في الوقت الحالي، فإن المجندات في الجيش الأمريكي يدفعن ثمن توصيل حليب الأطفال الرضع من صدورهم لأبنائهن البعيدين عنهن، لكن هذا الوضع علي ما يبدو أصبح على وشك التغيير.
فالضباط والمجندات من نون النسوة في الجيش الأمريكي، يضطررن لترك أطفالهن الرضع لأيام متتالية في أفضل الأحوال، وبالتالي لابد للرضع أن يعتمدون على اللبن الذي يأتي من صدور أمهاتهم ويرسلونه إليهم عبر البريد، والذي قد تبلغ قيمة توصيله إلي ٥٠٠ دولار أمريكي كل عشرة أيام.
نداء الوطن وواجب الأمومة:
مجلة (آرمي تايمز) Army Times الأمريكية الشهيرة نشرت تقريرا التقت فيه مع الرائد (جينا ويتس)، ضابط متخصصة في أحوال الطقس بالقوات الجوية الأمريكية.
كانت الرائد جينا ويتس، تستعد للانضمام إلي كلية القيادة والأركان العامة للجيش الأمريكي في كانساس في وقت سابق من هذا العام.
حينها واجهت الأم المرضعة معضلة: كيف تطعم رضيعها في الوقت الذي ستبقي فيه بعيدة عنه، والذي سيمتد إلي ١٠ أيام.
كان الحل الذي وجدته هو شحن علبة حليب تعصره من صدرها، تزن ٤٥ رطلاً - تكفي لمدة ١٤ يومًا - بتكلفة تقارب ٥٠٠ دولار أمريكي.
مشكلة عامة:
في الواقع، هذه مشكلة للنساء في الجيش الأمريكي، إذ يتعين على العديد من الأمهات العسكريات شحن الحليب عندما يكونن في مهمة مؤقتة، لأنه ليس لديهن ما يكفي في المنزل لإطعام أطفالهن أثناء رحيلهن للعمل.
الطريقة الوحيدة التي يمكنهن التأكد من خلالها أن أطفالهن يحصلون على الطعام، أن يرسلوا لهم علب اللبن الذي يجمعونه في عبوات مخصصة لذلك عبر البريد.
لكن ببساطة فثمن شحن اللبن، ليس بمقدور العديد من الأمهات وخصوصا من المجندات الجدد في الجيش الأمريكي دفعه.
الرائد جينا ويتس، نشرت بيانا صحفيا تحدثت فيه عن المشكلة التي تواجه العديدات في الجيش، وأضافت أنها عندما كانت لا تزال برتبة (ملازم ثان) كان مجموع ما تشحنه لطفلها من عبوات لبن الأطفال في ذلك الوقت يكلفها مئات الدولارات، وكان راتبها يكفيها بالكاد لسدادها.
مبادرة نسائية:
لكن على ما يبدو فإن الدعم قادم بفضل مجموعة من المتطوعين من فريق المبادرات النسائية التابع لإدارة سلاح الجو الأمريكي، والذين انضم إليهم أيضا ممثلين من جميع إدارات وزارة الدفاع الأمريكية.
يجتهد فريق المبادرات النسائية هذا لتحديث لوائح السفر العسكرية بحيث يمكن تعويض المجندة أو الضابطة عن تكلفة إرسال حليب الثدي بالبريد عندما يتم فصل الأم عن طفلها لأداء واجباتها الوظيفية في الجيش.
سلاح الجو الأمريكي كما يتضح في طريقه نحو الاستجابة لتلك المطالب، إذ أعلن إنه من المقرر تغيير تلك السياسة، في شهر يناير مطلع العام المقبل ٢٠٢٢.
سياسة سلاح الجو الحالية تقضي بتوفير للأمهات المرضعات من الجنود والضباط في صفوفه مكانًا آمنًا لضخ حليب الثدي وتخزينه، وتغطية تكاليف مضخة الثدي، والمستلزمات اللازمة الأخرى لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بعد ولادة الطفل، لذا فإن تحمل تكلفة إرسال الحليب إلي الأطفال ستعد ترقية للسياسة الحالية.
