في موقف شجاع ونادر من مسؤول دبلوماسي كبير، بل يشغل أرفع منصب دبلوماسي دولي، وجه الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) الكثير من الانتقادات الحادة والقوية لدولة الكيان الإسرائيلي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال كلمة حق بشجاعة يفتقدها الكثيرون هذه الأيام، UN Photo/Mark Garten. |
حيث اعتبر أنطونيو غوتيريش أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر والذي عرف باسم (طوفان الأقصى) لم يأتي من فراغ بعدما تعرض الشعب الفلسطيني لاحتلال مستمر منذ 56 عاما، مؤكداً أنها لا تبرر "القتل الجماعي" الذي تقوم به إسرائيل في غزة.
وقال الدبلوماسي الأبرز عالميا متحدثا عن الفلسطينيين: (ورأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتعاني العنف، خُنِقَ اقتصادُهم، ثم نزحوا عن أراضيهم، وهُدمت منازلهم، وتلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم).
وخلال كلمته التي أدلى بها غوتيريش في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لتناول الوضع الراهن، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلي "وقف إطلاق نار إنساني" في غزة لتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني، مضيفا: (مخزونات الأمم المتحدة من الوقود في غزة ستنفد خلال أيام. هذه ستكون كارثة أخرى).
أيضا تحدث عن حدوث "انتهاكات واضحة للقانون الإنساني الدولي" قائلا أنه يشعر بالقلق العميق تجاهها، موضحا أنه وخلال الهجمات الإسرائيلية على القطاع تم قتل 35 موظف تابعين للأمم المتحدة قال عنهم: (وأنا مدين لتلك العائلات بإدانتي لهذه الجرائم والعديد من عمليات القتل المماثلة الأخرى).
وأضاف "في لحظة حاسمة مثل هذه، من المهم أن يكون واضحا أن للحرب قواعد، بدءا بالمبدأ الأساسي المتمثل في احترام وحماية المدنيين".. ثم تابع: ((واحترام وحماية المستشفيات، واحترام حرمة منشآت الأمم المتحدة التي تؤوي اليوم أكثر من 600 ألف فلسطيني)).
متابعا قوله: "حماية المدنيين لا تعني الأمر بإجلاء أكثر من مليون شخص إلى الجنوب، حيث لا مأوى ولا طعام ولا ماء ولا دواء ولا وقود، ثم الاستمرار في قصف الجنوب نفسه".
الرجل الذي وقف يوم الجمعة الماضي عند معبر رفح بين مصر وإسرائيل ولم تدخل المساعدات الدولية يومها إلي قطاع غزة، وصف المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها بأنها "قطرة في بحر" داعيا لفتح المعبر أمام الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية في أسرع وقت ممكن لنجدة 2,4 مليون شخص هم سكان قطاع غزة.
وكان غوتيريش قد غرد عبر صفحته على منصة "إكس"، تويتر سابقًا قائلا: "من المستحيل أن تكون في معبر رفح ولا تشعر بالحزن".
وقال غوتيرش في كلمته يوم الثلاثاء: "من أجل التخفيف من هذه المعاناة الهائلة، تسهيل توزيع المساعدات بشكل مضمون، وتسهيل الافراج عن الرهائن، أكرر دعوتي الى وقف إطلاق نار إنساني فورا".
كما حذر أنطونيو غوتيريش من أن هذه الحرب في غزة قد تنتشر في كامل المنطقة، وأكد بقوله: (لنكن واضحين: كل طرف في أي نزاع مسلح ليس فوق القانون الإنساني الدولي).
وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي إيلي كوهين، Attribution: Ofir Abe (אופיר אייבי). |
وردا على ذلك قال وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي"إيلي كوهين" أنه لن يجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال كوهين في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي: "لن أجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة. بعد مذبحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لا يوجد مكان لمقاربة متوازنة. يجب محو حماس من على وجه الكوكب!".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي قد قام خلال كلمته بعرض صور أطفال إسرائيليين اختطفتهم حماس وقال :"هذا مجرد عدد قليل من أطفال ورضع كثيرين لم يروا الشر، لكنهم تحولوا الى ضحايا الشر". وطالب والتفت الى غوتيريش وقال :"لقد شهدوا أهوال لا توصف، سيدي الأمين العام، بأي عالم تعيش؟ بالتأكيد ليس في عالمنا".
لكن هذا الوزير المنافق لم يجرؤ علي عرض صورة واحدة لطفل فلسطيني قتلته بلاده بقصف جوي لا يرحم .. ولم ولن يجرؤ على عرض تصريحات مواطنيه أنفسهم ممن تركهم المقاتلين الفلسطينيين دون أسر لأنهم معهم أطفال أو قعيدي الفراش.
كما لن يجرؤ على عرض تصريحات مواطنيه الذين أفرجت عنهم حماس، وبالتأكيد لن يقول أن قصف طائرات جيش الاحتلال قتلت من ضمن ما قتلت أسرى إسرائيليين داخل قطاع غزة.
ووصف كوهين هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بأنه "أسوأ من جرائم داعش"، مضيفا أن "العالم المتحضر يجب أن يقف خلفنا لهزيمة حماس كما اتحد لهزيمة داعش، وأوجه رسالة للعالم أن الغرب هو الهدف التالي لحماس بعدنا".
ولا نعلم ماذا يريد هذا الوزير من العالم المتحضر أكثر من حاملات طائرات ومخازن أسلحة تفتح على مصراعيها لخدمة جيش الاحتلال الإسرائيلي.. وأكثر من صمته على مجازر يندي لها الجبين البشري.
بدوره طالب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة (جلعاد إردان) باستقالة الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، معتبرا أنه غير مناسب لقيادة الأمم المتحدة.
سفير إسرائيل لدي الأمم المتحدة جلعاد إردان، public domain. |
وقال إردان في تغريدة على منصة اكس إن الذي يظهر تفهماً لـ"الفظائع المرتكبة ضد مواطني إسرائيل"، ليس مؤهلاً لقيادة الأمم المتحدة".
وأضاف: "إنه لأمر محزن حقا أن رئيس المنظمة التي ظهرت بعد المحرقة يحمل مثل هذه الآراء الفظيعة" على حد قوله.
ولا نعلم هل كان سفير الصهاينة يريد من الأمين العام للأمم المتحدة أن يصفق لمحرقة جديدة مات فيها أكثر من 5 آلاف شخص خلال 18 يوم، لأن من يرتكبها أبناء أو أحفاد من قالوا عن أنفسهم أنهم ضحايا محرقة سابقة؟.
في الوقت نفسه، اعتبر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن عدم تحرك المجلس لإنقاذ سكان غزة "لا يغتفر".
وسأل الوزير الفلسطيني "ألم يجرح ضميركم الإنساني جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي على مدى 56 عاما من الاحتلال الاستعماري أو عمليات القتل الإرهابية والدمار والجوع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم؟".