الأحدث

ما هي الغازات الدفيئة ؟ حقائق ومعلومات

الغازات الدفيئة وتسمي أيضا غازات الدفيئة وغازات الاحتباس الحراري (باللغة الانجليزية : Greenhouse gases).

رسم يبين تأثير غازات الدفيئة، أشعة الشمس تصل إلى الأرض وتنشر فيها الدفء وتقوم الأرض بالتخلص من ما يزيد عن حاجتها، لكن الغازات الدفيئة التي تتجمع في الغلاف الجوي تمتص تلك الحرارة وتبقيها داخل الأرض ما ينتج عنه الاحتباس الحراري، A loose necktie، (CC BY-SA 4.0)، via wikimedia commons.


مصطلح أصبح ينتشر انتشارا واسعا هذه الأيام، ولا عجب في ذلك، فهذه الغازات هي السبب الرئيسي وراء الاحتباس الحراري، أحد أكبر المشكلات التي تواجه حياة البشر على كوكب الأرض، إن لم تكن مشكلتهم الأكبر على الأطلاق.

تنتج هذه الغازات تقريبا عن كل الأنشطة البشرية علي الكوكب، فحتى الزراعة وتربية المواشي والحيوانات ينتج عنها كميات كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة.

بالطبع لن يكون الحل أن يتوقف الناس عن مواصلة حياتهم، لكن الهدف الأسمى للجميع هو التوفيق بين حاجات التطور الاقتصادي والاجتماعي من جهة، والحفاظ على البيئة والكوكب صالحين للعيش من جهة أخرى.

ما هي الغازات الدفيئة:

هل تعرفون ((الدفيئة الزراعية)) أو الصوبة أو المشتل كما يسميه المصريين؟ (باللغة الإنجليزية: greenhouse) وترجمته الحرفية (البيت الأخضر).

هذه الدفيئة أو المشتل هي بيوت أو هياكل يتم حبس الحرارة فيها لتكون دافئة حتى ولو كان الجو خارجها شديد البرودة، بهدف زراعة بعض أنواع المحاصيل أو النباتات التي تحتاج إلى الدفء.

من هذا الشئ بالتحديد استمد العلماء مصطلح غازات الدفيئة.

وكما قلنا فإن هذه الغازات تنتج عن أنشطتنا البشرية.

من الأمثلة على ذلك: ((الزراعة ، تربية الحيوانات ، احتراق الوقود كوقود السيارات والقطارات والطائرات والسفن والمصانع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ... إلخ ، حرق الاخشاب سواء تلك التي تحرق للتدفئة شتاء أو حتى حرائق الغابات الكبرى، كما ساهمت حتى بعض الأدوات المنزلية في إطلاق تلك الغازات مثل الثلاجات التي كانت تستخدم في تبريدها غاز الكلوروفلوركاربون )).

بنفس الفكرة التي تعتمد عليها الدفيئة الزراعية بحبس الحرارة بداخلها، تعمل الغازات الدفيئة على رفع درجة حرارة كوكب الأرض، CC0 Public Domain، via pxhere.

لكن وبحسب الحكومة الكندية فإن 80% من انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي تأتي من مصدرين رئيسين هما احتراق الوقود الاحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم) من أجل تشغيل وسائل المواصلات وإنتاج الكهرباء.

وقد تكون معلومة مدهشة بالنسبة للكثيرين، لكن النفايات الصلبة هي صاحبة المركز الثاني خلف الوقود الاحفوري فيما يتعلق بنسب الغازات الدفيئة التي تنتج عنها، وبالتحديد غاز ثاني أكسيد الكربون.

ووفقا لتعريف الموسوعة البريطانية Brittanica، فإن غازات الدفيئة هي أي غاز له خاصية امتصاص وطرد الأشعة تحت الحمراء.

أما أهم تلك الغازات التي تنتج عن هذه الأنشطة البشرية، فهو ((ثاني اكسيد الكربون))، وقد وصل إلى أعلى معدل مسجل له على الاطلاق في غلافنا الجوي.

لكن ثاني أكسيد الكربون ليس وحده، فنجد معه على سبيل المثال:

  •         أكسيد النيتروز  N20.
  •           بخار الماء.
  •          الأوزون  O3.
  •          سداسي فلوريد الكبريت SF6.
  •          غاز الميثان CH 4.
  •          الكلوروفلوركاربون  PFCs وتعرف أيضا مركبات الكربون الكلورية فلورية.

وكلها جميعا غازات تتسم بخاصية (القدرة على امتصاص وحبس الأشعة تحت الحمراء).

هذه الغازات وببساطة شديدة تتصاعد بكميات هائلة ثم تتجمع وتتركز في الغلاف الجوي لكوكب الأرض، حيث تشكل هناك ما يشبه غشاء أو غطاء يمنع الأرض من طرد حرارة الشمس منها وتحبسها داخل الكوكب ما ينتج عنه بالطبع إرتفاع درجة حرارته، لنصبح جميعا أمام الاحتباس الحراري، وهذه العملية هي السبب التي منحت الغازات الدفيئة اسمها الثاني (غازات الاحتباس الحراري).

