الأحدث

كوريا الشمالية تطلق أول صاروخ كروز "إستراتيجي".. وترجيحات تشير لقدرته علي حمل رؤوس نووية

 نشرت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية منذ عدة ساعات صور لصاروخ كروز جديد أطلقته البلد الواقعة تحت العقوبات الأمريكية والدولية منذ عشرات السنين.

صور غير مؤرخة اذاعتها وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية للصاروخ من منصة إطلاقه وعند تحليقه، KCNA. 


الصاروخ من فئة الصواريخ كروز الطويلة المدى، وتشير عدة علامات علي كونه قادر علي حمل رؤوس نووية.


بذلك الاختبار تظهر كوريا الشمالية للجميع أنها لا تكترث بالعقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة، بل وتبرز قدرتها علي تحقيق تقدم مطرد في تطوير أسلحة قوية بشكل متزايد في شبه الجزيرة الكورية.


يحدث ذلك برغم ظروفها التي قد تصل لحد الفاجعة فيما يتعلق بنقص إمدادات الغذاء والمحاصيل، وأزمة اقتصادية طاحنة تعصف بها زاد من وطأتها الآثار التي خلفها فيروس كورونا المستجد "كوفيد-١٩"، جعلت الزعيم كيم جونغ أون يعترف في يونيو الماضي أن كوريا الشمالية البالغ عدد سكانها زهاء ٢٦ مليون نسمة، تمر بأزمة غذاء طاحنة مع ارتفاع جنوني في أسعار السلع، وصل بسعر كيلو الموز علي سبيل المثال إلي ٤٥ دولار أمريكي، وسعر علبة البن لمائة دولار، وقدر مركز أبحاث كوري جنوبي ان الجارة الشمالية لديها عجز في الغذاء يقدر ب"١،٣٥ مليون طن" من أصل حوالى "٥،٧٥ مليون طن" من إمدادات الغذاء التي تحتاجها سنويا لاطعام شعبها.


الأول منذ شهور:


هذا هو أول صاروخ تطلقه كوريا الشمالية من ستة أشهر، وبالتحديد منذ اختبارها لصاروخ باليستي قصير المدى في شهر مارس الماضي.


بذلك، فلا يبدو أن البلاد الواقعة تحت حكم كيم جونغ أون، ستعطي أي تنازلات في أي محادثات يهدف الغرب من ورائها لتفكيك ترسانتها الصاروخية المعقدة والمتعددة الانواع والطرازات والمدى، وقد أظهرت ذلك بوضوح في المحادثات السابقة التي عقدت في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وتوقفت عام ٢٠١٩.


وفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) التي تديرها الدولة والتي أعلنت عن الخبر اليوم فحسب، فإن تجارب الإطلاق تمت بشكل ناجح علي مدار يومين خلال نهاية الأسبوع الماضي بالتقويم الكوري الشمالي "تقويم جوتشي"، وبالتحديد يومي السبت والاحد ١١ و ١٢ سبتمبر الجاري، وأوضحت الوكالة أيضا أن العلماء في كوريا الشمالية استغرقوا عامين لتطوير وصنع هذا الصاروخ.


أظهر ذلك الاختبار بوضوح أن كوريا الشمالية قد غسلت يداها من أي محادثات تحاول الولايات المتحدة إجراءها معها لنزع سلاحها النووي وتقليل ترسانتها الصاروخية، وأن سياسة العصا والجزرة التي تشمل التهديد بعقوبات وفرضها فعليا، أو الوعد بمساعدات اقتصادية لن يؤثر علي كوريين الشمال.


حاول ترامب تحقيق ما فشل فيه كل الرؤساء الامريكيين قبله باقناع الكوريين الشماليين بالتخلي عن ردعهم النووي، ٣٠ يونيو ٢٠١٩، صورة بين الزعيمين في بيت الحرية في المنطقة المنزوعة السلاح الكورية. (الصورة الرسمية للبيت الأبيض بواسطة Shealah Craighead)، Public domain, No Copyright. 


فالسبب الرئيسي الذي أفشل محاولات ترامب في التفاوض مع كيم جونغ أون، والذي كان يصفه دوما برجل الصواريخ، هو أن السيد كيم طالب الامريكيين بخفيفات كبيرة للعقوبات المفروضة علي بلاده، في مقابل تفكيك مجمع نووي قديم فحسب.


ويأتي إطلاق هذا الصاروخ الجديد من نوعه، قبيل وقت قصير من اجتماع ثلاثي من المقرر عقده بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية للتناقش حول الملف الكوري الشمالي.


