الأحدث

الجيش الإسرائيلي يقوم بتدريبات ضخمة تحاكي ضرب إيران .. فهل يتجهز لبدء الحرب فعلا؟

وسط ما يقال عن "مخاوف من اقتراب إيران من تصنيع سلاح نووي"، يجري الجيش الإسرائيلي حاليا تدريبات تحاكي إندلاع حرب على ست جبهات.

صف من مقاتلات اف-٣٥ الشبحية التي حصلت عليها إسرائيل من أمريكا، إذا ما قررت إسرائيل ضرب إيران فعلا، فستكون هذه الطائرات رأس حربة أي ضربة جوية توجهها، released to Public domain by the Israeli Defence Forces Spokesperson's Unit.

إسرائيل منحت تلك التدريبات اسم "Chariots of Fire Drill" أو "تدريب عربات النار"، الاسم الذي يبدو مستلهما من الفيلم البريطاني الشهير الذي يحمل ذات الاسم، لكنه لم يكن فيلما حربيا، بل فيلم يروي القصة الحقيقية لاثنين من الرياضيين البريطانيين (أحدهما كان نجل أحد الأثرياء اليهود) اللذان جلبا المجد لبلدهم في الألعاب الأولمبية لعام ١٩٢٤ في باريس.

تدريب عربات النار:

بحسب صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" فإن القوات الجوية الإسرائيلية ستقوم بتنفيذ تدريبات تحاكي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

كما يستخدم الإسرائيليين حاليا "الذكاء الاصطناعي" AI في زيادة قائمة الأهداف العسكرية الإيرانية التي سيستهدفونها في وقت الحرب.

وقالت مجلة نيوزويك الأمريكية أن التدريبات الإسرائيلية ستبدأ نهاية شهر مايو الجاري، وتستمر لمدة شهر.

تأتي هذه التدريبات، بعدما زعم وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس يوم الثلاثاء الماضي أن إيران أمامها "أسابيع قليلة فقط" من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع القنبلة النووية الأولى، متجاوزة بذلك أرقام الأمم المتحدة التي تسمح لها بتخصيب اليورانيوم بنسبة تكفي لتوليد طاقة كهربائية.

غانتس قال في مؤتمر صحفي: "تواصل إيران مراكمة المعرفة والخبرة التي لا رجعة فيها، في التطوير والبحث والإنتاج وتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة".

وبخلاف هذا الحشد الإعلامي الكبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية التي تحدثت عن تدريبات Chariots of Fire Drill عربات النار، صدر أيضًا  تأكيد رسمي إسرائيلي على لسان رام بن باراك ، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس النواب الإسرائيلي، والذي أكد أمر التدريبات العسكرية خلال مقابلة إذاعية.

كما ذكر موقع Breaking Defense الأمريكي الشهير المتخصص في أخبار الدفاع، أن مسؤولون عسكريون إسرائيليون قد أكدوا له، إن سلاح الجو الأمريكي سيقدم عبر طائرات إعادة التزويد بالوقود في الجو خدمات التزود بالوقود للمقاتلات الإسرائيلية ، كما أفادت القناة ١٣ الإسرائيلية.

طائرة بوينغ-٧٠٧ تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، الطائرة التي انتجت أصلا كطائرة ركاب، تم تعديلها لتصبح طائرة إعادة تزويد بالوقود في الجو، في الصورة تقوم بهذه المهمة لطائرات مقاتلة إسرائيلية طراز اف-١٥  F-15s، Oren Rozen، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

((تجدر الإشارة إلي امتلاك إسرائيل لطائرات إعادة التزويد بالوقود في الجو بالفعل، ما يعني إما أن التدريب سيشارك به أعداد كبيرة للغاية من الطائرات لن تكفي طائرات التزويد بالوقود في الجو الإسرائيلية لتزويدها بالوقود، أما الاحتمال الثاني أنها إشارة أمريكية باستعداد واشنطن للمساعدة ولو لوجيستيا في الضربة المرتقبة ضد إيران)).

وقد أكد المتحدث باسم القوات الجوية المركزية الأمريكية (AFCENT) فيليب فينتورا، أن القوات الجوية أجرت بالفعل تدريبات تضمنت تدريبات للتزود بالوقود فوق المجال الجوي الإسرائيلي في ١٨ مايو الماضي، كجزء من "حدث تكاملت فيه مع دولة شريكة للولايات المتحدة الأمريكية"، لكنه قال إن الولايات المتحدة "لم تشارك بشكل مباشر" في التمرين الرئيسي.

