ماهي (الدعاية) وماهي أنواعها وأساليبها؟

منذ آلاف السنين، أدرك الإنسان أهمية الدعاية لما يبيعه أو يقدمه.

التايم سكوير، أشهر ميادين نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، يبدو واضحا الاهتمام بالدعاية، شعارات المتاجر، وحتى إعلانات على شاشات وبعض اللوحات الثابتة لمنتجات وخدمات لا يوجد متاجر لها، Oto Godfrey، Commons Attribution-Share Alike 3.0 Unported، via luxury daily.

ففي الأسواق القديمة، وفي مختلف الحضارات، كان الباعة يقفون للنداء على بضاعتهم وإبراز مزاياها.

واليوم، أصبحنا نعيش في عالم صارت فيه (الدعاية) علما قائما بذاته، له أصول وأهداف وأنواع مختلفة، وتعمل به مؤسسات ضخمة ينفق عليها مبالغ فلكية في جميع أنحاء العالم كل عام.

ماهي الدعاية؟:

الدعاية (باللغة الإنجليزية: Publicity) هي تعريف المستهلكين وتوعيتهم بأي (منتج، سلعة، خدمة، شخص) أو منظمة (شركة، بنك، مؤسسة خيرية، إلخ).

أيضا، فإن الدعاية تتم للتعريف بالأعمال الفنية والترفيهية (على سبيل المثال: مباريات كرة القدم، الحفلات الموسيقية والغنائية، المسرحيات، الأفلام)، وحتى الكتب والروايات تحظي بالعديد من حملات الدعايا.

هذا وقد تطورت الدعاية لتتجاوز ساحة التجارة والخدمات، وتصل إلى ساحات السياسة، وبالفعل لقد أثرت الدعاية على الانتخابات في معظم دول العالم، لقد وصل أشخاص إلي الحكم في عدة دول بفضل حملات الدعاية الانتخابية لهم، ولعل الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي المثال الأبرز علي ذلك.

هذا ويعرف (قاموس جامعة كامبريدج البريطانية) الدعاية بأنها: نشاط يهدف إلي التأكد من أن شخصًا ما أو شيئًا ما يجذب إليه الكثير من الاهتمام عند الكثير من الأشخاص.

وهناك تعريف ثاني من نفس القاموس، يقول أن الدعاية هي أيضا الاهتمام الذي يحصل عليه الشئ أو الشخص الذي تتم الدعاية من أجله، كنتيجة لتلك الدعاية.

أما (قاموس أكسفورد المتقدم للمتعلم) فيعرف الدعاية بأنها: الاهتمام الذي يتم منحه لشخص ما أو شيء ما عن طريق الصحف والتلفزيون وما إلى ذلك من الوسائل (إضافة: بالطبع أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي حصة كبيرة للغاية من الدعاية بسبب أعداد المستخدمين التي تقدر بالمليارات يوميا).

إعلان لبسكويت ويفر يسمي أوبرا، من شركة Huntley & Palmers، إنها شركة بريطانية تصنع البسكويت منذ أكثر من قرنين من الزمن، وتصنف كأشهر شركة بسكويت بريطانية، إعلان من سنة 1890، Unknown author، public domain via wikimedia commons.

وهكذا فإن الدعاية تعتبر أحد مكونات (الترويج والتسويق)، بجانب بقية المكونات مثل التسويق المباشر أو البيع الشخصي.

لكن قد يكون من أكثر تعريفات الدعاية إثارة هو التعريف بأنها: ((وسيلة ممنهجة للتلاعب))... أي أنها تتلاعب بالبشر، توجههم نحو سلوك معين، والخطر هنا أنه قد لايكون هو السلوك الأفضل بالنسبة لهم.

مثال على ذلك: قد تنجح الدعاية في توجيه الناس إلي اختيار رئيس أو عضو برلمان، في حين أن هناك من هو أفضل منه وأكثر كفاءة، لكن الدعاية له لم تكن كافية.