وهنا يجب أن نوضح نقطة غاية في الأهمية، وهي أن مشكلة غازات الدفيئة أنها قد زادت عن الحدود الطبيعية لها بصورة كبيرة للغاية، وليس أن هذه الغازات موجودة في حد ذاتها.

هذه الأدخنة المتصاعدة من المصانع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية تواصل باستمرار ليلا ونهارا في زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض، Ariel Javellana‏، ADB 2019, (CC BY-NC-ND 3.0 IGO), via wikimedia commons.


بالعكس فإذا كانت هذه الغازات موجودة بتركيزاتها ونسبها الطبيعية فهذا أمر ليس جيدا فحسب، بل أحد أهم عوامل استمرار الحياة على كوكبنا.

ولنوضح ذلك أكثر، فإننا نقول ذلك أن متوسط درجة حرارة الأرض بدون الاحتباس الحراري بصورته الطبيعية هي (-١٩) تسعة عشر درجة مئوية تحت الصفر، وهي درجة يهلك معها معظم البشر والحيوانات والزروع، حيث سيصبح العالم مكانًا متجمدًا غير صالح للسكن ، مثل كوكب المريخ.

في حين أنه ومع الاحتباس الحراري في شكله الطبيعي، يرتفع متوسط درجة كوكب الأرض إلي (١٤) درجة مئوية، وهو متوسط ممتاز لنواصل حياتنا على الكوكب.

لذا فالاحتباس الحراري بصورته الطبيعية والذي تساهم فيه أربعة غازات هي (بخار الماء ، ثاني أكسيد الكربون ، الميثان، النيتروجين)، عملية طبيعية مهمة لاستمرار الحياة على الأرض.

المشكلة أننا حاليا ونتيجة لتصاعد السعي والعمل والمنافسة الاقتصادية بين الدول وبين البشر وبعضهم البعض، وهذا التطور التكنولوجي السريع الذي نعيشه، علاوة طبعا على زيادة أعداد سكان كوكب الأرض.

كل هذا يزيد من الغازات الدفيئة بشكل مصطنع وليس بشكلها الطبيعي، حتى وصلنا إلى الدرجة التي انقلبت معها فوائدها إلي الضد، وأصبحت تهديدا حقيقيا لطريقة عيشنا على هذه الأرض مع ظاهرة الاحتباس الحراري. فالحرارة التي كان من المفترض أن تنطلق إلى الفضاء الخارجي الشاسع، ظلت في كوكبنا تسخنه أكثر فأكثر.

علميا أيضا، لعبت المحيطات والبحار الشاسعة على ظهر كوكبنا دورا هاما في تأخير الآثار السلبية للغازات الدفيئة عبر امتصاصها للكثير من الحرارة التي تحبسها تلك الغازات.

لكن يوما بعد يوم، بدأت درجة حرارة هذه المحيطات والبحار في الارتفاع، ما يؤثر على حياة المخلوقات البحرية من أسماك وغيرها، كما ظهرت هذه التأثيرات حتى في القطبين الشمالي والجنوبي، حيث تذوب الجبال الجليدية ، لتفقد الكرة الأرضية بذلك ما يعتبره العلماء جهاز التكييف الخاص بها.

أهم الدول المسؤولة عن انبعاثات الغازات الدفيئة:

بالرغم من تزايد نفوذ حركات الحفاظ على البيئة من الناحية السياسية بل وظهور أحزاب بيئية تسعي للوصول إلى الحكم خصوصا في عدد من الدول الأوروبية، فإن الحكومات تجد نفسها أمام معضلة الاقتصاد مقابل تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، CC0 Public Domain، via pxhere.

تاريخيا ومع التطور الصناعي والتكنولوجي السريع، يحدد العلماء أن أكثر فترة زادت فيها معدلات غازات الدفيئة إلي الدرجة التي أوصلتنا إلى وضعنا الحالي هي فترة المائة وخمسين سنة الماضية.

ولتخيل مدى السرعة التي يتدهور بها الأمر، يكفيك أن تعرف أن انبعاثات غازات الدفيئة العالمية قد زادت بنسبة ٢٤٪ بين عامي ٢٠٠٥ و ٢٠١٩.

بالطبع لا توجد أي دولة من دول العالم لا ينتج عنها إنبعاثات من الغازات الدفيئة، لكن هناك دول لها نصيب الأسد في تلك الانبعاثات.

وللمفارقة فكلما زادت قوة اقتصاد الدولة وحجم نشاطها الصناعي، كلما زادت مسؤوليتها عن الغازات الدفيئة، وربما لا عجب في ذلك فمع زيادة الاقتصاد تزيد الانشطة البشرية، وبالتبعية تزيد الانبعاثات.

