أين تذهب فضلات مراحيض الطائرات؟

أين تذهب فضلات مراحيض الطائرات؟ .. سؤال قد يبدو غريبا بعض الشيء، لكنه لابد وأن دار في ذهن الكثيرين من الذين استقلوا الطائرات من قبل، إنهم يشغلون السيفون فيشفط الفضلات ولا يدرون إلي أين تتجه.

مرحاض الدرجة الأولى داخل طائرة آير كندا Boeing 777-200LR، Kristoferb، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

بل إن هذا السؤال بالذات هو أحد الأسئلة التي تعد من المواضيع المثيرة للاهتمام حتى لمن لم تطأ قدميه طائرة من قبل، لما يبدو عليه من الغموض، إذ لا توجد إجابات واضحة لدي الناس عنه.

يا تري هل تسقط تلك الفضلات من هذه الارتفاعات، وفوق أي مكان، سواء كان بحرا أو محيط، أو صحراء أو أرض مزروعة، أو حتى مدينة أو قرية، وإذا ما كان الأمر كذلك فلما لم نشاهدها يوما أو نسمع عن رجل كان يسير في الطريق آمنا ذات يوم، فإذا بفضلات بشرية تسقط عليه من السماء.

حتى إن البعض قد تخيل أن الإجابة عن هذا السؤال، هو أن الطيارين لديهم زرار في قمرة القيادة يضغطون عليه، فتسقط تلك الفضلات من الطائرة وتتحلل في الجو حتى تسقط على الأرض كقطع صغيرة للغاية فلا يشعر بها أحد، وبرغم أن هذا التصور قادم من خيال خصب، فإنه غير صحيح مطلقا.

أنظمة صرف مغلقة:

الحقيقة أن هذا السؤال وإن كان غريبا، فإنه يبقي سؤالا مهما، والدليل أنه شغل بال حتى المهندسين الذين صمموا الطائرات التجارية الحديثة.

إذا نظرت إلي مرحاض الطائرة من الأساس، فإنك ستجده مختلف تماما عن أي مرحاض آخر تراه على الأرض.

هذا الأمر طبيعي، فمرحاض الطائرة، يسمي بالمرحاض الفراغي، وهو من تصميم وابتكار جيمس كيمبر الذي حصل على براءة اختراع مراحيض الطائرات في عام ١٩٧٥.

براءة الاختراع أتت نتيجة بعض الصفات التي يتميز بها مرحاض الطائرة، خصوصا ما يتعلق بنظام شفط الفضلات المزود به، والذي وإن لم تكن تعرف من قبل فإن لديه قدرة شفط بسرعة ٣٥٠ كم / ساعة، أي أنه أسرع من معظم السيارات على وجه الأرض.

هناك أيضا سائل مطهر أزرق اللون يسمي Skykem يساعد على تنظيف وتعقيم المرحاض بعد استخدامه، علاوة على أن المرحاض مصنوع من مادة تفلون التي لا يلتصق بها أي شيء، وهكذا وبسرعة الشفط الهائلة والمادة التي لا يلتصق بها شيء ومعهم المنظف الخاص، يخلو مرحاض الطائرة من أي فضلات.

صممت مراحيض جميع أنواع الطائرات الحديثة بطريقة تصريف محتوياتها داخل خزانات مغلقة، صورة لمرحاض طائرة سوخوي سوبر جيت-١٠٠ Sukhoi Superjet 100، The spacious lavatory، SuperJet International، (CC BY-SA 2.0)، via wikimedia commons.

هذه المراحيض ظهرت لأول مرة عام ١٩٨٢ على متن طائرة من إنتاج شركة بوينغ الأمريكية.

لكن هذا ما يتعلق بشفط الفضلات نفسها داخل حمام الطائرة.. أما السؤال إلي أين تذهب بعد ذلك؟.

من أجل حل هذا الأمر، حرصت جميع شركات تصنيع الطائرات، أن تزود الطائرات الحديثة بأنظمة صرف مغلقة، بحيث يتم تفريغ فيها فضلات حمامات الطائرة، التي توجد عادة في ثلاث مناطق من بدن الطائرة "الخلف، الوسط، الأمام".

عندما يضغط الراكب على زر التدفق، ينفتح صمام في الجزء السفلي من وعاء المرحاض، ويتدفق إليه الفضلات ومعها سائل التطهير والتنظيف الأزرق، ليستقرا في نظام الصرف المغلق.

