سعف النخيل أو الخوص، هو أوراق شجر النخيل، وينتج عادة عن تشذيب وقص أشجار النخيل في فصل الربيع، حيث يقوم المزارعون بقطع السعف المريض أو الذي تغير لونه فأصبح بنيا بشكل كامل.
غصن من سعف النخيل، Felix Burton، (CC BY 2.0)، via wikimedia commons. |
وعلى عكس العديد من أنواع الأشجار الأخرى التي تظهر أوراقها في الربيع، وتتساقط مع حلول فصل الخريف، فإن سعف النخيل يظل أخضر اللون على مدار العام.
سيبقي سعف النخيل حيا لبضع سنوات متتالية (تصل إلى خمس سنوات وربما أكثر قليلا)، دون أن يحتاج إلى أي نوع من الرعاية الخاصة.
سعف النخيل يتميز بالقوة والمرونة في آن واحد، فبحسب (جامعة فلوريدا) بالولايات المتحدة الأمريكية، يمكن لأشجار النخيل أن تصمد أمام العواصف القوية بكل سعفها سليمة، لكنها قد تتعرض لمزيد من الضرر إذا تم قصها قبل العاصفة.
في بعض الدول، نجد سعف النخيل قد تحول إلى رمزا وطنيا، حيث يظهر في أعلام تلك الدول.
سعف النخيل في الأديان والحضارات القديمة:
ربما كان صمود سعف النخيل لسنوات متعاقبة، أحد الأسباب وراء المكانة العالية لسعف النخيل عند بلاد ما بين النهرين، وفي مصر القديمة وكذلك بلاد الشرق الأدنى القديمة، حيث حظى بالتقديس، واعتبر رمزاً للنصر، والسلام، والحياة الأبدية.
أيضا، في الديانة اليهودية يشكل السعف المأخوذ من نخيل التمر، جزءا أساسيا في (مهرجان العرش)، وهو أحد أهم الأعياد اليهودية، ويسمي أيضا (عيد المظلة).
هذا العيد الذي يمتد لأسبوع كامل، يشهد استخدام اليهود لسعف النخيل في بناء (العريش) حيث يمنع الأكل خارجها خلال أيام العيد.
في الكيان الصهيوني اليوم، نجد أنه وخلال هذا العيد، تضع العديد من المطاعم عرائش خارجها، وذلك حتى يتمكن المتدينين اليهود من تناول طعامهم داخلها، والالتزام بتعاليم هذا العيد.
عريش يهودي مغطي بسعف النخيل، تنتشر هذه العرائش خصوصا في مناطق كفار إتسيون وغوش إتسيون ويهودا والسامرة، Zachi Evenor، (CC BY 2.0) via Flickr. |
أيضا، في الديانة المسيحية، يرتبط سعف النخيل بدخول السيد المسيح -عليه السلام- إلى القدس.
هذا الحدث يُحتفل به سنويا يوم (أحد الشعانين)، حيث يمثل سعف النخيل أحد المكونات الأساسية لهذا اليوم، وذلك لما جاء في إنجيل يوحنا عن أهل القدس الذين استقبلوا المسيح -عليه السلام- "أخذوا أغصان النخيل وخرجوا للقائه".
أما في اليونان القديمة، فكان سعف النخيل بمثابة أحد الجوائز التي تمنح للرياضيين الفائزين في الألعاب والمسابقات، كما اعتبرت أحد أهم الرموز التي تشير إلى (النصر) في روما القديمة.
شكل سعف النخيل:
يكون شكل سعف النخيل عبارة عن أوراق ريشية الشكل وخشنة الملمس، ومع ذلك فهي ليست ذات شكل واحد.
الاختلاف بين سعف النخيل قد يتمثل في الحجم، وقد يكون في أن بعضها يأخذ شكل ريشة والبعض الآخر يكون على شكل مروحة.
أوراق سعفة النخيل تكون متصلة بما يسمي (النصل)، والذي يحتوى على ما يتراوح بين 120 : 240 وريقة.
قد يكون لون سعف النخيل أخضر أو أحمر قاني أو بني أو أصفر.
فوائد سعف النخيل:
لسعف النخيل العديد من الفوائد والاستخدامات مثل:
لسعف النخيل العديد من الاستخدامات المتنوعة، LIZ ROMO، via pexels. |
- يستخدم سعف النخيل الميت كعلف حيواني تأكله العديد من أنواع الحيوانات مثل (الحملان)، ويتميز السعف في هذا الاستخدام برخص ثمنه مقارنة بالاعلاف الحيوانية الأخرى، كما أنه حل لتقليل (الرعي الجائر) الذي تتغذي فيه الحيوانات على مساحات واسعة من الأعشاب والمساحات الخضراء.
