من المعروف عند الجميع أن المرأة لها فترة تسمي فترة العدة، لا يجوز لها الزواج خلالها، لكن هل هناك عدة للرجل أيضًا؟.
هل للرجل عدة بعد الطلاق؟.. وما هي تلك الحالات التي يعتد فيها الرجال؟. |
وإذا ما كانت الإجابة "نعم.. هناك عدة للرجل لا يجوز له الزواج حتى انتهائها" ، فمتي تحدث، وما هي شروطها؟.
مفهوم العدة:
علينا أولا أن نحدد مفهوم العدة لكي تكون الإجابة صحيحة ودقيقة، والعدة هي أن "تتربص" أو تنتظر المرأة فترة معينة من الوقت بلا زواج بعد انتهاء علاقتها الزوجية، سواء كان ذلك الانتهاء بسبب الطلاق أو موت الزوج أو الخلع أو فسخ عقد الزواج لأي سبب.
والعدة واجبة على المرأة للتأكد من خلو رحمها من أي حمل في طفل من زوجها السابق، وذلك منعا لاختلاط الأنساب.. كما قد تكون فرصة ليراجع الزوجين نفسيهما إذا كان الطلاق رجعيا، فقد تلين قلوبهما في تلك الفترة، ويعيد ﷲ بينهما المودة والرحمة من جديد.
والعدة ثابتة لقوله تعالى : ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) {البقرة: ٢٢٨}.
وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)) {الطلاق: ١}.
وقوله تعالى: ((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)) {الطلاق: ٤}.
وفي الحديث الصحيح، أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها من أبي عمرو بن حفص بن المغيرة: ((اعتدِّي في بيتِ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ))، وكان ابن ام مكتوم هذا رجل أعمي.
فإذا قلنا أن هناك فترة عدة للرجل.. فما السبب ورائها إذن؟ ومتي تحدث؟.
عدة الرجل:
والحقيقة أنه لا يوجد ما يسمي بعدة الرجل في الإسلام، فلفظ العدة بالتحديد هو خاص بالمرأة، ولا يمتد للرجال.
لكن في نفس الوقت توجد بعض الأحيان التي يمنع فيها الرجل من الزواج، وهذه الحالات يمكن أن يطلق عليها "عدة" من قبيل المجاز لا أكثر، أما مسماها الصحيح فهي "فترات وحالات يمنع فيها الرجل من الزواج" وليست العدة الشرعية الواجبة على المرأة.
وهذه الفترات أو الحالات، يمكن أن نحددها فيما يلي:
هناك حالتين يعتد فيهما الرجل. |
- إذا كانت المرأة التي يريد الرجل الزواج منها هي من المحرمات الجمع بينها وبين زوجته السابقة، كأختها أو عمتها أو خالتها، ففي هذه الحالة، عليه أن ينتظر انتهاء عدة زوجته السابقة اذا كان الطلاق رجعيا، لأن المطلقة رجعيا، تظل في حكم الزوجة ويجوز لزوجها ردها طيلة فترة العدة، أما إذا كان طلاقا بائنا، فلم يشترط الانتظار فيه إلا أصحاب المذهب الحنفي.
- إذا كان الرجل متزوج من أربعة سيدات وطلق واحدة منهن، فلا يجوز له هنا الزواج من أخرى، إلا بعد انتهاء عدة الزوجة التي طلقها، وذلك حتى لا يكون قد جمع بين خمس زوجات، متخطيا الحد الشرعي الذي وضعه الدين لعدد الزوجات، وهذا أمر عليه إجماع المسلمين إذا كان الطلاق رجعيا، وقد اشترط الحنفية والحنابلة على الرجل أن ينتظر تلك المدة حتى لو كان قد طلق واحدة من زوجاته الأربعة طلاقا بائنا، والأحوط والأقوم أن يتم الأخذ بهذا الرأي الثاني.
حالة موت الزوجة:
وتجدر الإشارة هنا إلي أن (موت) الزوجة يغير هنا الحكم بالنسبة للرجل.
فإذا ماتت زوجته وأراد التزوج من اختها أو عمتها أو خالتها، فعلى عكس المرأة، لا يعتد الرجل على زوجته، وكذلك إذا كان متزوجا من أربعة وماتت واحدة منهن، فلا يوجد عليه عدة كذلك.
وكذلك الأمر في حالة إذا ما اراد الزواج من أي سيدة لا يحرم الجمع بينها وبين مطلقته، فهنا أيضا لا مشكلة ويمكنه الزواج في أي وقت بدون تلك العدة المجازية التي تحدثنا عنها.