فيديو نشرته سي ان ان العربية عن كيفية إفراغ مراحيض الطائرات.

وهكذا فعندما تهبط الطائرات يقوم فريق مزود بالمعدات اللازمة بسحب وتفريغ هذه الفضلات، ولا تقوم أي طائرة بالاقلاع مجددا بل ولا يسمح بدخول ركاب الرحلة التالية إلا بعد إفراغ مراحيض الرحلة السابقة.

وفي المعتاد لا تحتاج هذه العملية إلا لأقل من نصف ساعة.

كيف تسقط فضلات حمامات الطائرات على الأرض:

برغم ذلك، فإن هناك حالات مسجلة بالفعل لسقوط فضلات حمامات الطائرات على الأرض.

فمع حلول منتصف شهر يوليو / تموز ٢٠٢١، وعندما كان أحد المواطنين البريطانيين في حديقة منزله في منطقة بيركشير في ويندسور، سقطت على الحديقة هدية غير متوقعة وغير سعيدة من إحدي شركات الطيران، إنها فضلات مراحيض واحدة من طائراتها.

لم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة، بل سبقتها ما يقترب من ٣٠ حالة مسجلة بين عامي ١٩٧٩ : ٢٠٠٣ في الولايات المتحدة الأمريكية، لسقوط فضلات حمامات الطائرات على الناس أو شاهدوها وهي تسقط (قد يرتفع الرقم بالطبع إذا ما أفترضنا افتراضا منطقيا أن حوادث كتلك حدثت فوق صحراء أو بحر أو محيط أو أي مكان آخر يخلو من البشر).

لتعدد هذه الحالات ظهر مصطلح Blue ice أو "الجليد الأزرق" ليكون اسم المواد التي تتسرب من حمامات الطائرات التجارية وتسقط على الأرض.

وسميت هذه المواد باسم Blue ice أو "الجليد الأزرق"، لأنها تكون مزيج من سائل التنظيف الأزرق الذي أشرنا إليه، وفضلات المراحيض، ويسقط على شكل كتل جليدية.

إذن كيف تسقط فضلات حمامات الطائرات "أحيانا" على الأرض؟.

عامل تفريغ لمراحيض الطائرات، مطار مكسيكو الدولي، Mnts، (CC BY-SA 2.5)، via wikimedia commons.  

حسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، والتي تحدثت مع خبير الطيران جوليان براي، وسألته عن ذلك الأمر، فإن إجابة خبير الطيران جاءت أن هذا "محتمل الحدوث".

يقول الخبير جوليان براي: "توجد في الطائرات الحديثة مراحيض فراغية، لذا فهي آمنة ومغلقة بشكل محكم. المشكلة يتسبب بها التقاطع بين آلية المرحاض وعبوة التخزين، إذ لا يمكن أن يكون هناك إغلاق محكم بنسبة مئة في المئة، فلا بد أن يكون هناك قليل من الانبعاج لأن الطائرة تتعرض لمستويات مختلفة من الضغط".

وشرح ما يحدث قائلا: "ما يمكن أن يحدث هنا هو أنه حينما تهبط الطائرات وتصل لارتفاع ١٨٠٠ متر مثلا يتغير الضغط، ويتسرب المخلفات".

في النهاية، ننصحك بأن تكون مطمئنا، يوميا تطير حول العالم عشرات الآلاف من رحلات الطيران المدني، وكل ما تم تسجيله عبر عشرات السنين مجرد عشرات الحالات، لذا فهي نسبة لا يمكن ذكرها أصلا.

هذا أيضا ما قالته سلطة الطيران المدني البريطانية لبي بي سي عام ٢٠١٦، إن هناك تقارير عن سقوط الجليد الأزرق من الطائرات ٢٥ مرة في السنة، من أصل ٢،٥ مليون رحلة جوية، لذا صدقني فإن هناك الكثير من المخاطر على الأرض أكثر من هذا بكثير.

بل وأكثر من ذلك، فإن معظم هذه الحالات سجلت عند اقتراب الطائرات من الهبوط في المطارات، فلا تشغل بالك بهذا الأمر بعد قراءة هذا التقرير، لذا فإن مثل هذه الحالات يطلق عليها "واحد في المليار".

المعرفة للدراسات
بواسطة : المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-