الأحدث

ماذا يعني قرار رفع سعر الفائدة وماهو تأثيره على جيبك وحياتك .. هل خرج الاقتصاد الدولي عن السيطرة

ربما يعد أهم سؤال في العالم كله بدون مبالغة هو ما معني قرار الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة؟ .. وما هو تأثيره على حياة الناس وأموالهم؟.

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة مجددا، والاقتصاد العالمي يمر بحالة من عدم اليقين، Mao Piseth، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons.

نشرت وكالة بلومبرغ الأمريكية التي تعد واحدة من أهم وكالات الانباء الدولية تقريرا عن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة.

بلومبرغ اختارت أحد أفضل الخبراء الاقتصاديين في العالم ليتحدث في هذا الأمر، إنه "كينيث روجوف"، أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد الأمريكية، وكبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في فترة سابقة.

نحن في "المعرفة للدراسات" سنقدم لك ترجمة أبرز ما قاله هذا الخبير، ومن قبله شرح من أكبر الصحف الدولية لمعني رفع سعر الفائدة.. وكيف يؤثر على أموالك وجيبك الخاص.

حرصنا أن يكون الشرح بسيطا وسهل قدر المستطاع لكي يفهمه غالبية القراء من غير المتخصصين في علم الاقتصاد.

ماذا يعني رفع سعر الفائدة:

ببساطة، عندما ترفع البنوك سعر الفائدة فإنها تجعل الاقتراض أكثر صعوبة سواء كان من يريد القرض شخص أو شركة أو حتى حكومة، وذلك لأن الفائدة التي سيدفعها من يقترض المال ستزيد، وتنصح المعرفة للدراسات هنا من أخذ قرض بالفعل، أن يراجع البنك أو الجهة التي أعطته القرض ويعرف هل سيكون هناك تغيير على الفوائد ام لا.

كذلك الحال مع كروت الائتمان البنكية التي تتيح الشراء ثم السداد بعد ذلك بفائدة معينة، قد تصل فوائدها إلي نحو ١٩٪، وهذه نسبة فلكية بشكل حقيقي.

العكس صحيح، فرفع سعر الفائدة يشجع الجميع "أفراد وشركات وحكومات" على وضع أموالهم في البنوك، بالطبع من أجل الاستفادة من الفائدة المرتفعة.

بالتالي، فمن الناحية النظرية، تكون النتيجة النهائية أن طلب الناس يقل على السلع والخدمات، لأن جزء كبير من أموالهم في البنوك، ولن يقترضوا بهذه الفائدة المرتفعة لشراء سيارة أو منزل على سبيل المثال، وهكذا تكون الخطوة النهائية أن تقل الأسعار وينخفض التضخم نتيجة قلة طلب الناس على السلع والخدمات.

بعض الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن قرار خفض سعر الفائدة قد يكون سلاحا ذو حدين، لأن من نتائجه أن يحدث تباطؤ اقتصادي وتقل معدلات النمو.

عندما يتم رفع سعر الفائدة، تتحرك الكثير من الأشياء في الحياة، ولا أحد يعلم إلي أي إتجاه ستذهب، إيجابا أو سلبا، Advantus Media, Inc. and QuoteInspector، (CC BY-ND 4.0).

هناك تحذير كذلك من أن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتعاقبة برفع سعر الفائدة، ستؤدي لحدوث صدمة في الأسواق، تؤدي لركود اقتصادي كبير، خصوصا أنه وعندما تغيب الثقة في السوق، يلجأ الكثيرون بدلا من فتح استثمارات ومشاريع جديدة لوضع أموالهم في البنوك التي تعطي فوائد مرتفعة وينتهي الأمر، هذا أيضا سيقلل من خلق فرص عمل جديدة، بل قد يفقد بعض العاملين وظائفهم.

