الأحدث

كيفية التخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية.. الطريق ووسائل الشفاء

تعد قضية مشاهدة الأفلام الإباحية واحدة من أكثر المواضيع المسكوت عنها، وذلك برغم الحقيقة المؤسفة التي تكشف أن البلدان العربية بها أعداد كبيرة من معتادي مشاهدة تلك النوعية من الأفلام، من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية، ومن العزاب والمتزوجين.

يعد سؤال كيف أتوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية أحد أهم الأسئلة في هذا الزمان، pxhere, CC0 Public Domain. 

والحقيقة أن المشاكل المترتبة على اعتياد مشاهدة الأفلام الإباحية عميقة وكثيرة، بداية من ارتكاب معاصي دينية وإتيان للذنوب، وكذلك خلق توقعات وهمية عن العلاقات الحميمية، ما يؤثر على استقرار الأسر والبيوت العربية، إذ يقارن المشاهد سواء كان رجل أو امرأة ما يراه من خداع وتضليل، بالعلاقة الطبيعية الحميمية مع الزوج / الزوجة، وبحسب (مؤسسة واعي) لمكافحة الإباحية، حدثت ربع حالات الطلاق في مصر، بسبب مشاهدة هذه النوعية من الأفلام.

لقد دفعتنا هذه المشاكل أولا لإعداد تقريرنا الهام: ((الخدع المستخدمة في الأفلام الإباحية.. كيف يخدعك صناع أفلام البورنو)) ، والذي كشفنا فيه تفصيلا كيف يتم خداع مشاهدي تلك الأفلام، وأن ما يرونه عبارة عن تزوير وتزييف محض بهدف جذب المشاهد وتحقيق الأرباح.

لكننا اليوم نضيف بحثا جديدا عن هذه القضية، حاولنا فيه أن نصنع دليلا واقعيا، بناء على أبحاث وتجارب، لنجيب على سؤال هام هو كيفية التخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية؟.. كيفية الخروج من هذا المربع الذي يصل مع البعض إلي حد الإدمان.


إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية:


بإيماننا بوجوب دقة اختيار "المصطلحات" و "الأوصاف"، فإننا لا نري مبالغة في إختيار وصف "إدمان" للتعبير عن فئة من مشاهدي تلك الافلام.

لقد خلصت العديد من الدراسات إلي نتيجة مفادها أن آليات تأثير الأفلام الإباحية على الدماغ تتشابه مع آليات المواد المخدرة، وبالتالي فإن النتيجة في الحالتين (المخدرات، الأفلام الإباحية) تكون واحدة وهي "الإدمان".

هذا الإدمان له تأثيراته بالطبع على وظائف الدماغ، وهي بكل تأكيد تأثيرات سلبية، تحد من قدراته.

يصاحب ذلك في معظم الوقت الاعتياد على ممارسة (العادة السرية) سواء لدي الذكور أو الإناث للأسف الشديد، وفي حالات كثيرة ينتج عنها أمراض جنسية مثل سرعة القذف ، و ضعف الانتصاب.

وكالمخدرات، فإن محاولة الإقلاع عن مشاهدة الأفلام الإباحية تحتاج إلي إرادة ورغبة حقيقية، وبالتأكيد فإن الأمر يكون أسهل في حالات المشاهدة المتقطعة على فترات متباعدة، أو الإدمان لفترة قصيرة، مقارنة بمن أمضي سنوات يشاهد تلك الأفلام بانتظام، وأثرت عليه بحيث صارت هي محور أيامه ويمضي وقتا يومي أو شبه يومي في مشاهدتها، حتى وإن عطلته عن أداء الأدوار والمسؤوليات الأساسية عليه كشخص.

ولكن في جميع الأحوال، فالقدرة على الإقلاع عن مشاهدة الأفلام الإباحية موجودة مهما طالت مدتها، المطلوب أن تكون مصمما على ذلك، وبصدق، وأن تعلم أنك ستواجه صعوبات، وستجد نفسك تحفزك أحيانا على العودة لمشاهدتها، ستدخل حربا حقيقية، فأستعن بالله وأبدا.


البعد الديني في القضية:

يعد الدعاء وسيلة هامة في التصدي للمغريات ومجاهدة النفس، Muhammad Rehan، (CC BY-SA 2.0)، via Wikimedia commons. 


في البداية ، فإن الأساس الأول والأكثر أهمية في مسألة التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية، لابد وأن يخرج من الدين.

