في اليوم الثالث من الحرب بين إسرائيل وغزة، كان أبرز ما حدث حتى ظهر اليوم الاثنين 9 أكتوبر 2023، هو إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إستعادة السيطرة على كافة المناطق في محيط قطاع غزة، والتأكيد على انتهاء العمليات القتالية في الأراضي المحتلة خارج غزة.
مقاتل فلسطيني داخل أحد مواقع الجيش الإسرائيلي الذي تم الهجوم عليه وإلحاق خسائر كبيرة بقواته والمعدات بداخله، لقطة من فيديو نشره الإعلام العسكري التابع لحركة حماس. |
كان ذلك في تصريح أدلى به المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأدميرال ((دانييل هاغاري)) للصحفيين، صباح اليوم الاثنين، حيث أكد أنه لا يوجد قتال بين الجيش الإسرائيلي وحماس داخل ((إسرائيل))، مؤكدا استعادة السيطرة على المناطق خارج غزة.
تضارب الاخبار حول استمرار الاشتباكات داخل إسرائيل:
ربما كان ذلك متوقعا منذ اللحظة الأولى للهجوم الفلسطيني، بل وربما خطط الفلسطينيين له من البداية، أن يقوموا بالانسحاب التكتيكي، فلا يكون أمام الجيش الإسرائيلي إذا ما أراد القضاء عليهم إلا محاولة اقتحام غزة، وحينها سيكون الكيان الصهيوني قد ارتكب خطأ عسكريا فادحا سيكلفه خسائر ربما لم يتلقاها منذ عقود.
جاءت تلك التصريحات من المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، متعارضة مع تقرير أخير نشرته قناة ((الجزيرة)) القطرية المشهورة بأن لديها مصادر على أعلى المستويات داخل قطاع غزة.
القناة القطرية أكدت ان الاشتباكات داخل إسرائيل لا تزال متواصلة مع دخول عملية ((طوفان الأقصى)) يومها الثالث، وسط تقديرات تشير لاحتمالية ارتفاع رقم خسائر الإسرائيليين إلي ألف قتيل.
وبرغم هذا التضارب، فإن من المؤكد أن إسرائيل باتت الآن تحشد عشرات الآلاف من الجنود المدعمين بالدبابات والمدرعات والمدفعية ويحيطون بقطاع غزة.
تحديث: اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوجود ((أعداد من المسلحين)) فيما سماها "مناطقنا" وأنهم يعملون على تصفيتهم، وذلك في كلمة له أدلى بها مساء اليوم الاثنين.
وفي نفس الكلمة، دعا نتنياهو قادة المعارضة الإسرائيلية لتشكيل ((حكومة وحدة وطنية)).. في خطوة قد يراها البعض كاشفة عن مأزق حقيقي تعيشه إسرائيل هذه الأيام، فيما قد يراها البعض الآخر باعتبارها محاولة من نتنياهو لتوزيع المسؤولية على جميع الأحزاب، حتى لا يتحملها حزبه "الليكود" أمام الناخبين الإسرائيليين في أي انتخابات مقبلة.
وادعى نتنياهو أن هذه الحرب فرضها على إسرائيل من وصفهم بأنهم ((عدو مروع)) متعهدا بأن ينتصر الكيان الصهيوني، نافيا أن يكون جهاز ((المخابرات العامة المصرية)) قد أبلغ إسرائيل بهجوم حماس مسبقا قائلا أنها: ((أخبار زائفة)).
أكثر أيام إسرائيل دموية:
وقبل نهاية اليوم الثالث من القتال، ارتفعت فاتورة القتلي الإسرائيليين إلى ما يزيد عن 800 قتيل، فيما أصيب أكثر من ألفي شخص، ولا يزال المئات في عداد المفقودين، حيث يعتقد أن جزء كبير منهم أسرى في غزة.
هذا الرقم يجعل إسرائيل تعيش بعض أكثر أيامها دموية، إنه رقم يتفوق على خسائرها في اشتراكها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والذي كان نحو 250 قتيلا.
كما يزيد أيضا عن خسائرها في حرب يونيو 1967 تلك الحرب التي غيرت ملامح الشرق الأوسط لعقود، وحاربت فيها إسرائيل ضد 4 دول عربية، واحتلت خلالها شبه جزيرة سيناء المصرية، هضبة الجولان السورية، والضفة الغربية الفلسطينية التي كانت تحت إدارة الأردن.
