أصدرت اليوم وزارة الموارد المائية والري المصرية بيانا نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء المصري، جاء فيه أن وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي قد التقي اليوم بوفد أمريكي يتكون من السيد ماثيو باركس خبير المياه في الحكومة الأمريكية، وبصحبته نائب السفير الأمريكي في القاهرة، وعددا من ممثلي السفارة.
وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي يجتمع مع خبير المياه في الحكومة الأمريكية ماثيو باركس ، صورة من الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء المصري. |
وأوضح وزير الري المصري في الاجتماع أن مصر قد أبدت مرونة كبيرة خلال مختلف مراحل التفاوض بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي تبنيه إثيوبيا علي مجرى نهر النيل الأزرق.
مخاطر سد النهضة:
الوزير المصري عدد المخاطر التي يمثلها سد النهضة على بلاده، موضحا أن أي نقص في المياه سيؤثر على العاملين بقطاع الزراعة، مما سينتج عنه مشاكل اجتماعية، بالإضافة إلى عدم استقرار الوضع الأمنى، علاوة على الزيادة التي ستحدث في معدلات الهجرة غير الشرعية.
مضيفا أن الندرة المائية، والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه في مصر، وتجعلها (شديدة الحساسية) تجاه أي إجراءات أحادية.
مغالطات إثيوبية:
الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري والموارد المائية المصري أوضح للوفد الأمريكي الذي زار مقر وزارته، وكانت من بين أعضاءه السيدة نيكول شامبين، نائبة السفير الأمريكي في مصر، عددا من المغالطات التي تطرحها إثيوبيا في ملف سد النهضة، ومنها أن الجانب الإثيوبي يقوم بالإيحاء أنه مضطر لملء المياه خلف السد، باعتبارها ضرورة إنشائية، وبغرض توليد الكهرباء، وهو أمر يخالف الحقيقة.
وزير الري المصري استدل على ذلك بدليل قيام الجانب الإثيوبي بالملء العام الماضي، وذلك علي الرغم من حقيقة أن توربينات السد لم تكن جاهزة بعد لتوليد الكهرباء، وكرر ذات السيناريو هذا العام أيضًا، وبرغم كل هذا، فإنه لم يتم تشغيل توربينات التوليد المبكر بالسد حتى اللحظة، وهو أمر يثير العديد من التساؤلات حول إصرار إثيوبيا على ملء السد بدون توليد الكهرباء.
الدكتور عبد العاطي أشار كذلك إلى تعمد الجانب الإثيوبي نشر (بيانات مغلوطة) وإدارة السد بشكل منفرد.
الوزير أوضح أن ذلك النهج الإثيوبي تسبب في حدوث أضرار كبيرة على دولتي المصب، والتي تكلفتا مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، وذلك في محاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية، والتي سببت ارتباكا في نظام نهر النيل.
وأشار الوزير المصري إلي ما تعرضت له السودان من أضرار نتيجة الملء الأحادي الذي نفذته إثيوبيا في العام الماضي، والذي تسبب في معاناة السودان من حالة قاسية من الجفاف، أعقبها حالة فيضان عارمة سببها قيام الجانب الإثيوبي بتنفيذ عملية الملء الأول بدون تنسيق مع دولتي المصب، وما تلي ذلك من إطلاق كميات من المياه محملة بالطمي خلال شهر نوفمبر ٢٠٢٠، مما تسبب في زيادة العكارة بمحطات مياه الشرب بالسودان.
وفرة المياه في إثيوبيا:
المسؤول المصري الذي يعد أحد أبرز رجال القاهرة في ملف سد النهضة الإثيوبي المعقد، أشار لنقاط غاية في الأهمية تكشف عن وجود العديد من البدائل والاختيارات أمام إثيوبيا التي لا تعاني أي مشاكل مائية.
فبعقد مقارنة نجد أن ٩٤٪ من أراضي إثيوبيا هي أرض خضراء، في حين لا تتعدي النسبة في مصر ٥٪.
الوزير أشار أيضا إلي امتلاك إثيوبيا أكثر من ١٠٠ مليون رأس من الماشية، والتي تستهلك بمفردها ٨٤ مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهو ما يساوي حصة كل من مصر والسودان مجتمعتين.
مساقط مياه نهر النيل الأزرق، Giustino، Attribution 2.0 Generic، via Wikimedia commons. |
كما تصل حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء (يقصد بها المياه الجارية بالنهر) إلي حوالى ١٥٠ مليار متر مكعب من المياه سنويا، منها ٥٥ مليار في بحيرة تانا، و ١٠ مليار في سد تكيزي، و ٣ مليار في سد تانا بالس، و ٥ مليار في سدود فنشا و شارشارا ومجموعة أخرى من السدود الصغيرة، هذا بخلاف ٧٤ مليار متر مكعب من المياه تنتوي تخزينها في بحيرة سد النهضة، وهيكمية هائلة من المياه لدرجة أن مدير المهندسين في الجيش الإثيوبي أصدر تصريحات استفزازية في يوليو الماضي حينما قال أن مصر والسودان ستغرقان تماما إذا ما هاجما سد النهضة ، معلنا جاهزية بلاده لما وصفه الحل العسكري.
بخلاف هذا كله، يبلغ متوسط كمية الأمطار التي تسقط علي إثيوبيا حوالى ٩٠٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويصل نصيب الفرد فيها من المياه إلي ٧٥٠٠ متر مكعب سنويا، كما لا تعتمد على أي مصادر مياه من خارج حدودها، في حين أن مصر تعتمد على نهر النيل بنسبة ٩٧٪، ولا يتعدي نصيب الفرد فيها ٥٦٠ متر مكعب من المياه سنويا، ولا تزيد كمية الأمطار المتساقطة على مصر سنويا عن ١،٣٠ مليار متر مكعب، كما تمتلك إثيوبيا ١٢ نهر آخر بخلاف نهر النيل.
موقف مصر في المفاوضات:
وزير الري المصري استعرض الموقف الحالي لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي ، مشيرا إلى أن مصر أبدت مرونة كبيرة خلال مختلف مراحل التفاوض، وذلك للرغبة المصرية في التوصل لاتفاق عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد.
الدكتور عبد العاطي أشار أيضا إلي ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة، وذلك في ظل اعتماد مصر بشكل رئيسي علي مياه نهر النيل.
الوزير أوضح أن بلاده وخلال مراحل التفاوض حاولت محاولات عديدة لبناء الثقة، إلا أن ذلك لم يقابله حسن النية من الجانب الإثيوبي، مضيفا أن مصر اقترحت إنشاء صندوق للبنية التحتية في الدول الثلاث (مصر و السودان و إثيوبيا) لفتح مجالات التعاون بينها ، لكن لم يتم تفعيل هذا الاقتراح حتى الآن.
وبحسب تصريحات الوزير المصري ، اقترحت القاهرة أيضا فكرة ربط شبكات الكهرباء في الدول الثلاث، لكن إثيوبيا رفضت أيضا هذا الاقتراح.
وأكد الدكتور محمد عبد العاطي أن نقص المياه سيؤثر علي العاملين بقطاع الزراعة، ما سيتسبب في حدوث مشكلات اجتماعية، وعدم استقرار أمني في المنطقة، وزيادة في معدلات الهجرة غير الشرعية.