النيازك .. حقائق عن الشهب التي تطارد الشياطين وتحير العقول

النيازك (جمع نيزك)، هي أجسام تنزلق في الفضاء الخارجي، ويمكنها أن تخترق الغلاف الجوي لكوكبنا وتصل حتى سطح الأرض.

نيزك خلال ما يعرف باسم زخات الشهب، صورة من Navicore، CC BY 3.0 DEED، via wikimedia commons.

منذ فجر التاريخ، أثارت النيازك اهتمام البشر، اهتماما لم يقتصر على علماء الفلك بل حتى الناس العاديين.

لكن العلماء يخبروننا بأن قصة النيازك مع الأرض ربما تسبق وبكثير وجود الإنسان نفسه عليها .. حيث تشير حساباتهم إلى أنها تسقط على الأرض منذ ما يزيد عن أربعة مليارات عام، وبالتحديد 4 مليارات و600 مليون سنة.

ما هو النيزك؟:

إذا فتحنا (قاموس جامعة كامبريدج البريطانية) سنجد تعريف النيزك بأنه: "قطعة من الصخر أو مادة أخرى من الفضاء تنتج ضوءًا ساطعًا أثناء انتقالها عبر الغلاف الجوي".

بشكل عام تتكون النيازك من الصخور والمعادن، وبعضها قد يحتوى على معادن غالية للغاية، وتمضي وقتها وهي تطفو بين الكواكب عبر الفضاء.

هناك تعريف آخر للنيزك تعتمده (ناشيونال جيوغرافيك) بأنه (خط من الضوء في السماء) ينتج عن صخرة فضائية تصطدم بالغلاف الجوي للأرض.

بشكل عام تتنوع النيازك وتختلف من حيث الحجم، المكان، النوع، والعديد من الاختلافات الأخرى، لكنهم يشكلون جميعا أعدادا لا حصر لها تحيط بكوكبنا من جميع النواحي، ولك أن تعلم أن نوع واحد يسمي (كرة الصحراء النارية) يكون شبكة من النيازك تغطي حوالى ثلث سماء أستراليا.

ما هي أنواع النيازك؟:

في الواقع هناك يا عزيزي أنواع كثيرة من النيازك.

إذا حاولنا مثلا التفرقة بين النيازك من حيث (الحجم) سنجد أنها تتراوح في أحجامها من حجم ذرات الغبار وصولا حتى حجم كويكب -الكويكب هو كوكب لكن صغير الحجم-.

نيزك فوق جزيرة سردينيا الإيطالية، صورة من Michael Eberth، CC BY-SA 4.0 DEED، via wikimedia commons.

لكن .. وبشكل عام إذا فرقنا بين النيازك من حيث (التكوين) فيمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أنواع:

• النيازك الحجرية: أكثر أنواع النيازك شيوعا وأكثرها سقوطا على الأرض.
• النيازك الحديدية: تتكون بشكل أساسي من الحديد والنيكل.
• النيازك الحديدية الحجرية: نيازك مختلطة من النوعين السابقين.
• النيازك الثمينة: بعض النيازك تحتوى على معادن ثمينة مثل الذهب، أو البلاتين، أو حبيبات من الماس، وبعضها أيضا يتم بيعه في مزادات حيث قد تصل أسعارها إلى مبالغ مالية ضخمة.

أين تسقط النيازك؟:

عندما يخترق النيزك الغلاف الجوي للأرض فإن ذلك يحدث بسرعة عالية للغاية وتبدأ عملية تعرف باسم (الاجتثاث الحراري).

وقتها يحدث تسخين نتيجة لاحتكاكه بالذرات والجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي، ومن ثم يحترق هذا النيزك، ويفنيه الاحتراق بشكل كامل فيتبخر لدرجة أن ما يصل منه إلى الأرض قد يكون صغيرا للغاية لدرجة أن لا أحد يشعر به.