فالنفس البشرية بتعقيداتها المختلفة، تحتاج إلي الدين لتقويمها، لذا فمن الضروري توضيح أن مشاهدة الأفلام الإباحية هو أمر محرم شرعا، وفيه من الذنوب الكثير، والتي تملء صحيفة الإنسان بالذنوب والآثام.

كما إن مجاهدة النفس البشرية، ولجمها، ومنعها عن إتيان هذه المعصية، أمر عظيم في الدين، ولصاحبه عظيم الثواب وواسع الأجر.

وفي هذا المقام، نجد حديث رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه وسلم، الذي خاطب فيه شباب الأمة، ذكورا وإناثا، بقوله: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).

فنصح خاتم المرسلين بالزواج، وفي حالة عدم الاستطاعة نصح بالصيام.

لكننا ينبغي علينا أيضًا في هذا المقام، التأكيد على مسألة ((الدعاء))، ذلك لأن الأمر ليس مبنيا على القدرة البشرية للفرد في ترك مشاهدة الأفلام الإباحية، فكم من أقوياء الشخصية وهم غارقين في هذه المسألة، وكم ممن يعتبرهم الناس من ضعاف الشخصية، وقد عصمهم ﷲ منها.

للدعاء أثره العظيم في ترك الذنوب عموما، والذنوب التي تحتاج لمجاهدة النفس جهادا كبيرا على وجه الخصوص.

وفي هذا الشق كذلك، فإن المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، هو أحد أهم أسباب التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية.. كيف ذلك؟.. لأن الصلوات الخمسة موزعة على أوقات اليوم المختلفة، وهي تحتاج دوما لشرط طهارة البدن والثوب، والحفاظ عليها، يقطع الكثير من العلاقات مع مشاهدة تلك الأفلام المحرمة، لأن النفس تكون مشغولة عنها، وقد أفلح الكثيرون بالصلاة في التغلب على تلك الفتنة.

لكننا أيضا، ومن نفس المنطلق الديني، فإن صدق القول يفرض علينا أن نقول أن التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية في عالمنا اليوم، قد تكون أعقد من مسألة الحلال والحرام.

ذلك لأنه لا يوجد أحد لا يعلم أن مشاهدة الأفلام الإباحية حرام شرعا، ومع ذلك يستمر الناس في مشاهدتها، بل وتزداد أعدادهم.

أصبحت منظومة الحياة الحديثة جزءا من المشكلة ، إذ تفرض على الشباب أن يمضوا فترة كبيرة من حياتهم دون قدرة على الزواج، Sébastian Dahl، Creative Commons BY-NC-SA. 


ببساطة، إن الإنسان يبلغ الحلم في ال١٣ أو ١٤ من عمره، وهو يحتاج حتى يتزوج، مرور ما لا يقل عن ١٠ سنوات، وأحيانا تصل لعشرين سنة وربما أكثر.

وببساطة أكبر، فإن مشاهدي الأفلام الإباحية ليسوا من فئة العزاب فقط، بل إن شريحة كبيرة منهم من المتزوجين والمتزوجات.

لذا فقد يكون من المتوقع أن يضعف الإنسان أحيانا، ولهذا أيضا لأبد من فهم كامل وشامل للقضية، حتى يكون لدي الفرد (ذكرا كان ام انثي) من المضادات والدفاعات اللازمة التي يستخدمها لحماية نفسه من الوقوع في بئر إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية السحيق.


التخلص من أصدقاء السوء:


في أي مرحلة عمرية كنت، فإن لأصدقائك شئت ام ابيت تأثيرا كبيرا عليك.

ويتزايد هذا التأثير ويكون على أشده في مرحلة المراهقة، خصوصا مع بداية البلوغ، واحساس الفتي والفتاة بالتغيرات الجسدية التي حدثت لهم، ومع غياب دور الوالدين في التوعية بتلك المسائل، فإن الأبناء لا يجدون إلا أصدقائهم للحديث عن هذه الأمور.

في هذه المرحلة الخطرة، يبدأ أصدقاء السوء بعرض هذا العالم عليك، يغرونك بالمشاهدة، يتحدثون عن المتعة، وعن الإثارة.

إن القصة التقليدية لأول مرة شاهد فيها الناس الأفلام الإباحية تكون من أحاديث الأصدقاء في المدرسة، في عمر الثالثة عشر أو الرابعة عشر، وقد زاد الخطر حاليا لأن الأطفال وهم أقل من هذه السن يحملون الهواتف الذكية ويتصلون بالإنترنت، فيكتشفون تلك الأفلام في عمر أصغر وبشكل أسرع، ويتبادلونها على هواتفهم، ومن هنا تبدأ الرحلة المظلمة في عالم الإباحية.

