فيروس الإيبولا .. من الاكتشاف حتى اللقاح

مرض فيروس الإيبولا (كان يعرف سابقا باسم حمى الإيبولا النزفية) ويشار إليه اختصارا باللغة الإنجليزية EVD، هو أحد أسوء الأمراض التي تصيب البشر،...

مرض فيروس الإيبولا (كان يعرف سابقا باسم حمى الإيبولا النزفية) ويشار إليه اختصارا باللغة الإنجليزية EVD، هو أحد أسوء الأمراض التي تصيب البشر، لأنه غالبا ما يكون قاتلا.

تصوير بالمجهر الإلكتروني الملون لفيروس الإيبولا، التقط هذه الصورة عالم الأحياء الدقيقة في مركز السيطرة على الأمراض (CDC) فريدريك أ.مورفي، CDC Global، (CC BY 2.0)، via wikimedia commons.

رقميا، قد تصل نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس الإيبولا إلى ٩٠٪ ما يجعله أحد أشرس الأمراض التي تصيب الإنسان، وأحد أكثر مسببات الرعب في أي دولة قد يتفشي فيها، ومع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية WHO تضع النسبة عند ٥٠٪ في المتوسط، مضيفة أن في مرات تفشي الإيبولا السابقة تراوحت النسب بين ٢٥ : ٩٠٪.

كيف بدأ فيروس الإيبولا؟ :

في الغابات الاستوائية المطيرة الواقعة غرب ووسط القارة الأفريقية، تعيش خفافيش الفاكهة.

هذه الخفافيش هي المتهمة باعتبارها (المضيف الطبيعي) لفيروس الإيبولا، وأنها هي التي ينتقل منها المرض للإنسان وللحيوانات أيضاً، وبالتحديد الثدييات العليا غير البشرية مثل (النسناس، الغوريلا والشمبانزي) بالإضافة إلى الظباء البرية الصغيرة.

في العام ١٩٧٦، اكتشف العلماء فيروس الإيبولا لأول مرة، كان ذلك في دولة الكونغو، بالقرب من أحد أنهارها واسمه (نهر الإيبولا)، ومن ذلك النهر الذي يمد الناس بالحياة منذ آلاف السنين، اكتسب الفيروس الذي يحل بالخراب والموت اسمه.

وبسرعة كبيرة، تم اكتشاف الإيبولا في السودان أيضا، بل إن بعض المصادر تحدد أن اكتشاف المرض تم بشكل متزامن في الكونغو والسودان.

لكن ستظل الفترة بين عامي ٢٠١٤ : ٢٠١٦، هي المدة التي عرفت أسوأ انتشار للمرض، وتركز تحديدا خلالها في غرب أفريقيا، وبالتحديد (غينيا وليبيريا وسيراليون)، وقدرت الأرقام وقتها بأكثر من ٢٨٠٠٠ مصاب، مات منهم أكثر من ١١ ألف شخص.

طريقة انتقال فيروس الإيبولا:

ينتقل فيروس الإيبولا عند تعرض شخص سليم إلى سوائل شخص مريض (حي أو ميت).

ويقصد بالسوائل في هذا المقام: ((الدم، القيء، السائل المنوي، حليب الثدي، الإفرازات المهبلية، السوائل الخاصة بالسيدة الحامل، البراز، البول، اللعاب، الدموع، العرق)).

إن الخطوة الأولى للتعامل مع مريض الإيبولا أن ترتدي الأطقم الطبية الملابس الواقية والمصممة للتعامل في مثل تلك الحالات، بدونها ستفقد الدول أطقمها الطبية المدربة وستعجز عن مواجهة المرض، CC0 Public Domain، via pxhere.

ولا يلزم لانتقال المرض هنا أن يتم لمس أيا من هذه السوائل من جسم المريض مباشرة، بل يكفي لمس الأسطح أو المواد التي قد تتلوث بها.

لذا فمن ضمن أهم أولويات التعامل مع مرضي فيروس الإيبولا، هو ارتداء الأطقم الطبية للملابس الواقية والمخصصة، ومن ثم التعقيم الجيد للغاية عقب الانتهاء من التعامل مع المرضى، لأن أي تهاون في هذا الصدد، سيجعل من السهل إصابة أفراد الأطقم الطبية بالمرض.