ومع ذلك ففي بعض الحالات لا يحترق النيزك بشكل كامل ويستطيع أن يصل جسمه إلى سطح الأرض.

لا يوجد مكان أو حتى أماكن محددة لسقوط النيازك، بل إن كل نيزك يسقط في مكان مختلف عن الآخر بحسب اتجاهه وسرعته.

النيازك التي سقطت على الأرض:

صدق أو لا تصدق .. أطنان من النيازك تسقط على الأرض يوميا .. لكن من رحمة الله أنها تتفتت قبل الاصطدام المباشر، RafaelMousob (pixabay).

إن أي محاولة لحصر النيازك التي سقطت على الأرض هي عبث مطلق.

تواصل النيازك سقوطها على كوكبنا منذ مليارات السنين، وقد سقط منها الملايين بالفعل، وإن كان عدد قليل منها فقط هو ما بقي سليما حتى اليوم.

ولك أن تتخيل أن العلماء يقدرون بأن حوالي 48.5 طنًا (44 طنًا أو 44000 كجم) من المواد النيزكية تسقط على الأرض يوميًا، ومع ذلك فإننا لا نكاد نشعر بها ولا تؤثر على حياتنا اليومية، لأنها في غالبية الأحوال يتراوح حجمها بين حجم الحصى وبين حجم قبضة اليد.

هناك أيضا نيازك تسقط على الأرض بشكل منتظم.. على سبيل المثال (زخة شهب البرشاويات السنوية) والتي يسقط بسببها مئات النيازك في كل صيف.

تلك البرشاويات هي عبارة عن حطام من ذيل مذنب يسمي (سويفت تاتل) والذي تمر الأرض عبر مساره، وتدخل الغلاف الجوي العلوي للأرض ثم تحترق.

يبدو ذلك طبيعيا خصوصا مع فكرة (الجاذبية الأرضية)، لكن من بين أكثر النيازك إثارة للاهتمام تلك التي تعرف باسم (شهاب راعي الأرض).

المميز في شهاب راعي الأرض أنها تخترق الغلاف الجوي للأرض ثم تعود مرة أخرى وترتد إلى الفضاء دون أن تسقط بشكل مذهل يتحدي الجاذبية الأرضية.

ومع ذلك فإذا سقط أحد النيازك الضخمة على الأرض، فإنه يترك الكثير من الآثار التي تدل على أن نيزك ما سقط.

على سبيل المثال لدينا حادثة سقوط (نيزك تشيليابينسك) وهو من نوع يسمي (الشهاب الفائق) الذي يعد أكبر وألمع أنواع النيازك وأكثرها تدميراً، والتي تنتج أصواتا هائلة عندما تطير عبر السماء، وتنفجر في الهواء قبل أن تصطدم بالأرض.

انفجر نيزك تشيليابينسك، الذي سقط بالقرب من مدينة تشيليابينسك في روسيا عام 2013 بطاقة انفجارية تبلغ حوالي 500 كيلو طن من مادة "تي إن تي" الشديدة الانفجار والتي تستخدم في صنع الذخائر الحربية، ما أدي إلى تحطيم أبواب ونوافذ آلاف الشقق في المدينة الروسية التي حمل النيزك اسمها.

الفرق بين النيزك والشهاب:

نيزك كرة نار، التقطت هذه الصورة حوالي الساعة 5 صباحًا في منطقة بابكوك لإدارة الحياة البرية بالقرب من بونتا جوردا، فلوريدا، الولايات المتحدة الأمريكية، Diana Robinson، CC BY-NC-ND 2.0 DEED، via Flickr.

بحسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA، فإن النيازك Meteors والشهب Meteorites، كلاهما عبارة عن (ومضات من الضوء) يطلق عليها "النجوم المتساقطة" أو "الكرات النارية"، ويمكن أن يراها الناس أحيانًا وهي تنزلق عبر السماء.