خلال تلك الحرب التي عرفت بالنكسة، والتي استمرت 6 أيام فقط، لم تزيد خسائر إسرائيل عن 800 قتيل.
وها هي الآن تقترب من رقم خسائرها في حرب الاستنزاف، تلك الحرب التي شنها الجيش المصري ضدها عقب هزيمة يونيو 1967، واستمرت حتى وقف إطلاق النار بمبادرة روجرز في صيف عام 1970، حيث بلغت خسائر إسرائيل خلال تلك الفترة نحو 1500 قتيل.
وكان رجال الإنقاذ في إسرائيل قد أعلنوا اليوم الاثنين أن عدد الجثث التي تم العثور عليها في موقع لحفل غنائي كان مقاتلي حماس قد هاجموه عند بداية المعارك يوم السبت، قد وصل إلى 260 جثة في هذا الموقع وحده، فيما تحاول العديد من العائلات الإسرائيلية البحث عن جثث أقربائهم.
حصار كامل على غزة:
حيث أعلنت إسرائيل حاليا أنها فرضت "حصارًا كاملاً" على قطاع غزة، ونقلت صحيفة (الجارديان) البريطانية تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي: "في غزة لا يوجد كهرباء، لا يوجد طعام، لا يوجد ماء، لا يوجد وقود"، وذلك بحسب الأوامر التي أصدرها لقواته.
وهذا بالطبع ما يفسر الحشد الإسرائيلي الكبير برا حول غزة، إنها قوات الحصار، ويبدو أن هذا القرار بحصار غزة بشكل كامل قد تم اتخاذه في اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم أمس الاحد.
وكانت المطاعم في جنوب إسرائيل قد فتحت أبوابها فقط لجنود جيش الاحتلال، كما أعلن عددا من الطهاة أنهم سيتوجهون لتقديم المساعدة بإعداد الطعام إلي حيث احتشاد القوات قبالة غزة.
في ذات الوقت، لا تزال حركات المقاومة الفلسطينية تواصل استخدام سلاح القصف الصاروخي.
حيث أعلنت صحيفة ((معاريف)) الإسرائيلية عن رشقات نارية كثيفة باتجاه محيط القدس ومناطق وسط فلسطين المحتلة، وأن عدد من الصواريخ الفلسطينية أصابت أهدافها مباشرة في أشدود وعسقلان القريبتين من قطاع غزة.
وكانت حركة حماس قد أعلنت أن عدد الأسرى الإسرائيليين لديها قد تجاوز المائة أسير، من بينهم ضباط في جيش الاحتلال، وأن واحدا منهم قد لقي مصرعه في غارة إسرائيلية من ضمن الغارات المتوالية بكثافة وعنف على قطاع غزة.
حيث تواصل القوات الجوية الإسرائيلية حاليا غارات مكثفة علي قطاع غزة، حيث بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين نتيجة القصف الإسرائيلي ما يزيد عن 550 شهيد بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أنه ووفقا ما أعلن عنه جيش الاحتلال الإسرائيلي فإن طيرانه أسقط في اليوم الأول فقط 100 طن من القنابل والصواريخ على حي السجايا وعشرات الأطنان على بيت حانون.
ونقلت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه بات لديه (معلومات كاملة) عن جميع الأسرى في قطاع غزة.
مواطنين فلسطينيين حول ركام منزل دمره القصف الجوي الإسرائيلي، Attribution: Fars Media Corporation. |
وفي سياق متصل، نتج عن خطوة قطع إسرائيل للكهرباء عن قطاع غزة تعقيدات كبيرة بالنسبة للقطاع الطبي والمستشفيات.
وكانت الحدود بين لبنان وإسرائيل قد شهدت اشتباكات محدودة عصر هذا اليوم الاثنين.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي يوم الاثنين إنه "من غير الممكن إعطاء أرقام" للضحايا البريطانيين في هجوم حماس على إسرائيل بسبب "عدد كبير" من المواطنين البريطانيين الإسرائيليين -أي الذين يحملون جنسية مزدوجة-.