اسمه يعني الدمار لتشكيلات العدو المدرعة، وضعت فيه الكثير من عوامل القوة، واحتسي الإنجليز الكثير من شاي ما بعد الظهيرة ليخرجوا للعالم تحفتهم الفنية القاتلة، صواريخ بريمستون "Brimstone" المضادة للدبابات.. التي تحمل فخامة القوة البريطانية.
صواريخ بريمستون Brimstone والتي تعني "الكبريت" باللغة العربية، هي صواريخ متطورة صممت أساسا لتكون مضادة للدروع، ومع الوقت تطورت لتستطيع تدمير طائفة واسعة من الأهداف، تم تطويرها بواسطة MBDA أو شركة إم بي دي إيه، وهي شركة تصنيع سلاح تشترك فيها عدد من كبرى الدول الأوروبية "فرنسا، ألمانيا، ايطاليا" وبالطبع المملكة المتحدة، والتي تولى فرعها في الشركة مسألة تطوير وإنتاج هذه الصواريخ.
كما شاركت بوينغ الأمريكية كذلك في برنامج تطوير صواريخ بريمستون Brimstone السابق على إنتاجها الفعلى (بالنسبة للنسخة البرية)، وقد دارت خطوط الإنتاج منذ عام ٢٠٠٤ لتنتج أول صاروخ من هذا النوع، والذي لم تتوقف طلبياته حتى اليوم، من عديد من الجيوش حول العالم، كشهادة ثقة وقدرة عملية.
عن صواريخ بريمستون "Brimstone":
أظهرت التجربة من حرب الخليج عام 1991، الحاجة الواضحة إلى امتلاك طائرات نفاثة قادرة على حمل أسلحة مضاد للدروع، ومن هنا كانت البداية الحقيقية للمشروع الذي كان يفكر فيه البريطانيين منذ سنوات لاستبدال قنابلهم المضادة للدروع BL755 بسلاح أكثر تطورا.
صواريخ بريمستون Brimstone هي صواريخ تتميز بإمكانية إطلاقها من البر، كما تم إنتاج نسخة ثانية منها ليمكن تحميلها على أنواع متعددة من الطائرات لضرب أهدافها من الجو (يمكن تحميلها على المقاتلات، القاذفات الأرضية، المروحيات الهجومية، والطائرات بدون طيار).
تصنف صواريخ بريمستون Brimstone باعتبارها سلاح هجوم دقيق أو PRECISION ATTACK WEAPON.
لكي يتم تصنيف سلاح ما باعتباره سلاح هجوم دقيق، لابد من توافر بعض المعايير فيه، جميع المعايير التي سنذكرها الآن مذكورة في عرض شركة MBDA إم بي دي إيه، المنتجة لصواريخ بريمستون Brimstone لهذه الصواريخ:
- لديها قدرة مثبتة ضد كل من الأهداف الثابتة، والمتحركة، وحتى الأهداف التي تمتلك القدرة على المناورة.
- أن يكون الصاروخ قادرا على إصابة نقطة الهدف المحددة له بدقة، وأن ينتج عنه أضرار جانبية منخفضة، وهذه النقطة تزداد أهميتها بالتحديد عندما يتم استهداف هدف في منطقة مدنية على سبيل المثال، ولا يراد ان يخلف الصاروخ أضرار بالمدنيين المحيطين بالهدف، كما تزداد الحاجة لهذه القدرات عند وجود قوات صديقة بالقرب من الأهداف التي يراد ضربها، وهذه الخاصية بالتحديد تعتبر من الدروس المستفادة من الحرب في أفغانستان.
- أن يستطيع مطلق الصاروخ البشري دوما التحكم فيه حتى بعد إطلاقه سواء من البر أو الجو، بتعديل مساره في حالة الاحتياج لذلك.
تبيع شركة MBDA إم بي دي إيه صواريخ بريمستون Brimstone باعتبارها (الصاروخ الاكثر دقة في أسواق الصواريخ المضادة للدروع عالميا) كما تطلق عليها.
من سجلات سلاح الجو الملكي البريطاني:
بالإطلاع على سجلات سلاح الجو الملكي البريطاني المتعلقة بصواريخ بريمستون "Brimstone"، نجد ما يلي:
*ملحوظة: يتعلق هذا الوصف بالنسخة (جو-أرض) التي تطلق من الطائرات.
((صواريخ بريمستون Brimstone، هي سلاح متطور، صاروخ يعمل بتوجيه الرادار المزود به، يمكنه البحث عن أهداف مدرعة وتدميرها من مسافة بعيدة.
وتعمل صواريخ بريمستون Brimstone بطريقيتين، الأولى تعرف باسم الوضع الغير مباشر indirect mode، وفي هذا الوضع تستطيع الطائرات المهاجمة إطلاق صواريخها حتى عندما تكون الأهداف وموقعها غير مرئيين للطائرة.
