حاويات الشحن (باللغة الإنجليزية: SHIPPING CONTAINERS).
 |
| حاويات الشحن مصفوفة على رصيف أحد الموانئ، Daniel Foster، CC BY-NC 2.0 DEED، via Flickr. |
بدون أن تشعر، تتحكم تلك الحاويات في حياتك، في أسعار الكثير من المنتجات التي تشتريها، ببساطة لأنها هي المتحكم في التجارة الدولية.
نحكي لكم اليوم قصة كيف صنع صندوق معدني طوله 20 قدمًا تاريخ التجارة والعالم معا؟.
ما هي حاويات الشحن؟:
ربما يكون الكثيرين منا قد شاهدها ذات يوم، إما عبر الإنترنت أو حتى بعدما وصلت رصيف الميناء ووجدتها محمولة على شاحنة أو قطار يسير بجوارك في الطريق.
بداخلها تستطيع نقل كل شئ تقريبا.. الطعام، الأدوية، الهواتف الذكية، الأدوات المنزلية باختلاف أنواعها مثل طاولات القهوة وأجهزة التلفاز وحتى أفران الميكروويف، ولاننسي بالطبع السجاد والسيراميك، والمبيدات الزراعية والحشرية، إنها قائمة طويلة تبدو وكأنها لا نهاية لها.
إجمالا تبلغ البضائع التي تنقل عبر عالمنا سنويًا بما يزيد عن 11 مليار طن ، 90% منها تسافر عن طريق البحر.
60٪ من الأحد عشر مليار طن بضائع يتم نقلها عبر الحاويات الكبيرة، فيما تشحن النسبة المتبقية والتي تكون عبارة عن سلع من قبيل النفط الخام أو الحبوب داخل هيكل أو جسم السفينة.
ومن المتوقع أن يستمر الطلب على النقل البحري في الارتفاع بشكل مستمر ليصل إلى 16 مليار طن في العام 2028.
كل ذلك يحدث بفضل تلك الصناديق الكبيرة والمصنوعة من الفولاذ، وبالتحديد "فولاذ الكورتن".
 |
| تجري حسابات دقيقة لرفع الحاوية وتحريكها من أو إلى سطح السفينة عبر رافعات مخصصة لذلك الغرض فقط، rawpixel. |
تلك الصناديق التي لها العديد من الأسماء فهي (حاوية بضائع) و (صندوق جاف)، وهي أيضا (حاوية الشحن)، كما تسمي كذلك (كونيكس) و (حاوية الشحن الجافة) أو (الصندوق الجاف)، وفي داخل المصانع التي تنتجها يطلقون عليها حاويات ISO أو Intermodal، أو حاوية متعددة الوسائط.
بسرعة شديدة، اكتسبت الحاويات شعبية كبيرة في سوق النقل العالمي بسبب سهولة نقلها من السفينة إلى الشاحنة أو القطار والعكس صحيح، فيما كان الناس قديما يضطرون لنقل البضائع بشكل متكرر ومرهق وأيضا مكلف.
ولمزيد من التنظيم، ولأن حركة بتلك الأحجام، لا يمكن أن تتم بشكل عشوائي، يتم نقل الحاويات على متن سفن تتبع "خطوط ملاحية" .. هذه الخطوط تكون أولا مجدولة زمنيا، وثانيا تكون محددة ملاحيا، تماما مثلما يحدث في خطوط القطارات والطائرات.
كيف تصنع حاويات الشحن؟:
الشركات المصنعة لحاويات الشحن اختارت فولاذ الكورتن بالتحديد لأنه يتميز بالعديد من المميزات التي ستجعله يتحمل الظروف الجوية القاسية التي ستتعرض لها الحاوية، والمسافات الطويلة التي ستقطعها في البر والبحر.
فهو أولا مقاوم للعوامل الجوية، ومقاوم للتآكل، ما يجعل الحاوية تتمتع بقوة أكبر ومدة حياة أطول، كما أنه وبمرور الوقت تتكون عليه طبقة حماية تزيد من قوته وتحمله.
