((فمبلغ العلم فيه أنه بشر : وأنه خير خلق الله كلهم)) بهذا البيت من أبيات (البردة) التي كتبها (البصيري) في وصف رسول اللّه صلى اللَّه عليه وسلم، نفتتح هذا التقرير.
صورة لطبق من الثريد، الصورة من: Miansari66، CC0 1.0، via wikimedia commons. |
فلما كان رسول اللّه صلى اللَّه عليه وسلم بشرا، متصفا بالصفات البشرية ومنها تناول الطعام والشراب، كان من الطبيعي أن يحب بعضها أكثر مما سواه، وحدث ذلك بالفعل.
ولأنه بشر أيضا، كانت هناك بعض الأطعمة التي لا تعجبه، لكنه صلي الله عليه وسلم لم يكن ناقدا للطعام، كما نري اليوم في المواقع ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، بل كان إذا أعجبه طعام أكله، وإن لم يعجبه لم يأكله ولم يقل عنه شيئا.
ومما كان يعجبه صلي الله عليه وسلم (التمر) و (اليقطين) أو كما يعرف (القرع)، كما وردت بعض الأحاديث النبوية الشريفة عن تفضيله صلي الله عليه وسلم للثريد، وهذا محور حديثنا اليوم.
ما هو الثريد؟:
الثريد هو الخبز الذي تم تقطيعه إلى قطع صغيرة ثم وضع عليه المرق.
وقد يكون مع اللحم وقد يكون مع التمر والأقط، وهي وجبة معروفة لدي العرب حتى قبل بعثة رسول اللّه صلى اللَّه عليه وسلم، وسنوضح لكم كلا النوعين.
ماذا قال النبي عن الثريد؟:
هناك حديث (ضعفه) أبو داود، عن أبن عباس أنه قال: ((كان أحب الطعام إلي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الثريد من الخبز والثريد من الحيس)).
والحيس هو تمر مخلوط بالسمن والأقط (الأقط هو الحليب المجفف الذي يستخدم بعد ذلك في صنع الطعام).
ويقول عنه (ابن رسلان) أنه تمر أو عجوة ينزع منها النوى، ويعجن بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقي كالثريد.
وهكذا فهناك نوع الثريد الذي يكون مع اللحم وهو الأكثر شهرة، والثريد الذي يكون مع التمر أو العجوة المعجون بالسمن.
كما ورد حديث آخر ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه الشهير (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: ((وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).
وجاء في حديث عند أحمد من رواية أبو هريرة - رضي اللّه عنه- أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا بالبركة في السحور وفي الثريد، وإن كان هذا الحديث أيضا في سنده ضعف.
طريقة تحضير الثريد:
![]() |
يتم تكسير الخبز اليابس، حجم القطع يكون حسب التفضيل الشخصي، ثم إضافة اللحم والمرق إليه، الصورة من: Miansari66، CC0 1.0، via wikimedia commons. |
لتحضير الثريد بأقرب صورة لما كان في زمن النبي صلى اللَّه عليه وسلم نقوم بالخطوات التالية:
- يتم تحضير إناء طهي كبير وتوضع به كمية مناسبة من الزيت.
- توضع قطع اللحم على الزيت.
- يتم تقليب اللحم حتى يتغير لونه.
- من الممكن الآن إضافة شرائح بصل.
- من الممكن أيضا لإعطاء بعض النكهة إضافة ما تفضلونه من بهارات وملح.
- نقوم بإضافة الماء وإغلاق قدر الطعام.
- يترك على نار هادئة لمدة ساعة ونصف تقريبا.
- في خلال ذلك نكون قد أعددنا صحن كبير أو صينية ووضعنا بداخلها الخبز اليابس ويفضل أن يكون رقيق، بعد أن نقوم بتفتيته إلي قطع صغيرة.
- الآن نضع عليه اللحم بعد أن أصبح ناضجا تماما، ونضيف المرق الذي نتج عن عملية طهيه إلي الخبز اليابس.
- من الممكن إضافة بعض الخضروات أو الحمص إلى الوجبة واستخدام قطع الخبز في تناولها.
هذه الوصفة ربما تطورت بها الأيام لتصبح أساسا لوجبات معروفة في دولنا العربية مثل (المرقوق) في السعودية و (التشريب) في الكويت والعراق، كما يحمل نفس الاسم (الثريد) في قطر، وإن كان في قطر يمكن إعداده باللحم أو بالدجاج.
هناك أيضا طبق مشابه جدا للثريد في مصر يسمي (الفتة) وإن كان يضاف له الأرز، وغالبا ما يؤكل يوم عيد الأضحى المبارك.
وقبل أن تتجهوا إلى المطبخ لإعداد الثريد، نذكركم بقوله صلي الله عليه وسلم : ((ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) رواه الترمذي وحسنه.
وكذلك قوله تعالى: ((۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) {الآية 31 : سورة الأعراف}.
سؤال التقرير وننتظر إجابتكم في التعليقات: هل جربتم الثريد من قبل؟ .. أم ستكون تلك هي المرة الأولى لكم؟.