ونرتب أهم الدول المسؤولة عن الغازات الدفيئة كما يلي:

·         الولايات المتحدة الأمريكية : تعتبر تاريخيا هي الدولة الأكثر مسؤولية عن الغازات الدفيئة، وذلك حتى العام 2006.

·         الصين : في العام 2006، أصبحت الصين هي أكثر دولة ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون لتكون هي أكبر المتسببين في إطلاق الغازات الدفيئة، وتصبح الولايات المتحدة في المركز الثاني، لكن الصين سرعان ما أصبحت تنتج انبعاثات غازات الدفيئة أكثر بكثير من أمريكا حاليا، وفي إحصاء العام ٢٠١٩، كانت الانبعاثات الصينية قد بلغت ضعف نظيرتها الأمريكية.

·         الاتحاد الأوروبي.

·         الهند.

·         روسيا الاتحادية.

·         اليابان.

 ·         البرازيل.

الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة:

تفائل العالم باتفاقية باريس للمناخ ٢٠١٥، كان العالم بأسره حاضرا والطموحات كبيرة، لكن التنفيذ لم يكن أبدا على قدر الوعود، صورة يظهر فيها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، لحظة توقيع الاتفاقية، they did it!، UNclimatechange from Bonn, Germany، (CC BY 2.0)، via wikimedia commons.

لعل قضية إيجاد حلول فعالة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة هي واحدة من أهم الملفات المطروحة في عالمنا اليوم، على طاولات الحكام والسياسيين، وأجندات المنظمات الدولية، ولافتات ناشطي المجتمع الدولي.

والحقيقة أنه يمكننا فعل العديد من الأشياء الهامة في هذا الصدد، بأن نتحد معا ونعمل معا، ونحن مدركين أن هذا الكوكب إن أصابه شيء فإن البشرية جمعاء سيكون عليها دفع الثمن، ولن ينجو أحد، فهذه القضية بالتحديد هي قضية البشرية كلها، ولن يربح أحد فيها ويخسر الآخرون، فإما سنربح سويا أو سنخسر جميعا.

هناك حاليا سعي عالمي لإيجاد حلول تكنولوجية تنجح في توفير ما يحتاجه العالم من طاقة نظيفة كطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية بديلا عن الوقود الاحفوري ما يقلل بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، لكن العالم لا يزال يحبو في هذا المجال.

أيضا في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني، بدأت عدد من المشاريع التي تساعد على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وفي نفس الوقت زيادة الإنتاج الزراعي والحيواني.

تعد صناعة الأسمنت واحدة من أكثر الصناعات تسببا في إنتاج الغازات الدفيئة.

كما أن زراعة الأشجار بالتحديد والتي تقوم بإمتصاص الكربون وإطلاق الأوكسجين بدلا منه في الجو يعد أحد الحلول التي اعتمدتها العديد من الدول لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة.

كان العالم يبدو سعيدا عندما تم توقيع معاهدة باريس لمكافحة التغير المناخي، والتي كانت استثناءا تاريخيا، باعتبارها أكثر معاهدة وقعت عليها دول العالم، اذ وقع عليها ممثلين عن جميع دول كوكبنا بإستثناء دولتين فحسب.

وفقا لتلك المعاهدة التي وقعت في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥، كان هناك التزام يقع على كل الدول الموقعة بتقليل كمية غازات الدفيئة التي تنبعث منها عاما بعد عام، ولكن وللأسف الشديد، ابتليت هذه المعاهدة بإنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها في عهد الرئيس ترامب.

لم يكتفي ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس للتغير المناخي، بل اعتبر أن الاحتباس الحراري أمر غير صحيح ومكذوب، Attribution: Gage Skidmore، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

وما زاد الطين بلة أن العديد من الدول قد تكاسلت أو حتى لم تستطيع تنفيذ التعهدات التي قطعتها على نفسها بموجب المعاهدة، وهكذا تكاد تضيع أهمية معاهدة باريس لمكافحة التغير المناخي.

ومما يجدر الإشارة إليه في هذا الصدد، هي تلك الخطة التي يتبناها رجل الأعمال الأمريكي الشهير (بيل غيتس) والتي تهدف إلى حجب جزئي لأشعة الشمس.

هذه الخطة التي نالت الكثير من التأييد والعديد من الانتقادات أيضا، يمكنكم الإطلاع على تفاصيلها بالكامل في تقريرنا عنها ((من هنا)) تقوم أساسا على مواجهة الغازات الدفيئة عبر حجب جزء من أشعة الشمس نفسها، وفي هذه الحالة لن يكون لهذه الغازات تأثير لأنها ببساطة افتقدت إلى السبب وهو أشعة الشمس الحارة.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-