بداخل هذه الحاويات يتم وضع البضائع والمنتجات، وتتمكن الشركات من شحنها من وإلى أي مكان على سطح كوكبنا، وغالبا ما يتم ذلك عبر سفن الحاويات التي تجوب بحار ومحيطات العالم، وبنسبة أقل تنقل كذلك عبر السكك الحديدية.
أهمية حاويات الشحن:
بجانب توحيد المادة التي تصنع منها حاويات الشحن، تحرص الشركات المصنعة كذلك على توحيد "الأبعاد" الطول والعرض والارتفاع التي تصمم وتصنع بها الحاويات.
السبب وراء ذلك هو تسهيل عملية التحميل والتفريغ، فلنا أن نتخيل كم الفوضي إذا كانت كل دولة تصنع حاويات بأبعاد معينة، يعني هذا تأخير وجهد ومال أكثر بكثير، لا أحد يرغب في ذلك بكل تأكيد.
.webp "قدم هذا الرجل (مالكولم ماكلين) للعالم ابتكار حاويات الشحن.. سيمثل ذلك تطورا مذهلا في التجارة العالمية، صورة له في ميناء بورتو إليزابيث في جنوب افريقيا، يعتقد أنها التقطت في منتصف الستينات") |
| قدم هذا الرجل (مالكولم ماكلين) للعالم ابتكار حاويات الشحن.. سيمثل ذلك تطورا مذهلا في التجارة العالمية، صورة له في ميناء بورتو إليزابيث في جنوب افريقيا، يعتقد أنها التقطت في منتصف الستينات، Maersk Line، CC BY-SA 2.0 DEED، via wikimedia commons. |
لقد كان هذا هو الوضع السائد في الشحن البحري لآلاف السنين وظل كذلك حتى قبل عام 1956.
في ذلك العام، تم توحيد معايير حاويات الشحن الحديثة، وقتها كانوا يستخدمون عددا لا يحصي من الصناديق والبراميل ذات الأشكال والأحجام المختلفة، بل وحتى الأكياس.
كان ذلك نهجا مكلفا وغير فعال إلى حد كبير يحتاج لأعداد كبيرة من العمال ينقلون كيسًا بكيس، وصندوق بصندوق، وبرميلًا تلو الآخر.
هذا الوضع نفسه كان فرصة ذهبية للصوص .. فكانت مشكلة السرقة ضيفا دائما في كل المؤاني وعبر كل طرق الشحن.
كل هذه العوامل اتحدت معا، لتجعل السفن وفي كثير من الأحيان تمضي في الموانئ وقتًا أطول بكثير مما تمضيه في البحر.
وكما يقال فإن "الحاجة هي ام الاختراع".
جاء الحل من قلب سوق النقل والشحن نفسه، وبالتحديد على يد رجل الأعمال الأمريكي (مالكوم ماكلين) والذي يرجع إليه الفضل في ابتكار فكرة الحاويات الموحدة.
كان المميز في فكر مالكوم ماكلين اعتقاده أن مهمة شركات الشحن هي نقل البضائع وتوصيلها وليس إدارة السفن أو القطارات وتشغيلها، لذا كان تفكيره خارج الصندوق .. وبدأ يبحث عن طريقة لنقل شحنات البضائع بشكل أسرع وأسهل، فظهرت فكرة الحاويات.
لكن الحاويات في بداية الأمر لم تنجح بشكل سريع، بالعكس لم تكن توفر إلا بضع دولارات في كل شحنة مقارنة بطرق الشحن التي كانت سائدة وقتها، كما اعتقد بعض خبراء الشحن وقتها أنها لن تحصل إلا على حصة ضئيلة من السوق.
بعد فترة وجيزة، ظهر اسم المهندس الميكانيكي والمخترع (كيث تنتلينغر) الذي أضاف عددا من الابتكارات الرائعة لحاويات الشحن والتي لولاها لم يكن هناك فرصة لحاويات الشحن لتتوسع بهذا الشكل وتسيطر بشكل كامل على سوق الشحن العالمي.
من أهم تلك الابتكارات (مصبوبات الزوايا)، وهي عبارة عن عنصر يضاف إلى الحاويات مكون من عدد من الثقوب الاي يتم تعليق الحاوية من خلاله ونقلها بواسطة الرافعات من وإلى السفينة.