نشأة الدعاية:

يعتقد أن كلمة الدعاية Publicity، تأتي أصلا من الكلمة الفرنسية publicité، والتي تعني (إعلان) باللغة العربية.

 فمن قلب العاصمة باريس، وفي القرن التاسع عشر، كانت الظروف مناسبة تماما لتلتقي الرغبة في التسوق مع السياحة وصناعة الترفيه بوسائل الإعلام المطبوعة التجارية وصناعة النشر المزدهرة في تلك الفترة.

وهكذا، أصبحت الإعلانات هي الوسيلة التي تعبر بها فرنسا وباريس عن تحضرها، ومنها انطلقت بثوبها الحديث إلي جميع أرجاء كوكبنا المعمور.

كيف تتم الدعاية؟:

هناك خبراء متخصصين في مجال الدعاية، يستطيعون دراسة السوق الذي يتم استهدافة بالدعايا، وإبتكار الأفكار التي تجذب اهتمام الناس.

ولعل من أهم ما يقال هنا أن هناك حالة من (التنافس الشرس) بين كبرى الشركات على جذب أهم المواهب العالمية في مجال الدعاية، وهناك حالة من الاستعداد لدفع رواتب ضخمة لهم.

إن تلك المؤسسات الكبرى تعلم أن حملة دعائية ناجحة تعني أرباح ضخمة ومكاسب كبرى، والعكس صحيح، لذا فهي مستعدة لدفع الكثير من المال من أجل هذا الهدف.

أساليب الدعاية:

البوستر الدعائي لفيلم "ناجية من التيتانيك"، اذ استغلت شركة (إكلير فيلم) المنتجة له، وجود ممثلة محترفة نجت من تيتانيك لتصويره وعرضه سريعا.. كنوع من الدعايا تم ذكر تلك المعلومات في البوستر لجذب المشاهدين، الصورة من العام ١٩١٢، متاحة للاستخدام العام.

هناك أساليب بسيطة ومبتكرة بل ومجانية، يمكنك من خلالها توليد الدعاية لعملك.

ومع ذلك، فإن حملات الدعاية الأهم والأكثر تأثيرا تتطلب استثمارًا ماليًا (قد تتكلف حملة دعاية عشرات الدولارات، وحملة أخرى قد تتطلب عشرات الملايين من الدولارات).

وبشكل عام.. يمكن أن نقول أن أساليب الدعاية، يندرج تحتها نوعين أساسيين هما:

أولا: الدعاية المباشرة: (تسمي كذلك الدعاية البيضاء):

حيث تستخدم هذه الدعاية وسائل معلنة وواضحة، وغالبا ما تكون لمنتج أو سلعة أو علامة تجارية.

ثانيا: الدعاية غير المباشرة: (تسمي كذلك بالدعايا السوداء):

وهي دعاية تستخدم أساليب سرية أو غير واضحة، وغالبا ما ترتبط بالجماعات السياسية.

بل إن بعض الدول قد تستخدم هذا النوع في الدعاية خلال الحروب، لإضعاف الروح المعنوية لمقاتلي الدولة المعادية أو حتى الجبهة الداخلية فيها، وهذا النوع بالتحديد يذخر التاريخ بالعديد من الأمثلة والشواهد عليه.

هذا ولا يفوتنا هنا أن نشير إلي نوع من أنواع الدعاية يتميز بكثير من الخبث والدهاء، وهو ما يعرف باسم:

(الدعاية السلبية):

في هذا النوع من الدعاية تقوم مؤسسة ما بنشر معلومات سلبية -سواء كانت صحيحة أو غير ذلك- عن منافسيها، بهدف زعزعة ثقة العملاء بها، وجذبهم إليها.

أنواع الدعاية:

أحد العمال يقوم بتنظيف لافتة دعاية لشركة رحلات سياحية، anaterate، public domain via Pixabay.

