تاثير الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين على سلسلة توريد الرقائق عالميا

يبدو أن الحرب الدائرة حاليا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، سيكون لها تأثيراتها على أحد أهم قطاعات التكنولوجيا في العالم، وبالتحديد (صناعة الرقائق العالمية)... وهذا ما تعرض له تقرير هام نشرته وكالة (بلومبرغ) الأمريكية الشهيرة.

مبني شركة Intel الأمريكية في مدينة حيفا الإسرائيلية، هذه المدينة وصلتها بالفعل صواريخ كتائب القسام طراز آر-160.. xiquinhosilva، Attribution 2.0 Generic، via Flickr.

اسرائيل، لها تأثيرها الكبير بالفعل على صناعة الرقائق، أساس كل صناعات العالم المتطورة في يومنا هذا، بداية من الهواتف الذكية، مرورا بالحواسيب وصولا إلى الصواريخ الذكية أيضا.

كما أن لديها العديد من المهندسين المهمين في هذه الصناعة، وهي بجانب كل ذلك مركزا مهما لشركات ومصانع تصنيع الرقائق من الأهم والأكبر دوليا، علاوة على أن بها الكثير من الشركات الناشئة في "صناعة أشباه الموصلات Semiconductors"، والتي غالبا ما تسعي الشركات الكبرى في هذا المجال للاستحواذ عليها.

علي سبيل المثال، شركة Intel Corp الأمريكية موجودة هناك منذ ما يقرب من 50 عامًا وتحتفظ بشبكة من مرافق التصميم والإنتاج في جميع أنحاء إسرائيل.

لديهم كذلك شركة Nvidia Corp، وهي أكبر شركة لتصنيع الرقائق المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي في العالم، وتنتج رقائق هي الأكثر تطورا في العالم مثل المعالج الأسطوري(H100 NVIDIA Tensor Core) والمعالج (NVIDIA A100 Tensor Core GPU) أحد قادة ثورة الذكاء الاصطناعي في العالم.

هذه الشركة العملاقة تتمتع أيضا بحضور كبير في إسرائيل، ولا غرابة في ذلك لقد كانت إسرائيل أصلا واحدة من أول وأهم خطوات إنتل في تاريخها، حينما انشأت أول موقع لها في حيفا، في عام 1974، أي بعد ست سنوات فقط من تأسيس الشركة نفسها.

في خلال العقود التالية تحولت إسرائيل إلي مركزًا أساسيًا للأبحاث والتصميم لشركة إنتل، مما ساعدها على تعزيز هيمنتها على مدى عقود من الزمن على تصنيع رقائق الكمبيوتر.

كان السر وراء اختيار إنتل لحيفا بالتحديد هو قربها من (التخنيون) أو معهد إسرائيل للتكنولوجيا، وهو المكان الذي تخرج منه العديد من المهندسين والعلماء الرائدين في مجال تصميم وتصنيع الرقائق.

لعل الجميع يتذكر العام 2003، عندما بدأت أجهزة الكمبيوتر المحمولة في الظهور، حينها قدمت شركة إنتل خطًا جديدًا من المعالجات الموفرة للطاقة والمزودة بتقنية Wi-Fi.

الرقاقة الخاصة بشبكات الواي فاي Intel Centrino Advanced-N 6235 - هذه الرقاقات تم تصميمها في إسرائيل، © Raimond Spekking / CC BY-SA 4.0 (via Wikimedia Commons)

هذه المعالجات جاءت بناءً على تصميمات كان مهندسون إنتل في حيفا هم أول من اقترحها.

حينها أطلق عليها الفريق الاسم الرمزي (بانياس)، الذي سمي على اسم نبع بالقرب من مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967. سيُعرف المنتج لاحقًا باسم Centrino و Pentium M.

بحسب شركة إنتل فإنها في يومنا هذا توفر وظائف لنحو 12800 شخص في خمسة مواقع رئيسية في إسرائيل.

هؤلاء يشمل عملهم تقنيات الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة. 

وتظل حيفا مسؤولة عن بعض ما يدخل في معالجات الشركة، التي تحتفظ بحصة مهيمنة في أسواق أجهزة الكمبيوتر والخوادم.

وكذلك الحال بالنسبة لشركة أبل، التي تصمم بعضًا من السيليكون الخاص بها في إسرائيل، تحت إدارة الإسرائيلي (جوني سروجي).

جوني سروجي هذا بالتحديد كان السبب وراء القرار التاريخي الذي اتخذته آبل بالتخلي عن معالجات إنتل بعد 15 عاما من الاعتماد عليها وذلك في نوفمبر عام 2020 عندما قررت آبل إنتاج معالجاتها بنفسها.

كما أن شركة مايكروسوفت الأمريكية لديها مراكز مهمة لتصميم الرقائق هناك أيضًا.

مصنع شركة إنتل في كريات جات حيث يعمل حوالى 5 آلاف شخص، Attribution: ארכיון קרית גת.

وهكذا، تعد إسرائيل واحدة من الأماكن القليلة خارج شرق آسيا التي يتم فيها إنتاج الرقائق المتقدمة، لكن الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي خلفت ما يزيد عن ألفي قتيل في أسبوعها الأول، تشكل خطرا ينذر بزيادة تعقيد سلسلة توريد الرقائق.

فحيفا تم ضربها بالفعل بصواريخ كتائب عز الدين القسام طراز R-170، هذا بخلاف القصف المتبادل بين الحين والآخر بين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.

وإلى جانب حيفا، الموقع الرئيسي الآخر لإنتل في إسرائيل هو مصنع لإنتاج الرقائق في (كريات جات)، حيث قامت شركة Intel بتوسيع هذا المشروع هذا العام

مشكلة (كريات جات) تتمثل في موقعها، إنها تقع جنوب غرب القدس، على بعد 30 دقيقة بالسيارة فقط من حدود غزة، وجزء كبير من ترسانة حماس الصاروخية تستطيع الوصول إليها بسهولة.

لقد تأثرت إسرائيل بالفعل ولو بشكل ضئيل، فمن بين الإسرائيليين الذين وقعوا أسرى في قبضة مقاتلو حماس (أفيناتان أور) وهو مهندس لدى شركة إنفيديا.

وتظهر مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت أور وصديقته نوا أرغاماني أثناء اصطحابهما رغماً عنهما من مهرجان موسيقي تعرض للهجوم خلال عطلة نهاية الأسبوع. 

كما أكدت شركة إنفيديا وقوع الاختطاف لمهندسها، وألغت مؤتمر الذكاء الاصطناعي الذي كان من المقرر أن يبدأ في 15 أكتوبر الجاري في تل أبيب.

وأشارت وكالة (بلومبرغ) في نهاية تقريرها إلي حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع مسلح، الغالبية العظمى من مواطنيه رجالا ونساء من المجندين احتياطيا في الجيش، ويتم استدعائهم حين الحاجة إليهم، ما يصيب كل قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي بشلل ولو جزئي.

حيث ختمت تقريرها بالاشارة إلي أن:
العديد من الشركات قالت إن موظفيها جزء من الاستدعاء الجماعي لجنود الاحتياط في الجيش، الأمر الذي سيؤدي إلى اضطرابات في أماكن العمل. ورفضت إنتل التعليق على وضع عملياتها أو موظفيها في إسرائيل هناك. وقالت الشركة في بيان: “نحن نراقب الوضع في إسرائيل عن كثب ونتخذ خطوات لحماية ودعم عمالنا”.
المعرفة للدراسات
بواسطة : المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-