ولنشير هنا إلى نقطة عالية الأهمية، وهي نقطة (إجراءات الدفن)، إذ وجدنا إجماعا عند المصادر الطبية أن إجراءات الدفن التقليدية لعبت دورا هاما في تفشي فيروس الإيبولا.

تدعو المؤسسات الطبية إلى التخلي عن الإجراءات المعتادة في دفن الموتى من المصابين بالإيبولا وذلك حرصا على أرواح الأحياء وعدم التسبب في مقتل الكثيرين بخلاف من مات ويتم دفنه فعلا.

كما سيصاب الشخص بالفيروس الناقل للمرض، إذا ما أتصل مباشرة مع الخفافيش الحاملة له، أو مع الحيوانات المصابة به والتي سبق وأن حددناها بشكل رئيسي في (النسناس، الغوريلا والشمبانزى)، بالإضافة إلى الظباء البرية الصغيرة.

ومع ذلك، فإن طرق الانتقال تلك، قد تكون من رحمة اللّه -عز وجل- بعباده، إذ لا ينتقل فيروس الإيبولا عن طريق الهواء على عكس البرد والانفلونزا وحتى فيروس كورونا، ولنا أن نتخيل حجم انتشار هذا الفيروس في العالم، لو كان ينتشر عن طريق الهواء.

إذن، فحتى لو سعل شخص مصاب بفيروس إيبولا أو عطس، فإن الجزيئات الدقيقة التي تظل عالقة في الهواء لن تصيب شخص سليم إذا استنشقها بالفيروس.

طرق الانتقال تلك والتي تستلزم الاتصال المباشر، جعلت من تفشي فيروس الإيبولا منحصرا غالبا في القارة الأفريقية، ولم تسجل إلا حالات قليلة للأصابة به من خارج القارة السمراء.

عائلة فيروس الإيبولا:

صورة بالمجهر الإلكتروني لفيروس إيبولا، الفيروس في هذه الصورة متبرعم من سطح خلية داخل جسم قرد أخضر افريقي، Credit: NIAID، (CC BY 2.0)، via Flickr.

علميا، فإن فيروس الإيبولا Ebolavirus، يضم مجموعة تتكون من ست فيروسات هي:

  1. فيروس إيبولا زائير، (species Zaire ebolavirus).
  2. فيروس إيبولا السودان ، (species Sudan ebolavirus).
  3. فيروس غابة تاي، كان يسمي سابقا فيروس إيبولا في كوت ديفوار (Taï Forest virus).
  4. فيروس إيبولا بونديبوجيو (species Bundibugyo ebolavirus).
  5. فيروس ريستون (species Reston ebolavirus).
  6. فيروس بومبالي (species Bombali ebolavirus).

من بين هذه الأنواع الست، هناك أربعة أنواع فقط من فيروس الإيبولا تسبب المرض للإنسان وهي: (فيروس إيبولا زائير، فيروس إيبولا السودان، فيروس غابة تاي، فيروس إيبولا بونديبوجيو).

أما فيروس ريستون فهو يصيب أنواع الحيوانات التي ذكرناها، بالإضافة إلى الخنازير، ولكنه لا يصيب البشر.

هذا، ومن غير المعروف على وجه الدقة، ما إذا كان أحدث أنواع فيروس إيبولا (فيروس بومبالي) والذي تم اكتشافه مؤخرًا في الخفافيش يسبب المرض للحيوانات والإنسان ام لا.

أعراض الإيبولا:

في بداية المرض، تتشابه أعراض الإيبولا مع أعراض الانفلونزا، حيث تتمثل الأعراض حينها في:

متطوع يتلقي حقنة من عقار mAb114 وهو علاج تجريبي لفيروس الإيبولا، ضمن التجربة السريرية التي أجريت في المركز الطبي للمعاهد الوطنية للصحة في بيثيسدا ، ميريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية، Credit: National Institute of Allergy and Infectious Diseases, NIH، No Copyright، via Flickr.

