائل عام ٢٠١٥ بعد أن أطاح التنظيم المدعوم من إيران بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من السلطة في العاصمة صنعاء، وسيطر كذلك على مساحات كبيرة من الأراضي اليمنية.
وتسبب الصراع المستمر منذ سبع سنوات في حدوث واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية من صنع الإنسان في العالم، حيث يحتاج ما يقرب من ٨٠٪ من سكان البلاد، والذين يقدرون بحوالي ٣٠ مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية والغذاء والأدوية، كما أودت بحياة ٣٧٧ ألف شخص سواء بشكل مباشر أو غير مباشر (٧٠٪ منهم من الأطفال)، وخسرت اليمن بسببها ١٢٦ مليار دولار أمريكي حتى نهاية عام ٢٠٢١.
في المقابل، قال التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في شهر ديسمبر / كانون الأول، إن الحوثيين أطلقوا أكثر من ٤٠٠ صاروخ باليستي وأكثر من ٨٥٠ طائرة مسيرة هجومية على المملكة العربية السعودية في السنوات السبع الماضية ، مما أسفر عن مقتل ٥٩ مدنياً.