في العام 1943، ووسط نيران الحرب العالمية الثانية، تأسست دولة يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية، مكونة من ست جمهوريات؛ سلوفينيا، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، وصربيا، والجبل الأسود، ومقدونيا.
عاشت الجمهوريات الست في نوع من الانسجام تحت ظل حكم الرئيس (جوزيف تيتو) حتى وفاته عام 1980، ومن ثم بدأت النزعات العرقية في الظهور.
بحلول عام 1991، كانت دولة (يوغوسلافيا) قد بدأت في التفكك.
تلك الدولة التي كان يعيش في كنفها العديد من أبناء العرقيات المختلفة، خرج زعماء قوميين يحاولون استغلال النزعة العرقية من أجل الهيمنة على بقية مكونات يوغسلافيا السابقة.
كان أخطر هؤلاء الزعماء الصرب الذين بدأوا بالقتال ضد الكروات، ثم حولوا وجهتهم إلي المسلمين.
من هو علي عزت بيجوفيتش؟:
عندما بدأ الغزو الصربي البشع للبوسنة والهرسك في تسعينيات القرن العشرين، خرج من بين أهل البوسنة رجلا اسمه (علي عزت بيجوفيتش) ليقود شعبه من أجل التصدي لهذا الهجوم الذي لم يري لبشاعته مثيلا.
إذ لم تكن خطة الصرب تسعي إلي هزيمة المسلمين عسكريا والسيطرة عليهم وحكمهم، بل هدفوا إلي (تطهير المنطقة عرقيا) منهم تماما بإبادتهم بشكل كامل.
لم يكن لدي البوسنة جيشا، بل مجرد مجموعات صغيرة متناثرة من الأفراد معهم أسلحة خفيفة، في مقابل الصرب الذين ورثوا القوة العسكرية الهائلة للجيش اليوغسلافي بعد انهياره كما تمتعوا بدعم كبير من روسيا.
في غضون ثلاث سنوات، نظم علي عزت بيجوفيتش صفوف أهل البوسنة والهرسك، كون جيشا من مائتين ألف مقاتل وانتزع النصر في العديد من المعارك.
وكما يقال فإن الحق هو ما شهد به الأعداء، نستشهد هنا بمقولة الرئيس الصربي وقتها (سلوبودان ميلوسفتش) لقادة جيشه: ((لو أن جيش المسلمين هذا لديه مثل ما لديكم من سلاح لرأيناهم اليوم في بلجراد)).
لا عجب، فهذا هو علي عزت بيجوفيتش الذي ظل يسكن في شقته المتواضعة في عمارة متواضعة في سراييفو ولم يسكن في القصر الجمهوري، وهو ذاته الذي لم تعلق له صورة واحدة في أي ديوان أو مصلحة حكومية.
بجانب رئاسته لبلاده، قيادته لها في هذه الحرب المريرة، كان علي عزت بيجوفيتش مفكرا وفيلسوفا إسلاميا لا نظير له، ومن أهم مؤلفاته كتاب (الإسلام بين الشرق والغرب) الذي نقتطف منه اليوم توقعه أن الإنسان سيتوصل لاختراع شيء يشبه ما نعرفه اليوم باسم (الذكاء الاصطناعي).
كيف توقع علي عزت بيجوفيتش اكتشاف الذكاء الاصطناعي؟:
كتب علي عزت بيجوفيتش يقول: ((قد ينجح الإنسان آجلا أو عاجلا، خلال هذا القرن، أو بعد مليون سنة من الحضارة المتصلة في تشييد صورة مقلدة من نفسه.
نوع من الإنسان الآلي أو مسخ، شيء قريب الشبه بصانعه، وهذا المسخ الشبيه بالإنسان لن تكون له حرية.
سيكون قادرا فقط على أن يتحرك في إطار مبرمج عليه، وهنا تتجلي عظمة الخلق الإلهي، الذي لا يمكن تكراره أو مقارنته بأي شيء حدث من قبل أو سيحدث من بعد في هذا الكون.
في لحظة زمنية من الأبدية، بدأ مخلوق حر في الوجود، في حين لم يكن ممكنا أن يتحول نتيجة التطور (بدون تلك اللمسة الإلهية) إلي الإنسان.
إن التطور بدون تلك اللمسة كان سينتج على الأرجح -حيوانا أكثر تطورا- ، حيوانا مثاليا أو كائنا بجسم إنسان وذكائه، ولكن بدون قلب، ولا حياة جوانية، ذكاء متحرر من وخز الضمير والأخلاق، وربما كان أكثر كفاءة ، ولكن أشد قسوة في الوقت ذاته)).
وفي النهاية لدينا سؤال وننتظر إجابتكم في التعليقات .. إلي أي مدي كان توقع الرئيس علي عزت بيجوفيتش عن الذكاء الاصطناعي دقيقا؟.. وهل تتفق فيه معه أصلا؟.