وأضاف فينتورا في بيان إن مثل هذه الأحداث روتينية ونجريها بانتظام مع القوات الجوية للتحالف، والدول الشريكة في جميع أنحاء المنطقة. قائلا "تتمتع القوات الجوية المركزية الأمريكية AFCENT بسجل قوي في دعم المبادرات الدفاعية الثنائية مع إسرائيل ، لكنها لا تشارك بشكل مباشر في تدريب عربات النار الجاري حاليا".

مناورات فريدة من نوعها:

المناورات وصفت بأنها ستكون فريدة من نوعها وغير مسبوقة من حيث الحجم، وستمكن الجيش الإسرائيلي من الحفاظ على مستوى عالٍ من الجاهزية. وهي تهدف إلى تحسين القدرات العسكرية الإسرائيلية في حرب ستكون مكثفة ومتعددة الجبهات وطويلة الأمد.

ومن المقرر أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بتدريبات أخرى ضمن التدريب الرئيسي "Chariots of Fire Drill" "تدريب عربات النار"، فوق البحر المتوسط (من المتوقع أن تنطلق من قبرص) خلال الأسبوع الرابع والأخير من المناورة التي ستستمر شهرا اعتبارا من ٢٩ مايو الجاري.

كما ستشمل التدريبات حدوث معارك مفترضة على الحدود الشمالية حيث حزب الله اللبناني، أحد أهم أذرع إيران في المنطقة، والذي من المتوقع أن يشن هجمات انتقامية ضد إسرائيل في حال وجهت ضربة عسكرية لإيران.

بجانب كل هذا، ستقوم القوات البرية أيضا بتدريبات تحاكي إندلاع أعمال عنف داخل الأراضي المحتلة، بمعدلات مضاعفة عن ما شهدته العام الماضي إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في شهر رمضان ما قبل الماضي والذي استمر ١١ يوما، ولم ينتهي إلا بعد نهاية عيد الفطر قبل الماضي أيضًا، ولم تنتهي إلا بجهد كبير بذلته مصر لفرض هدنة غير مشروطة بين الطرفين.

يقول الإسرائيليين أنهم تعلموا الدرس من تلك الحرب، حيث اندلعت أعمال شعب خلالها في تلك المناطق، وكذلك في المدن التي يعيش فيها العرب واليهود بشكل مختلط مثل اللد ويافا، حيث قُتل شخصان وأصيب عدد من المدنيين.

مدفع هاوتزر إسرائيلي ذاتي الحركة يقصف قطاع غزة، جزء من العدوان الإسرائيلي على القطاع في عام ٢٠٢١، وهي العملية التي سمتها إسرائيل "حارس الأسوار"، released to Public domain by the Israeli Defence Forces Spokesperson's Unit.

لذا فإن الجيش الإسرائيلي يأمل من خلال هذه التدريبات أن يكون قادرا على إرسال القوات إلي المناطق المستهدفة، قبل اندلاع العنف وليس للرد على العنف، كما سيعمل على إبقاء الطرق مفتوحة في مناطق في النقب وفي منطقة وادي عارة في الشمال ليستطيع التحرك بشكل سريع.

ومن المؤكد أن تشمل التدريبات الإسرائيلية مسألة التصدي للرد الإيراني الذي قد يشمل استخدام طهران ترسانتها من الأسلحة الصاروخية الباليستية والطائرات بدون طيار، ومنها أحدث صواريخها طراز "خيبر شكن" أو كاسر خيبر.

كما أن بعض أنواع طائراتها بدون طيار وصلت إلي حد اختراق الحدود الإسرائيلية حسبما أعلن قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.

إشارات مخيفة لبدء الحرب:

الحقيقة أن العالم المنكوي أصلا بنيران حرب روسيا وأوكرانيا، أصبح اليوم يتابع إشارات مخيفة ومتتابعة على قرب إسرائيل من إشعال فتيل حرب قد تطال نيرانها الكثير من أرجاء الشرق الأوسط.

طبول الحرب كانت تدق في كلمات بيني غانتس عندما قال: (إن ثمن مواجهة التحدي الإيراني على المستوى العالمي أو الإقليمي أعلى مما كان عليه قبل عام، لكنه الآن أقل مما سيكون لو تأجلت المواجهة للعام المقبل).