القي كل هذا وراء ظهرك، هؤلاء هم طريقك نحو التهلكة الحقيقية، ومهما سمعت منهم من كلام قد يمتد إلي التقليل من رجولتك أو انوثتك، فأعلم/فأعلمي ، أن هذا ليس صحيحا، وأن القوي بحق وصدق هو من يملك نفسه أمام المغريات.

ونستطيع هنا التأكيد على دور الأسرة، ويستحسن بشدة أن يتحدث الاب مع الذكور، والام مع الإناث، وتوعيتهم من هذا الخطر، توعيتهم بحب وحنان وإحتواء، بعيدا عن الترهيب أو التهديد، إفهامه أنه أصبح رجلا، وأنها أصبحت فتاة، وأن عليهم الآن مسؤولية مقاومة تلك المغريات.

وهنا نقطة أساسية نود أن نشير لها بالنسبة للأباء والأمهات وهي "تحري الرزق الحلال"، أن تتأكدوا من كل المال الذي تدخلونه لبيوتكم.

إن الأب الرشيد يستطيع أن يكون ليس فقط ناصحا أمين لولده، بل قدوته ومرشده في الحياة، jimmyweee، (CC.BY-SA 2.0)، via Wikimedia commons. 


المقصود هنا أن نجاح التربية والوعظ للأبناء، وصلاح أحوالهم هو أمر دوما يرتبط بالتوفيق الإلهي، وﷲ عز وجل، لن يعامل أبناء رباهم والديهم بمال حال، تحروا فيه أن يكون حلالا تاما، بمن اختلس أو سرق أو غش أو دلس، أو أكل مال هذا، أو منع الميراث، أو أي صورة من صور المال الحرام.

كما أن كثرة الدعاء للأبناء هو سلاح هام في يد الأباء، لكنه أيضا مشروط بتحري الرزق الحلال، وتذكروا دوما قوله تعالى: ((وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)) {سورة النساء: ٩}.

وحتى لو كنتم بالغين راشدين، فإن التخلص من أصدقاء السوء الذين يدعونكم لمشاهدة الأفلام الإباحية ، هو أمر هام، وتذكر دوما أن المزاح قد يكون سبيلهم وطريقتهم لجرك لتلك الأمور، فلا تعطي لهم الفرصة من الأصل. 


مارس الرياضة:


الرياضة هي أحد الأعداء الكبار للكثير من السلوكيات الضارة ومنها مشاهدة الأفلام الإباحية.

علميا، فإن ممارسة الرياضة تؤثر بشكل إيجابي على "مركز المكافأة" في الدماغ، بخلاف أنك تخصص لها وقتا معينا ستبتعد فيه عن أي فرصة لمشاهدة تلك الأفلام.


العمل الجاد:


برغم أن هناك من يعملون ومع ذلك فإنهم يشاهدون الأفلام الإباحية كذلك، إلا أن العمل الجاد محارب قوي ضد إدمان الأفلام الإباحية.

نتحدث هنا بالنسبة للطلبة، أن يضع لنفسه أهدافا جبارة، أن يواصل المذاكرة ليلا ونهارا، أن يحلم بكليات القمة، وعندما ينضم إليها، أو حتى لو كان طالبا في أي كلية أخرى ولو كانت عادية، أن يحلم بالتفوق ولما لا التعيين كمعيد في الجامعة.

بالنسبة للعاطلين عن العمل، قم وانتفض، ابحث عن أي عمل مهما كان بسيطا، كثيرون بدأوا باعمال بسيطة ثم راكموا ثروات ضخمة، لا تكتفي بساعات عمل محددة، ابحث عن عمل ثاني.

كل هذا يدور حول أن تضع نفسك في ملحمة الحياة، أن تجدد أهدافك وتعظمها، خصوصا إن كنت شابا ولم تتزوج بعد، اجعل هدفك أن تصل للزواج، للحياة والمتعة الطبيعية، والمحللة شرعا، بل والتي تحصل على الثواب والأجر إن فعلتها.