هناك عدة أنواع من أنواع الدعاية، نذكر منها هنا:

  • أسلوب العربة: يهدف هذا الأسلوب إلي خلق نوع من التحفيز للانضمام إلي ما تتم الدعاية له، على سبيل المثال: إعلان عن قرية سكنية خاصة، تضم فئة راقية من فئات المجتمع، فيركز على نقطة أنك إذا كنت تمتلك هذه الأموال، فيجب أن تنضم إليهم هناك.
  • أسلوب الشهادة: يعتمد هذا الأسلوب على اختيار نجم محبوب (لاعب كرة قدم أو فنانة مثلا) للقيام بالدعاية لمنتج ما، وكثيرا ما نشاهده مثلا في منتجات العناية الشخصية.
  • أسلوب الناس العاديين: بدلا من الاعتماد على نجم معروف في الأسلوب السابق، يعتمد هذا الأسلوب على الناس العاديين الذين يدلون بشهادتهم عن منتج ما.

وسائل الدعاية:

تختلف أساليب الدعاية، وقد يناسب بعضها سلعة أو خدمة معينة أكثر من غيرها.

فقد تكون وسيلة الدعاية (مسموعة، مرئية، أو مقروءة)، بداية من الورق المطبوع الذي يعرف بافتتاح متجر جديد على سبيل المثال، مرورا بالاعلانات المشاهدة على التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا اليوتيوب.

هذا وتلجأ بعض العلامات التجارية الكبرى كذلك للمؤتمرات للدعاية لمنتجاتها الجديدة (مثال على ذلك: المؤتمرات التي تعقدها شركات تصنيع الهواتف الذكية لعرض منتجاتها الجديدة، وإبراز إمكانياتها).

أهداف الدعاية:

يمكن أن نقول أن الأهداف الأساسية والتي يرجي تحقيقها من الدعاية هي:

  1. زيادة مبيعات المنتج أو الخدمة التي تتم الدعاية له.
  2. زيادة معرفة الناس بالخدمة أو المنتج أو العلامة التجارية.

مشكلات الدعاية:

إعلان لأحد أشهر مشروبات منتجات القهوة في العالم (نسكافية)، Nestlé، (CC BY-NC-ND 2.0)، via Flickr.

تثير مسألة الدعاية الكثير من الجدل حاليا بشأن انتهاكها الخصوصية والسرية.

إذ تتهم الكثير من الشركات، وخصوصا تلك التي تعمل عبر الإنترنت أنها تجمع بيانات المستخدمين، عبر ما يعرف باسم الكوكيز (ملفات تعريف الارتباط) وذلك لتوجيه الإعلان المناسب إلي المستخدمين المناسبين.

ولعلكم جميعا لاحظتم أنكم تبحثون عن سلعة معينة، أو تتحدثون عن شيء ما، وفجأة تجدون سيلا من الدعاية والإعلانات التي تظهر أمامكم عن نفس هذا الشيء.

هل تجوز الدعاية بحسب الشريعة الإسلامية؟:

بحسب الدين الإسلامي فإنه يجوز للتجار، للشركات، ولأي من يقدم سلعة أو خدمة، الإعلان والدعاية عن منتجاته وخدماته، ولكن بشرط اتباع ضوابط معينة حتى لا يتحول هذا الأمر المباح إلي حرام شرعا.

وهذه الشروط تتمثل في:

  • عدم التزييف: وذلك بأن تتم الدعاية بإبراز المميزات الحقيقية للسلعة أو الخدمة، دون مبالغات أو إدعاء وجود مميزات غير حقيقة.
  • عدم استخدام وسائل محرمة في الدعاية: وذلك مثل استخدام النساء المتبرجات.
  • عدم الذم من المنافسين، وهذا ما يقصد به (الدعاية السلبية) التي أشرنا إليها في تقريرنا هذا.
والسؤال في النهاية لكم أنتم.. هل سبق وأن شعرتم ذات يوم أنكم قمتم بشراء سلعة أو خدمة، أو حتى اتخذتم موقفا فكريا أو في أحدي الانتخابات، وكان ذلك بسبب حملة دعائية؟.

المعرفة للدراسات
بواسطة : المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-