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية الشهيرة، فإن هذه التدريبات ستكون ضخمة وكبيرة، إذ سيشارك فيها الآلاف من الجنود، كما سيستدعي قسما من جنود الاحتياط للتدريب.

وأضافت الصحيفة أن التدريب Chariots of Fire Drill عربات النار، سيشمل القوات البحرية أيضا، وجميع المناطق العسكرية في إسرائيل.

وفي ذات الوقت الذي سافر فيه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلي العاصمة الأمريكية واشنطن، فإن قائد القيادة المركزية الأمريكية حط رحاله في إسرائيل حيث سيلتقي رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما اعتبره البعض التمهيد ببن الحليفين للضربة ضد إيران.

بيني غانتس وزير الدفاع الإسرائيلي كان جنرالا ورئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي، released to Public domain by the Israeli Defence Forces Spokesperson's Unit.

وقالت صحيفة "الجيروزليم بوست" الإسرائيلية الناطقة باللغة الإنجليزية، أن المناورات ستتضمن قيام عدد كبير من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ هجمات على أهداف تقع على مسافة كبيرة من حدود إسرائيل.

في ذات التوقيت، من المفترض أن تقوم وحدات أخرى برصد أي أهداف أخرى قد تظهر لضربها، فيما وصفته الصحيفة الإسرائيلية بأنه سيكون أكبر تدريب في تاريخ الجيش الإسرائيلي.

هذه هي أكبر خطوة يقوم بها الإسرائيليين في ظل عدم اليقين من مسألة عودة إيران للاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام ٢٠١٥، إذ قررت الإنسحاب منه في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه.

ويتهم وزير دفاع إسرائيل إيران بأنها تعمل على استكمال إنتاج وتركيب ١٠٠٠ جهاز طرد مركزي متقدم من نوع IR6 ، في موقع جديد تحت الأرض بالقرب من منشأة نطنز النووية. وذلك في كلمة ألقاها غانتس في جامعة رايشمان الإسرائيلية بالقرب من تل أبيب.

كان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قد كشف العام الماضي عن وجود خطة إسرائيلية لشن عمل عسكري في حالة فشل المفاوضات النووية مع إيران، وذلك في حوار أجرته معه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.

غانتس حذر يومها قائلا: "اذا تم حشرنا في هذه الوضعية، سنقوم بذلك"... وأصدرت المجلة الأمريكية يومها تنويها قالت فيه أن وزير الدفاع الإسرائيلي في حديثه عن تلك النقطة بالتحديد أراد التأكيد عليها، فتحول في لغة الحديث من العبرية إلي الإنجليزية ليقول “We’re not America, but we have our capabilities"... أي نحن لسنا أمريكا، لكن لدينا قدراتنا.

وزير الدفاع الإسرائيلي في تصريحاته الأخيرة، دعا إلي تشديد العقوبات لمنع وقوع الحرب، ما يجعلنا نتذكر لقاءه أيضا الذي أشرنا إليه مع الفورين بوليسي، حيث حدد أن الخطة "ب" تتمثل في عقوبات صارمة على إيران، وأما الخطة "ج" فهي الحل العسكري.

ولا ننسي كذلك، انه وفي بداية العام الماضي ، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ، أفيف كوخافي ، أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بالبدء في وضع خطط هجوم جديدة ضد إيران.

وبحلول سبتمبر من العام الماضي أيضا، قال كوخافي إن الجيش الإسرائيلي "سرّع إلى حد كبير" الاستعدادات للعمل ضد برنامج طهران النووي.

لكن صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" كشفت عن وجود بعض نواقص الخطة الإسرائيلية لضرب إيران، حينما كشفت أن مسؤولو الدفاع الإسرائيلين يقدرون أن بعض جوانب خطط ضربات سلاح الجو الإسرائيلي، والتي لا تزال في مراحلها الأولى، يمكن أن تكون جاهزة في غضون فترة زمنية قصيرة، في حين أن البعض الآخر قد يستغرق أكثر من عام ليصبح قابلاً للتنفيذ بشكل كامل.

وتعد إسرائيل واحدة من تسع دول فقط حول العالم تمتلك السلاح النووي، وتشير الأرقام التقريبية أن المخزون الإسرائيلي من الأسلحة النووية يبلغ ٨٠ رأس نووي، لذا فهي تخشي أن امتلاك إيران للسلاح النووي قد يكسر حالة الاحتكار النووي التي تميزها في الشرق الأوسط منذ عقود.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-