بحسب أشهر وكالات الفضاء في العالم، فإن الشهب والنيازك كلاهما نفس الكائن، ولكن الفارق في التسمية فقط يعتمد على مكان وجوده في الفضاء وليس أكثر من هذا.

فعندما تكون لا تزال موجودة في الفضاء الخارجي فإنها تسمي (نيازك)، وعندما تدخل الغلاف الجوي للأرض (أو حتى الغلاف الجوي لكوكب آخر مثل المريخ) فإنها تصبح (شهب).

النيازك أو الشهب قد تراها بشكل منفرد، وقد تراها بأعداد كبيرة، في الحالة الثانية نستخدم لوصفها تعبير (وابلًا من الشهب) أو (زخات الشهب).

تحدث زخات الشهب بشكل سنوي أو على فترات منتظمة حينما تمر الأرض عبر مسار الحطام الغباري الذي يخلفه أحد المذنبات، وكل زخة من زخات الشهب ما يتم تسميتها باسم مختلف وفريد عادة ما يكون اسم نجم أو كوكبة قريبة من المكان الذي ظهرت فيه تلك الشهب.

وكما ذكرنا (البرشاويات) فهي بكل تأكيد أشهر زخات الشهب، وتبلغ ذروتها في شهر أغسطس من كل عام، وكما قلنا فهي قطع صغيرة تتحطم من مذنب (سويفت تاتل) الذي يتأرجح بالقرب من الشمس مرة كل 135 عامًا.

فوائد النيازك:

لكل مخلوق من مخلوقات الله عز وجل فائدة وهدف.

وكما تعرضنا لعلوم الإنسان واكتشافاته بخصوص النيازك والتي عرفنا أنها هي ذاتها الشهب، فإننا نتعرض الآن لفائدتها التي هي حق بينه الله عز وجل في كتابه الحكيم.

قبل الإسلام كانت الشياطين والجن يقعدون يسمعون أخبار الدنيا التي يتحدث بها الملائكة، لكن بعد بعثة المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم أصبح أقصى ما يمكنهم الحصول عليه هو خطفة واحدة (معلومة واحدة).

يقول سبحانه وتعالى:
((إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)). {الآية 10 : سورة الصافات}.

وقوله تعالى:
((وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا)) {الآية 8 : سورة الجن}.

هاتين الآيتين الكريمتين تبينان لنا أن النيازك قد تحولت وبالتحديد منذ بعثة النبي صلى اللّه عليه وسلم لإداء مهمة غاية في الخطورة.

فالدجالين والسحرة الذين يتعاملون مع الشياطين والجن كانوا فيما سبق البعثة النبوية يعتمدون عليهم في الصعود إلى السماء وسماع بعض الأخبار من السماء الدنيا يتحدث بها الملائكة، ثم يهبطون للأرض يخبرونهم بها.

هذا الوضع تغير بالتحديد بعد بعثة النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقد أصبحت النيازك أو الشهب تتبع هذه الشياطين والجن .. لتتحول مهمتهم السهلة فيما سبق إلى مهمة تشبه العمليات الانتحارية.

ولعلنا هنا نشير إلى الناس وننبهم لخطورة اتباع الدجالين والسحرة، فلك أن تدرك عزيزي القارئ مدى خطورتهم عندما تعلم أن الشياطين والجن مستعدين للموت في سبيل أن يعطونهم معلومة يخدعوك بها، فإما أن تكفر بالله أو لا تقبل صلاتك أربعين يوما.

وتدرك مدى خطورتهم كذلك عندما تقرأ هذا التقرير وتتعرف على هذه الترسانة الدفاعية البديعة التي سخرها الله -عز وجل- من أجل التصدي لهم.

وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه.

وهذا ما يفسر لنا ما يرصد عادةً من شهاب متعددة كل ليلة في كل ساعة، وهناك نهي من بعض العلماء لتتبع هذا المشهد بناظريك، سواء كان شهاب منفرد أو زخات من الشهب meteor showers.