- كما أن لديه العديد من الاستخدامات في أغراض الزينة وإضفاء اللمسة الجمالية في الاحتفالات والمناسبات، علاوة على إمكانية صبغه بالعديد من الألوان أهمها الأرجواني والأخضر والأحمر.
- في فلسطين الحبيبة، وبالتحديد في مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، هناك مصنع فريد من نوعه يستخدم سعف النخل في صناعة الورق، اعتمادا على أن هذا السعف غني بمادة (السيليلوز) الأساسية في تلك الصناعة، وتتنوع إنتاجاته من الورق (ورق للكتابة، ورق طباعة، ورق تواليت، ورق مناديل، ورق كراتين التعبئة).
- يمكن ((للأطباء والصيادلة المتخصصين فقط)) استخراج بعض المكونات من سعف النخيل التي تستخدم في علاج بعض الأمراض.
- يستخدم سعف النخيل في صناعة السلال والمقاعد والصناديق وصحون القش والمكانس والحصائر، (يسمي هنا خوص النخيل) .. إنها واحدة من أقدم الحرف التي امتهنها الإنسان منذ فجر التاريخ، وتجدون في نهاية هذا التقرير حديث بشيء من التفصيل عن (الخوص).
- كما يدخل في صناعة بيوت صغيرة تسمي (العريش).
- يمكن استخدام سعف النخيل في بناء (السياج) الخاص بالحدائق، ما يمنع دخول الحيوانات الغير مرغوب فيها.
- تغطية سقوف المنازل البسيطة في الحقول والبساتين الزراعية، وكذلك أعشاش تربية الدجاج على سبيل المثال.
- يستخدم لتغطية الشتلات وحمايتها من الشمس في المناطق التي تكون أشعتها شديدة وحارقة، كما يمكن استخدامه في عمل مصدات الرياح.
- بحسب جامعة فلوريدا الأمريكية، من الممكن استخدام سعف النخيل كسماد للنباتات، لكن ذلك يتطلب تجفيفه أولا، ومن ثم تقطيعه، لكنك ستضطر للانتظار لوقت طويل حتى تتحلل ويمكن استخدامها لهذا الغرض.
مثلت هذه الاستخدامات حلا لمشكلة كبيرة كانت تتعلق بالتخلص من سعف النخيل فيما مضي، حيث كان الحرق هو الطريقة التقليدية للتخلص منه، ما كان يسبب أضراراً بيئية وصحية.
إنها أيضا حلول مثالية للمشاكل التي قد تنتج عن ترك سعف النخيل على الأرض بجوار أشجار النخيل، حيث يتحول في هذه الحالة إلى بيئة خصبة للآفات الزراعية والأمراض التي قد تؤذي المحصول.
ما الفرق بين السعف والخوص؟:
يطلق على (سعف النخيل) كذلك اسم (الخوص)، لذا فإذا كنت تتحدث عن خوص النخيل، فهو نفسه سعف النخيل.
لكن الخوص لا يقتصر على النخيل فحسب، بل يشمل أشجار متعددة أخرى مثل الصفصاف والروطان والقصب والخيزران.
كما أن (الألياف الصناعية) أصبحت تستخدم كذلك في صناعة منتجات الخوص في يومنا هذا.
الخوص هو أقدم مادة صنع منها الإنسان أثاث منزله، حيث يعود تاريخها إلى ما قبل 5000 عام، لذا فهي بحق واحدة من أهم الخطوات في رحلة البشرية نحو الحضارة.
حيث تم توثيق استخدام الخوص لأول مرة في مصر القديمة، ومن ثم انتقل للعديد من الدول والشعوب حتى أصبح اليوم المادة المستخدمة في صنع مقاعد وأثاث عدد من أرقى المقاهي في العاصمة البريطانية لندن، والنمساوية فيينا.
وما يتميز به الخوص أساسا (سواء تمت صناعته من سعف النخيل أو أي شجرة أخرى) أنه قوي، وفي ذات الوقت خفيف الوزن، ما يجعل منه مثاليا في صناعة الأثاث القابل للتحريك والنقل.
قوة سعف النخيل جعلت من الضروري قبل استخدامه أن يتم جمعه ومن ثم تقطيعه وغسله بالماء حتى يكون من اليسير تشكيله.