العمل الجاد وصقل الشخصية والتعارك مع الحياة ومصاعبها هو وسيلة هامة أيضا لتصبح إنسانا قادرا ماديا، وناضجا معنويا وفكريا ونفسيا على الزواج وتحمل مسؤولية الأسرة، وهو أحد أهم الوسائل للتغلب على "الحاجة الجنسية" التي لا يجد غير المتزوجين وسيلة إلا الأفلام الإباحية لتلبيتها، لذا فإن العمل والبحث عن الزواج هو أحد أهم الطرق في تلك الحرب لتحقيق الانتصار.

(إن الرجل القاعد في بيته لا يصيبه غبار الطريق، والجندي الهارب لا يشوكه سلاح، ولا يروعه زحف، أما الذين اسهموا في معركة الحياة وخاضوا غمارها، فستغبرهم وعثاؤها وتنالهم جراحاتها)، كلمة للإمام المصري الراحل محمد الغزالي، pixahive، Akshay Gupta، CC0 - Free to Use, Attribution Optional. 


ولا أجد هنا أفضل من الوعد الإلهي، ومن أصدق من ﷲ وعدا، هذا الوعد الذي جاء في الحديث الذي حسنه الألباني، ورواه الترمذي والبيهقي وأحمد وغيرهم ولفظه كما عند الترمذي: ((ثلاثة حق على ﷲ عونهم: المجاهد في سبيل ﷲ، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)).

والرجل الذي يعمل ليتزوج ليعف نفسه عن هذه الأفلام، تحقق في حقه ليس فقط أنه ناكح يريد العفاف، بل هو مجاهد في سبيل ﷲ، فالجهاد ليس فقط الجهاد الشرعي لدفع المعتدي، بل هو أيضا جهاد النفس، جهاد الشيطان ووساوسه، فكن من بين هؤلاء الذين وعدهم ﷲ بالعون.

كما قد يكون مفيدا الدفع بالاولاد للعمل في فترات الإجازة خصوصا إذا ما بلغوا (بالطبع لا ينبغي الدعوة إلي عمالة الأطفال)، فهذا وبخلاف جعلهم ينضجون مبكرا، ويتحملون ويفهمون أعباء الحياة، فإنهم كذلك يمضون فيه أوقاتا ستمنعهم من مشاهدة الأفلام الإباحية خلالها.

وما المانع أن نعلم فتياتنا أيضا في الاجازة مساعدة أمهاتهن، في إعداد الطعام، والقيام بالواجبات والأمور المنزلية، هذا أيضا يصقل الفتاة، ويجعلها قادرة على القيام بهذه الأمور في بيت زوجها، بدلا من الأجيال المشوهة التي نصطدم بها اليوم.


استخدم التكنولوجيا:


قد يكون مفيدا في بعض الحالات أن يتم وضع قيود تقنية، بمعني حذف أي صور أو فيديوهات إباحية تخزنها على هاتفك أو حاسوبك.

كما يمكنك استخدام البرامج والتطبيقات التي تحجب المواقع الإباحية، لتقوم بدور البوابة التي تمنعك من العودة مجددا، لكنها بالطبع أمور لا تغني عن إرادتك وصدق نيتك ودعاءك.

ومن التكنولوجيا المتاحة حاليا بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مثل (واعي) والتي تقدم محتوى هام للتغلب على مشاهدة الأفلام الإباحية، وقد حققت بعون ﷲ نجاحا هائلا في السنوات القليلة الماضية ، ويمكنكم الإطلاع علي ما تقدمه والاستفادة منه.

وهكذا، فإذا ما كانت الأفلام الإباحية تنمو مشاهدتها، فكن في صفوف الأقوياء ممن يتركونها، ولا تدعها تستمر في التأثير على حياتك أكثر مما فعلت.

واعلموا أن الحرب قد يحدث بها انتكاسة، فلا تدعوا الانتكاسة تتحول إلي هزيمة، فإذا غلبتك نفسك، فحول ما حدث لقوة دافعة، ولا تستلم/تستلمين أبدا، وأعرف كيف سقطت لكي لا تسقط لنفس السبب من جديد، ولا يخدعنك الشيطان، بادر إلي التوبة، فالله يحب التوابين، وتحمل ألم مقاومة نفسك وتزكيتها.

إن الأفلام الإباحية تحولك وبحق إلي شخص قعيد، تمنعك من الإستفادة من كامل إمكانياتك، وللأسف قد تجعل البعض مخنثا ضعيفا، وفي النهاية فهي سلاح فعال يدمر صحتك الجنسية وصحتك بشكل عام، فلما تدفع هذا الثمن الباهظ؟.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-