على أي حال، لا ينبغي هنا إغفال نقطة أنه ومع رفع الولايات المتحدة الأمريكية للفائدة، فإن المستثمرين الدوليين يتجهون لشراء سندات الحكومة الأمريكية نظرا لارتفاع الفوائد ما سيعظم أرباحهم، هذه النقطة بالتحديد تخسرها الدول النامية لصالح أمريكا، وهي السبب الرئيسي في انخفاض قيمة عملات تلك الدول أمام الدولار الأمريكي مع كل رفع لقيمة الفائدة.

إذن وباختصار، فإن قرار رفع سعر الفائدة، هو سلاح ذو حدين، الحد الجيد منه أن تستطيع البنوك المركزية في القضاء على حالة التضخم في الأسواق، أما الحد السئ فيه، فأنها قد تقتل الاقتصاد كله وتصيبه بالركود.

المشكلة الكبرى هنا أنه من غير المؤكد ماذا سيفعل هذا السلاح، وأي حد منه سيصيب وأي حد سيخطئ هدفه .. ولانعلم كيف ستتأثر أسعار أسهم الشركات في البورصات العالمية، إلي متي ستستمر الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد الدولي، الخوف من عودة فيروس كورونا كوفيد-١٩ للانتشار في عدد من دول ومناطق العالم، أسعار النفط والغاز الطبيعي، كل هذه أشياء ترتبط ببعضها وأي قطعة منها ستسقط، سيسقط معها كل شيء مثل أحجار الدومينو.

الحل الوحيد لهذه المعضلة أن تنتهي حرب روسيا وأوكرانيا، ويتم رفع العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو، وفي نفس الوقت، تعود الصين للعمل بقوتها الإنتاجية الكاملة ويغادرها شبح انتشار كورونا مجددا، ومن هنا فقط تبدأ الأمور في التحسن.

ركود كبير:

البروفيسور كينيث روجوف كانت توقعاته سلبية مع الأسف الشديد، إذ حذر من أننا نشهد خطر عاصفة ركود اقتصادي كبير سيضرب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين "بالتالي سيتأثر العالم كله وبقسوة".

على سبيل المثال، تضررت معظم عملات دول العالم من قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة، وفقدت تلك العملات جزءا كبيرا من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.

هذا كله حدث، ولم يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة سوي بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين ٠،٧٥ بالمئة و ١ بالمئة.

هذه هي أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقدين، ومع ذلك فإن البروفيسور كينيث روجوف يري أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيجد نفسه مضطرا لكي يواجه حالة التضخم في الأسعار الأكبر منذ أربعة عقود في أمريكا، أن يرفع سعر الفائدة حتى ٥٪.

البروفيسور كينيث روجوف متحدثا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس نسخة العام ٢٠١٨، Copyright by World Economic Forum / Sikarin Thanachaiary، (CC BY-NC-SA 2.0)، via wikimedia commons.

فلنا إذن أن نتخيل خمسة أضعاف التأثير الذي أصاب قيمة العملات الوطنية لعديد من دول العالم، ولنا أن نتخيل ماذا سيحدث أن قرر الإتحاد الأوروبي ومعه الصين رفع نسبة الفائدة أيضا؟.

ففي حديثه التلفزيوني للقناة التابعة لوكالة بلومبرغ، قال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا: "إن الفكرة القائلة بأن زيادة الفائدة إلى ٢٪ أو ٣٪ فقط ستبطئ من نمو الأسعار "أمر غير محتمل حقًا - أعتقد أنه سيتعين عليهم رفع أسعار الفائدة إلى ٤٪ أو ٥٪ لخفض التضخم إلى ٢،٥٪ أو ٣٪".

هذه أمور لا تتوقف عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية، بل ستضرب بشدة عملات الدول النامية على وجه الخصوص، وستؤثر على المواطنين فيها، إنها أيام قد تكون صعبة للغاية بالنسبة للكثيرين.