المهندس تنتلينغر كان له الفضل كذلك في ابتكار (أنظمة القفل الملتوي) وهي الأنظمة التي تضمن وضع الحاويات وتثبيتها بشكل آمن ومنتظم على وسائل النقل المختلفة التي تحملها مثل السفن والشاحنات والقطارات.
وهكذا توصل العالم إلى الحاويات الموحدة الأبعاد، التي يمكن نقلها من السفينة إلى الشاحنة أو القطار دون تفريغها ووضعها في حاوية أخرى لأن المقاسات متباعدة عن بعضها البعض.
كذلك مثل ابتكار الحاويات حلا أكثر أمانا بكثير من الطرق السابقة، إذ لا تفتح الحاوية إلا عند وصولها الوجهة المرسلة إليها وبمعرفة أصحاب الحاوية، ما يمنع الكثير من عمليات السرقة التي كانت تتم سابقا.
ومع ذلك كله، فهذا لا يمنع وجود عدد محدود للغاية من أحجام الحاويات التي تجعل بالتبعية هناك عدد من أنواع الحاويات بمقاسات مختلفة.
مقاسات الحاويات:
تختلف أنواع الحاويات باختلاف أبعادها وأحجامها، فتأتي بالأبعاد التالية:
أطوال الحاويات تأتي بثلاثة أشكال، فهي إما بطول 10 أو 20 أو 40 بوصة (أي ما يعادل 3 م أو 6 م أو 12 م).
النوعين الاخرين اللذان يأتيان بطول 6 و 12 متر واللذان يعادلان طول 20 و 40 قدم هي الأبعاد الأكثر شيوعًا واستخداما على مستوي العالم.
أما الارتفاع فغالبا ما يكون موحدا مع 8 أقدام ونصف (أي ما يعادل 2.6 متر).
وبالنسبة للوزن، فتتراوح أوزان الحاويات بداية من 6000 وتصل حتى 7500 رطل (وهذا يعادل نحو 2721 : 3400 كجم) للحاوية الواحدة.
ما هي أنواع الحاويات؟:
يختلف اختيار الحاوية حسب طبيعة الأحمال ونوع البضائع التي يريدون وضعها في الحاويات، وبرغم هذا الاختلاف في الابعاد فهناك تنوع كبير جدا في أنواع الحاويات، وأيضا يرجع هذا الاختلاف حسب السلع المطلوب نقلها.
فعلي سبيل المثال، هناك:
* حاويات لأغراض عامة تصلح لنقل الكثير من أنواع البضائع:
تسمي كذلك (حاويات الشحن الجافة القياسية) أو Standard dry shipping containers، وهي كما قلنا للأغراض العامة، وتصلح لشحن البضائع بحرا أو عبر الشاحنات أو السكك الحديدية.
تصنع الحاويات القياسية من فولاذ الكورتن أو الألومنيوم، ما يحمي البضائع من الماء والرطوبة والرياح أو أي نوع من الضرر.
عادة ما تكون الحاويات المصنوعة من الألومنيوم أوسع وذات حمولة أكبر بقليل من تلك المصنوعة من الفولاذ.
وبشكل أساسي تأتي هذه الحاويات بثلاثة أطوال هي 20 قدمًا و 40 قدمًا و 45 قدمًا، يتم الاختيار من بينها حسب نوع وكمية الشحنة المنقولة.
فيما يبلغ عرضها عادةً حوالي 8 أقدام (2.43 مترًا) وارتفاعها 8.5 قدمًا (2.59 مترًا).
- حاويات لأغراض خاصة: تكون مخصصة لأنواع معينة من البضائع.
- حاويات مزودة بأنظمة تهوية.
وأيا يكن نوع الحاوية، فبخلاف استخدامها الأصلي كوسيلة للشحن، فهي تعتبر في الوقت نفسه وسيلة تخزين مثالية.
مشكلة سقوط حاويات الشحن في البحر:
في النهاية، نختم هذا التقرير بالأشارة إلي أحد التقارير الممتعة التي أعددناها من قبل بعنوان ((حوادث سقوط حاويات سفن الشحن في البحر أو المحيطات.. عندما تستقر سلع بملايين الدولارات بجانب الأسماك)).