الطريقة الثانية، هي الوضع المباشر، direct mode، وفي هذا الوضع، يقوم الطيار بإستخدام أنظمة الرؤية والرصد على متن طائرته لتحديد الهدف وإطلاق الصواريخ ضده، وفي هذا الوضع لا يحتاج الطيار للقيام بمناورات أو تغيير إتجاه طيرانه لإصابة الهدف)).
الصاروخ الجوكر:
قد لا يكون في الأمر مبالغة حينما نصف صواريخ بريمستون Brimstone بأنها صواريخ جوكر، وذلك بفضل ما لديها من قدرات على القتال ضد مجموعة واسعة من أنواع مختلفة من الأهداف، بفضل وجود نسختين منها (النسخة البرية) و (نسخة جو-أرض).
فبجانب أهدافها التقليدية كالدبابات والمدرعات، يمكنها كذلك إصابة الأهداف البحرية مثل القطع البحرية الصغيرة سريعة الحركة. ((تتوافر ميزة إصابة وإغراق الأهداف البحرية بالنسبة لصاروخ صمم أصلا ليكون مضاد للدبابات كذلك في صواريخ سبايك الإسرائيلية الصنع ، والتي تعد أقوى صواريخ ينتجها الكيان الصهيوني)).
بشكل أساسي، تصنف النسخة (جو-أرض) من صواريخ بريمستون Brimstone، من فئة صواريخ "أطلق وانسى" أو "fire-and-forget" باللغة الإنجليزية، والتي تعني أن من يطلق الصاروخ ليس عليه أن يتابع رحلته نحو الهدف.
فبعد رصد الهدف وتوجيه الصاروخ، تنتهي مهمة مطلق الصاروخ وليكن متأكدا أنه سيصيب هدفه لا محالة، ولذا يستخدم التعبير "انسى".. أي ينسي الصاروخ وينسي الهدف كلاهما، وينقل اهتمامه للبحث عن هدف جديد ليرسل إليه صاروخ جديد وهكذا.
هذه القدرة تقوم أساسا على ان صواريخ بريمستون Brimstone في نسختها (جو-أرض) لديها رادار نشط موضوع بداخلها، بمعني أنها لن تحتاج للتوجيه من المنصة التي اطلقتها سواء كانت أرضية أو عبر طائرة، بل سيعتمد الصاروخ على راداره الخاص الذي سيرشده للهدف.
لكن صواريخ بريمستون تمتلك بجانب هذا النظام في الإطلاق وإصابة الأهداف نظامين آخرين.
الاول: نظام التوجيه بالليزر شبه النشط (sal)، وهذا النظام يستهدف الأهداف الثابتة مثل الملاجئ والدشم والتحصينات، والتي لا تستحق إطلاق صاروخ يحمل رادار لإصابتها.
الثاني: نظام يجمع التوجيه بالليزر شبه النشط (sal)، مع رادار يعمل بموجات المليمتر، ويستخدم لاستهداف الأهداف العالية السرعة، في ساحات المعركة حينما تصبح متداخلة ومشوشة.
بخلاف كل هذه القدرات، فإن صواريخ بريمستون Brimstone تصنف باعتبارها من الذخائر غير الحساسة Insensitive munition، إنها الذخائر ذات درجة الأمان العالية للغاية، بحيث لا تنفجر خلال عمليات التصنيع، أو التخزين، أو إخراجها من المخازن وتحميلها ومناولتها للقوات البرية أو الجوية لاستخدامها، حتى وإن تعرضت الصواريخ لعوامل محفزة للانفجار، مثل ارتفاع درجة الحرارة أو السقوط أو الاهتزاز.
قاذفات بريمستون Brimstone:
قاذفة صواريخ صممت وصنعت خصيصا لصواريخ بريمستون ، ويبدو واضحا وجود صندوق معبأ بداخله الصواريخ، IHS Jane's. |
ولمزيد من القدرة على الانتشار والتحرك في أرض المعركة، وبدلا من الاكتفاء بتواجد ضمن جماعات صيد الدبابات فحسب، واستغلالا لقدراتها العالية، عرضت شركة MBDA إم بي دي إيه المنتجة للصواريخ (قاذفات متحركة) صنعتها خصيصا لصواريخ بريمستون Brimstone.
القاذفات الموضوعة على شاسيهات مدرعة تسير بالجنزير ما يمكنها من التحرك بسهولة وسرعة مع التشكيلات البرية في مختلف التضاريس، وتوفير قوتها النيرانية حتى في الظروف التي تفرض غياب التغطية والدعم الجوي كنتيجة مثلا لوجود شبكات دفاع جوى معادية قوية في منطقة القتال.
تم الكشف عن نموذجين من هذه القاذفات، تتميز بحمولتها العالية من الصواريخ ، ما يجعلها منصة يعتمد عليها لاستغلال إمكانيات صواريخ بريمستون Brimstone.
مواصفات عامة:
- وزن الصاروخ: ٥٠ كجم.
- الطول: ١٨٠٠ ملم.
- قطر دائرة الصاروخ: ١٨٠ ملم.