قدرات نووية محتملة:


بالاطلاع علي صور الصاروخ الجديد، التي اذاعتها وكالة الأنباء الكورية الشمالية، ونشرتها أيضا صحيفة "رودونغ سينمون" الناطقة باسم حزب العمال الحاكم، يذهب بعض المحللين العسكريين المتخصصين في مجال الصواريخ إلي ان صاروخ كوريا الشمالية الجديد قد يكون له قدرات نووية، وهذا ما يجعل من الممكن فرض عقوبات جديدة علي بيونغ يانغ.


ذلك لأن الصواريخ الكروز التي تجربها كوريا الشمالية عادة ما تكون مثار إهتمام أقل من تجاربها لاطلاق الصواريخ الباليستية، لأن الصواريخ الكروز غير محظورة صراحةً بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن أن تمتلك هذه الصواريخ قدرات حمل رؤوس نووية فهذه نقطة تقلب الوضع تماما.


إذ صح هذا التحليل أيضا، فإنه سيكون الصاروخ الكروز الكوري الشمالي الأول الذي يمتلك قدرات نووية، إذ لم تكن تملك بيونغ يانغ تملك في برنامجها الصاروخي هذه القدرات من قبل، واقتصرت صواريخها القادرة علي حمل الرؤوس النووية علي الصواريخ الباليستية أو العابرة للقارات.


هذه النوعية الجديدة من الصواريخ التي زُعمت كوريا الشمالية أنها قد استطاعت التحليق خلال تجارب الأداء لمدة ١٢٦ دقيقة قطعت خلالها مسافة ١٥٠٠ كيلومتر (٩٣٠ ميل)، وأنها اتخذت مسارات طيران بيضاوية ودائرية الشكل أظهرت خلالها قدراته العالية علي المناورة وتغيير مسارات طيرانها بسلاسة، قبل أن تصيب أهدافها ومن ثم تسقط في المياه الأقليمية لكوريا الشمالية، قالت عنها مصادر عسكرية أمريكية إنها تشكل "تهديدات" للدول المجاورة لكوريا الشمالية، بل ولأبعد من ذلك، واصفة ما حدث بأنه تهديد للمجتمع الدولي.


كما اعربت اليابان المجاورة لكوريا الشمالية عن ان لديها "مخاوف كبيرة".


ووفقا للصور التي نشرها الإعلام الكوري الشمالي، ظهرت قاذفة تنطلق من شاحنة تحمل خمسة أنابيب إطلاق، ما قد يعني أن منصة إطلاق هذا الصاروخ تحمل علي الأقل خمسة صواريخ من نفس النوع الجديد، كما ظهر الصاروخ الجديد وهو يحلق بشكل أفقي.


وضمن المقدسات في العقيدة السياسية للنظام الحاكم في كوريا الشمالية والذي يرأسه شخص تولى الحكم خلفا لوالده، والذي تولاه في الأصل خلفا لوالده الذي هو جد الزعيم الحالي، فإن هناك حالة من العداء الدائم والمستمر مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر بالنسبة لها هي ممثل الامبريالية، وبالتالي فهذا النظام يري أنه بحاجة للأسلحة النووية كأسلحة ردع لكل من الولايات المتحدة وحليفتها كوريا الجنوبية.


أتي اختبار هذه الصواريخ الكروز الجديدة بعد عدة أيام فقط من إقامة عرض عسكري في العاصمة بيونغ يانغ ، بمناسبة الذكرى ٧٣ لتأسيس البلاد.


هذا بالضبط ما قالته وكالة الأنباء الكورية الشمالية في تعليقها علي الخبر، فوصفت هذه الصواريخ بأنها "وسيلة ردع فعالة أخرى، لضمان أمن دولتنا بشكل أكثر موثوقية، كما تساهم في احتواء المناورات العسكرية للقوات المعادية ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية"، وأضافت أنها تحقق دعوة الزعيم كيم جونغ أون لتعزيز القوة العسكرية للبلاد.


يتذكر النظام الكوري جيدا التحالف الأممي الذي قادته الولايات المتحدة وشنت ما يعرف باسم "الحرب الكورية"، والتي استمرت بين عامي ١٩٥٠ : ١٩٥٣، وهم لا ينسوا أبدا الدعم الذي حصلوا عليه من حليفهم الدائم "الصين" في تلك الحرب التي قسمت شبه الجزيرة الكورية إلي دولتين شمالية وجنوبية يجمعهما العداء الدائم، ولم تنتهي الحرب إلا بهدنة لم ينجح أحد في تحويلها لمعاهدة سلام دائم.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-