لماذا استأجرت مايكروسوفت أسوء مفاعل نووي في التاريخ الأمريكي؟

ستعيد شركة مايكروسوفت تشغيل (مفاعل ثري مايل آيلاند النووي) لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي لديها.

مفاعل ثري مايل آيلاند النووي .. صاحب أكبر كارثة نووية في التاريخ الأمريكي الذي استأجرته شركة مايكروسوفت، هذه المداخن الكبيرة الظاهرة في الصورة هي عبارة عن أبراج تبريد فقط، في حين أن المفاعلات تقع داخل قباب أصغر ذات قمم مستديرة، United States Department of Energy، public domain.

الشركة العملاقة لديها طموح كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، ولهذا السبب فهي تحتاج إلي كميات كبيرة من الطاقة، فكان قرارها الاعتماد على استخدام المفاعلات النووية لمنحها الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

بالفعل بدأت مايكروسوفت حاليا في نشر إعلانات التوظيف الخاصة بها عن حاجتها لمهندسين وعاملين في المفاعلات النووية.

المفاعل الكارثي:

شركة مايكروسوفت اختارت المفاعل الواقع بالقرب من ميدلتاون في ولاية بنسلفانيا الذي يرتبط بأسوء كارثة نووية وتسرب إشعاعي  في التاريخ الأمريكي والتي وقعت في 28 مارس/آذار 1979.

الكارثة وقعت عندما انصهر جزء من مفاعل الوحدة الثانية من المفاعل الذي يقع في جزيرة تحمل نفس الاسم (جزيرة ثري مايل).

التحقيقات توصلت إلى نتيجة مفادها أنه كان هناك (صمام) به عيب، تسبب في فقدان سائل تبريد الماء في المحطة الثانية، ما أدي لارتفاع درجة الحرارة فيها ثم إنصهارها

أدت تلك الكارثة إلى تغييرات جذرية على المفاعلات النووية في الولايات المتحدة الأمريكية، شملت وضع خطط للاستجابة لحالات الطوارئ، وتدريب العاملين في المفاعلات، والعديد من المجالات الأخرى لضمان عدم تكرار الأمر.

كما أصبحت رقابة (الهيئة التنظيمية النووية) أشد وأكثر صرامة.

عقد إيجار المفاعل النووي:

المفاعل النووي سيئ السمعة كان متوقف عن العمل منذ عام 2019، لكن شركة (Constellation Energy) التي تملكه أعلنت أنها قد توصلت إلى اتفاق مع شركة مايكروسوفت يقضي بتشغيل المفاعل من أجل تأمين احتياجاتها المتزايدة من الطاقة والتي تستخدمها في عمليات تشغيل وتطوير الذكاء الاصطناعي.

المفاعل تم تطويره تماما عقب الكارثة وأصبح ضمن فئة المفاعلات التي يطلق عليها اسم (مفاعلات الجيل التالي).

مصطلح (مفاعلات الجيل التالي) يشير إلى جيل جديد من المفاعلات النووية الأكثر كفاءة في إنتاج الطاقة، والأكثر أمانا في ذات الوقت.

أيضا فإن مفاعلات الجيل التالي غالبا ما تكون صغيرة أو متوسطة الحجم، وبالتالي فهي أقل أيضا من حيث "تكلفتها المالية".

وفي حين تستهلك (مراكز البيانات) بالفعل قدرًا هائلا من الطاقة، وأن الذكاء الاصطناعي هو الآخر شره جدا ناحية استهلاك الطاقة، فإن شركة مايكروسوفت لها أهداف مناخية أعلنت عنها -ضمن التزام كبرى شركات العالم في مجال الحفاظ على البيئة-، من خلال تخفيض الانبعاثات الحرارية التي تنتج عن عملها مسببة الاحتباس الحراري.

إذا لم تتمكن الشركة من إيجاد مصدر نظيف للطاقة مثل المفاعلات النووية، فإنها لن تكون قادرة على الوفاء بتعهداتها في هذا المجال.

لكن عقدا من هذا النوع سيفتح في الوقت نفسه على الشركة بابا آخر من المشاكل التي لم تعهدها من قبل مثل كيفية التعامل مع النفايات المشعة، وتأمين سلسلة توريد اليورانيوم.

إن دور المفاعلات النووية أصلا في مكافحة تغير المناخ لا يزال موضع نقاش، ولكن لا ننسي هنا أن مؤسس (شركة مايكروسوفت) بيل جيتس من كبار مؤيدي فكرة الاعتماد على المفاعلات النووية.

العقد وكما أعلنت شركة (Constellation Energy) عنه سيستمر لمدة عشرين عاما، ليعيد المفاعل إلي الحياة بعد غلقه كما قلنا سنة 2019 لأسباب اقتصادية.

شركة كونستليشن قالت أيضا أن العقد الذي ستعيد به مفاعلها إلى الحياة -وهي المرة الأولى التي يتم فيها إعادة تشغيل مفاعل نووي في الولايات المتحدة بعد إغلاق- ستوفر 835 ميغاواط إضافية من الطاقة إلى شبكة ولاية بنسلفانيا، وستخلق 3400 فرصة عمل وتساهم بما لا يقل عن 16 مليار دولار في اقتصاد الولاية.

توسع مايكروسوفت النووي:

ربما لن يكون مفاعل ثري مايل آيلاند النووي هو الخطوة النهائية في طموح مايكروسوفت النووي، إذ نشرت في إعلانات التوظيف لديها أنها تبحث عن شخص يمكنه طرح خطة للمفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMR).

وفي النهاية كالعادة لدينا سؤال .. هل تعتقد أن الشركات العملاقة عالميا قد تحذو حذو مايكروسوفت وتتجه إلي الطاقة النووية لتوفير كميات الطاقة الهائلة التي باتت تحتاج إليها؟.