- يستطيع العمل في مختلف أحوال الطقس، ليلا ونهارا.
- العمر الافتراضي: ٢٠ عاما.
- بالنسبة لنسخة (جو-أرض) فيمكن دمجها على العديد من أنواع المقاتلات والطائرات الحديثة أو المطورة، وتستخدم حاليا على متن مقاتلات التايفون، والطائرات بدون طيار من نوع Protector، كما يمكن تركيبها على المروحيات الهجومية مثل الأباتشي AH-64.
- تم تصميم حوامل خاصة لصواريخ بريمستون Brimstone، يستطيع الحامل الواحد أن يستوعب ثلاثة صواريخ من هذا النوع، وهذا يعني غزارة نيرانية أكبر، فبدلا من أن تحمل الطائرة في نقطة التعليق صاروخ واحد (معظم الطائرات الحديثة تمتلك ما بين ٩ : ١٢ نقطة تعليق)، فإنها بفضل هذا الحامل يمكنها حمل ثلاثة صواريخ في نقطة التعليق الواحدة.
الاستخدام العملي:
بصورة عملية، استخدم سلاح الجو الملكي البريطاني صواريخ بريمستون Brimstone في الضربات الجوية التي شنها ضد سوريا في نهاية العام ٢٠١٥، وهي الضربات التي صاحبتها الكثير من التقارير عن الدقة العالية التي ابدتها الصواريخ في إصابة أهدافها.
ففي ذلك العام، وافق مجلس النواب البريطاني على قيام سلاح الجو الملكي البريطاني بتوجيه ضربات ضد تنظيم داعش الإرهابي ، وذلك بعدما كان البريطانيين قد استخدموه بالفعل ضد عناصر داعش ومنشآته كذلك داخل العراق.
كما استخدمته طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني في الحملة الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي على ليبيا عام ٢٠١١ تحت اسم (عملية فجر أوديسا)، والتي إن قيل وقتها أن هدفها فرض حظر طيران على ليبيا لمنع نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي من استخدام الطيران الحربي، إلا إنها قد امتدت لضرب القوات الموالية للقذافي، واسهمت في سير المعارك حتى شاهد العالم النهاية المأساوية والوحشية للقذافي في أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١١.
في ليبيا، كان هناك مثال بارز لاستخدام صاروخ بريمستون Brimstone ضد دبابة سوفيتية الصنع من طراز تي-55 تابعة لقوات النظام الليبي، وبالتحديد في 2 يوليو 2011.
في هذا الهجوم بالتحديد شعر طاقم الدبابة بوجود الطائرة، فالتمسوا لأنفسهم مأوى للاختباء، وكان ذلك تحديدا في أحد الأزقة في بلدة (جبل نفوسة)، تم تدمير الدبابة برغم ذلك، وبدون إلحاق أضرار بالمباني المجاورة للدبابة.
فيديو لهجمات شنتها طائرة طراز تورنيدو تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني ضد دبابات ليبية بتاريخ 8 يوليو 2011.
القوات البريطانية اعتمدت كذلك على صواريخ بريمستون Brimstone خلال سنوات تواجدها في أفغانستان التي انتهت بإنسحاب دراماتيكي للتحالف الدولى في ١٥ أغسطس ٢٠٢١ ودخول حركة طالبان للعاصمة كابل.
في أفغانستان بالتحديد، أصبحت صواريخ بريمستون Brimstone هي السلاح المفضل للقوات البريطانية بما اثبته من قدرة على تنفيذ الضربات الجراحية في المهام الحرجة التي تحتاج للإصابة بدقة متناهية للهدف، ليلاً ونهارًا.
صفقات خارجية:
تعاقد سلاح الجو الملكي السعودي على صواريخ بريمستون Brimstone، لتنضم لصفوف سلاح الطيران السعودي، وذلك بعد سلسلة من التجارب حرص السعوديين على إجرائها على الصواريخ قبل توقيع العقود بشكل فعلى.
ففي العام ٢٠٠٧ تم تجريب صواريخ بريمستون Brimstone على متن طائرات التورنيدو السعودية، وذلك ضمن برنامج تطوير الطائرات التي تخدم في سلاح الجو الملكي السعودي منذ عقود.
كما تعاقدت عليه القوات الجوية الألمانية (اللوفت فافه).
ومن ضمن مشغلين صواريخ بريمستون Brimstone أيضا القوات الجوية الأميرية القطرية.
والملاحظ أن الدول التي تعاقدت على صواريخ بريمستون Brimstone هي دول ذات ميزانيات دفاع عالية، وذلك لأن الصواريخ عالية التكلفة فعليا، فبحسب صحيفة "ديلي تلغراف" كان سعر الصاروخ الواحد (١٠٥) ألف جنيه إسترليني وذلك بأسعار العام ٢٠١١ حينما استخدم في الحملة على ليبيا (فجر الاوديسا)، وهو المبلغ الذي ولابد أن يكون قد ارتفع منذ ذلك التاريخ.