السياسة الحالية أيضا توجب أن يتوافر لدي الأمهات المرضعات في أماكن خدمتهن أماكن مخصصة بها ثلاجة لتخزين حليب الأم، ومناطق خاصة لإنزال الحليب من الثدي، على أن تكون مزودة بالماء الساخن والبارد وأن تكون كذلك مكيفة الهواء.
في المتوسط، فإن ما يقرب من خُمس جميع الطيارين العاملين في الخدمة الفعلية هم من النساء الذين لديهم أطفال رضع، وهم يتلقون مهمات ترغمهم على ترك أطفالهن بأوامر تصدر لهن في غضون عام بعد ولادة أطفالهن.
هناك الكثير من القصص لضابطات تعرضن لضغط نفسي نتيجة محاولتهن تحقيق التوازن بين رعاية أطفالهن بشكل مستمر وبين حياتهن المهنية، والتي انتهت في كثير من الأحيان بأخذهن قرار ترك الجيش من أجل أطفالهن.
أهمية الرضاعة الطبيعية:
من الناحية الطبية، يمكن أن يؤدي إيقاف الرضاعة الطبيعية كليًا إلى إلحاق خسائر عقلية وعاطفية بالوالدة وبطفلها معا، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حالات الإصابة ببعض الحالات الصحية مثل السرطان والسكري لدي النساء اللواتي تتوقفن عن الرضاعة الطبيعية.
إن دفع ثمن الحليب الاصطناعي أو شحن حليب الأم له تكاليفه الخاصة أيضًا. لكن ومن خلال تعديل رسمي علي لوائح سفر الأفراد، يمكن للأمهات الجدد في سلاح الجو الأمريكي أن يطمئنوا على طعام أطفالهن أثناء أداء مهامهم، وقد أزالوا في ذات الوقت التكاليف المالية من قائمة مخاوفهم.
بالنسبة للعديد من الآباء والأمهات، فإن الرضاعة الطبيعية هي الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة والصحية لإطعام أطفالهم، ولكن هذا الأمر يفترض أن الأم والطفل لا يفترقان أبدًا.
بصورة عامة، فإن سداد تكلفة شحن حليب الأم عبر البريد، هو الأحدث في سلسلة من التحديثات التي تهدف إلى تحسين نوعية الحياة للآباء العسكريين في الجيش الأمريكي، وخاصة النساء منهم. خصوصا إذا ما علمنا أن النساء يشكلن ٢٠٪ من أفراد الخدمة النظامية في القوات الجوية ومن بينهم الطيارين النساء.
تشمل التغييرات الأخرى المزمع إجراءها في سياسة سلاح الجو الأمريكي، زيادة إجازة الأمومة إلى ١٢ أسبوعًا (٣ شهور) ، والانتظار لمدة عام واحد بعد الولادة قبل مطالبة الأم الجديدة بإجراء اختبار اللياقة البدنية.
كما سيكون بمقدور الأمهات الجدد أيضًا خلال ١٢ شهرًا بعد الولادة أن يقررن ما إذا كن تردن مغادرة سلاح الجو ام لا.
كانت كريستي نولتا، وهي نائبة مساعد سكرتير القوات الجوية لشؤون الاحتياط واستعداد الطيارين، قد أصدرت العام الماضي بيانا صحفيا قالت فيه: "تختار العديد من النساء مواصلة الرضاعة الطبيعية بعد عودتهن إلى العمل، لذا يجب أن نفعل ما في وسعنا لدعم هذا الاختيار ، مما يسهل على الأمهات المرضعات الاستمرار في الخدمة. تساهم مثل هذه التغييرات في الاستعداد وتحسين نوعية الحياة لأفراد خدمتنا وعائلاتهم".
-----------
ترجمة المعرفة للدراسات لتقرير من مجلة (آرمي تايمز) Army Times الأمريكية.
المقال الأصلي من إعداد راشيل إس كوهين، وهي مراسلة أولى في مجلة القوات الجوية Air Force Times، وتكتب كذلك في صحف مثل فريدريك نيوز بوست (ماريلاند) ، وواشنطن بوست ، وغيرها من المجلات والصحف الأمريكية.