  • وهن شديد يشعر به المريض.
  • ارتفاع درجة حرارته.
  • صداع.
  • آلام المفاصل والعضلات.
  • اسهال وقيء.
  • آلام البطن.
  • فقدان الشهية.

ثم يبدأ فيروس الإيبولا في هجومه الشرس وتظهر الأعراض القوية له والمتمثلة في:

  • كدمات.
  • طفح جلدي.
  • نزيف داخلي وخارجي.
  • تضرر الكلى.
  • تضرر الكبد.
  • تضرر الأعصاب.
  • فشل في العديد من وظائف وأجهزة جسم الإنسان.

لكن ((الخبث)) الذي يتصف به الإيبولا، يبرز تحديدا في نقطة أن المرض لا يظهر إلا بعد انتهاء فترة الحضانة التي تتراوح بين ٨ : ١٠ أيام (قد تتغير الفترة لتتراوح بين يومين وحتى ٢١ يوم).

لقاح فيروس الإيبولا:

بشكل رئيسي، هناك لقاحين للوقاية من فيروس الإيبولا (تعتمد السلطات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية لقاح واحد فقط يسمي rVSV-ZEBOV)، وهو ناجح فقط في توفير الحماية من فيروس الإيبولا من نوع إيبولا زائير، ولا يصلح لمواجهة بقية الأنواع.

اللقاح الثاني هو Ad26.ZEBOV/MVA-BN-Filo، ولم يرخص في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك فقد تم استخدامه على نطاق واسع في الكونغو الديمقراطية خلال فترة فاشية الإيبولا بها.

وفي الأوساط العلمية حاليا، تعد الأبحاث المتخصصة في التشخيص السريع للإيبولا، والأدوية المضادة للفيروسات، واللقاحات الوقائية ضمن أولويات العديد من الدول.

في الوقت الحالي، فإن مسألة المزيد من التبصر في علوم البيئة والمناعة، سيعزز تقدم البشرية كلها بشكل عام في توفير الأدوات المطلوبة ليس امواجهة فيروس الإيبولا فحسب، بل كل فيروس قد يهاجمها ذات يوم، وما فيروس كورونا منا ببعيد.


التعليقات

الاسم

أخبار,263,أطعمة ومشروبات,31,اقتصاد,83,تاريخ,78,تسليح,107,خدمات,115,رياضة,378,سياسة,73,علوم وتكنولوجيا,158,فكر ديني,80,قرأت لك,16,
rtl
item
المعرفة للدراسات: فيروس الإيبولا .. من الاكتشاف حتى اللقاح
فيروس الإيبولا .. من الاكتشاف حتى اللقاح
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh8f8B6wSkLfUkvResTIt64VnsFTpdXhGIPHUfopzMdG1OmjgwmKcv93HO7YaJ74setRHsWyVtr4zROSxfFAHF_AkBBocG-j7f7nlwD4DpKkSfOztr4D9cE5v8IWrQx2ugSxHrafQprNLpiKHFdNcHdcmV5sKqvMF0ZQioxZRAyu_LObKylYPTu0qgoIQ/s320/Ebola_virus_(2).jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh8f8B6wSkLfUkvResTIt64VnsFTpdXhGIPHUfopzMdG1OmjgwmKcv93HO7YaJ74setRHsWyVtr4zROSxfFAHF_AkBBocG-j7f7nlwD4DpKkSfOztr4D9cE5v8IWrQx2ugSxHrafQprNLpiKHFdNcHdcmV5sKqvMF0ZQioxZRAyu_LObKylYPTu0qgoIQ/s72-c/Ebola_virus_(2).jpg
المعرفة للدراسات
https://www.marefaah.com/2022/11/ebola-origins-reservoirs-transmission-and-guidelines-ebola-overview-history-origins-and-transmission.html
https://www.marefaah.com/
https://www.marefaah.com/
https://www.marefaah.com/2022/11/ebola-origins-reservoirs-transmission-and-guidelines-ebola-overview-history-origins-and-transmission.html
true
3390943872302096383
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE البحث ALL POSTS لم نعثر على أي تقرير يتماشي مع بحثك .. جرب كلمات أخرى Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content