الاقتصاد الدولي خرج عن السيطرة:

الأدهي من هذه التوقعات السلبية، أن يخرج اقتصادي كبير بحجم وقيمة البروفيسور كينيث روجوف ليقول أن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن حالة الاقتصاد الدولي حاليا، بل أنه نفسه لا يعرف ما ينبغي فعله لمواجهة هذه الأزمة الإقتصادية القادمة.

ويصف الوضع بقوله: (لن أقول إنني أعرف بالضبط ما يجب القيام به. لكن من الواضح أن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة).

حديث مثل هذا يجعل الشخص العادي الغير متخصص في الاقتصاد يشعر بالقلق من أي تحليل اقتصادي يقوله أي خبير آخر، فإذا كانت تلك حالة كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا، فهل ينبغي أن نصدق أي أحد ينصح بوضع المال في استثمار معين أو شراء عملة معينة أو ذهب أو عقارات أو أو، وتسود حالة من القلق وعدم اليقين، وهي حالة كفيلة بمفردها بإحداث تدمير مذهل لأي اقتصاد.

رفع سعر الفائدة:

هذا الحديث كان يوم الثلاثاء الماضي، سرعان ما بدأت توقعات البروفيسور كينيث روجوف في التحقق، حدث ذلك في اليوم التالي مباشرة.

ففي يوم الأربعاء، رفع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول وزملاؤه أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين ٠،٧٥ بالمئة و ١ بالمئة.

الأهم من هذا، أنهم أشاروا إلى كونهم في طريقهم لرفع الفائدة إلى حوالي ٢،٥٪ بحلول نهاية العام. ما يجعل توقعات البروفيسور سليمة حتى الآن.

مبني مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، من هذا المبني خرج القرار الذي شغل العالم حينا وسيؤثر عليه كثيرا برفع سعر الفائدة، AgnosticPreachersKid، (CC BY-SA 3.0), via wikimedia commons.

فقط الوقت هو من يجيب على سؤال هل سيرفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة مجددا ام لا .. فرقميا يريد مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يروض التضخم ويوقفه عند ٢٪ فقط، لقد تجاوز التضخم في أمريكا بالفعل في يومنا هذا نسبة ٦٪.

أزمة اقتصادية عالمية:

البروفيسور كينيث روجوف حذر كذلك من مخاطر اقتراب عاصفة كاملة تضرب العالم كله.

نحن نعيش الآن في عالم حيث ينكمش النمو الاقتصادي الأوروبي بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا ، تمر الصين بالشيء نفسه بسبب "سياسة الإغلاق التي استخدمتها لمواجهة فيروس كورونا كوفيد-١٩ Covid" والتي يصفها بالفاشلة (تواجه الصين حاليا أسوء تفشي لكوفيد-١٩ منذ عامين، وقد أغلقت مناطق مهمة فيها)، كما ينكمش الاقتصاد الأمريكي لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي "يشدد كثيرًا وبسرعة كبيرة" من إجراءات مواجهة التضخم.

ويضيف أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد، أنه إذا كانت الصين ستلتزم بسياسة الإغلاق، سيؤدي هذا لقلة المعروض من المنتجات الصينية في الأسواق العالمية نتيجة القيود على التصدير، هذا سيؤدي لتأثر الأسواق كلها. الصين نفسها قد تكون الآن على حافة الركود.

وأما بالنسبة للانكماش الاقتصادي الأمريكي الذي سيضر بالأسواق المالية العالمية، فقد قال: "أود أن أقول إن الخطر ارتفع بشكل ملموس ، وأن هذا قد يحدث".

في النهاية منحنا البروفيسور كينيث روجوف جرعة من الأمل عندما قال أنه ونتيجة لكل هذه التعقيدات، فهناك حالة من عدم اليقين عن ما سيحدث في المستقبل، فقد يحدث أي شئ، حتى احتمال أن تسير الأمور بشكل جيد مطروح وقد يحدث.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-