مجددا في السودان، الأرض التي لم تعرف الاستقرار منذ سنوات بعيدة.
اعتقل رئيس الوزراء السوداني عبد ﷲ حمدوك في وقت مبكر من صباح اليوم، وتم اقتياده لمكان غير معلوم، Ola A .Alsheikh (CC BY-SA 4.0, via Wikimedia commons) |
اليوم، قامت قوات من الجيش السوداني باعتقال رئيس الوزراء السوداني (عبد ﷲ حمدوك) ، والقادة المدنيين المشاركين في (مجلس السيادة السوداني) ، وهو المجلس المنوط به قيادة الفترة الانتقالية في السودان قبل إجراء انتخابات جديدة، والذي تشكل بعد اطاحة الجيش بالرئيس السابق عمر البشير بعد مظاهرات شعبية ضخمة خرجت ضده.
فوضي عارمة.. وقلق:
الفوضي العارمة ومعها الغموض هما العنوانين البارزين في التطورات السودانية، فوزارة الإعلام والثقافة السودانية نفسها هي من اعلنت خبر نقل رئيس الوزراء السوداني عبد ﷲ حمدوك إلي (مكان مجهول)، بعدما رفض إصدار بيان يدعم (إنقلاب عسكري جاري).
يعكس بيان وزارة الإعلام والثقافة والذي نشرته عبر صفحتها الرسمية علي موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أن الأمر لم يحسم بعد لأي من الطرفين، وأن هناك صراع بين أجنحة داخل مؤسسات الدولة السودانية نفسها.
كانت وزارة الإعلام السودانية قد قالت إن قوات الجيش السوداني التي كانت تحتجز حمدوك داخل منزله قبل نقله إلي مكان مجهول، مارست عليه (ضغوطا لإصدار بيان مؤيد للإنقلاب) حسب وصف الوزارة.
تأتي تلك الأحداث بعد خلافات كبيرة بين العسكريين والمدنيين في مجلس السيادة السوداني ، ومظاهرات في شوارع العاصمة الخرطوم، وقطع الطرق وإغلاق الموانئ في شرق السودان، كما إحبطت محاولة انقلاب في شهر سبتمبر الماضى، واتهم حينها ضباط من سلاح المدرعات من المنتمين لنظام الرئيس السابق عمر البشير.
علي صفيح ساخن:
رئيس الوزراء (عبد ﷲ حمدوك) ليس هو المعتقل الوحيد، بل سبقه إلقاء القبض علي عدد من المسؤولين الحكوميين والسياسيين منذ فجر اليوم الاثنين، الخامس والعشرين من أكتوبر عام ٢٠٢١ ، والذي قد يصبح يوما تاريخيا في عمر السودان.
ونقلت وزارة الإعلام والثقافة السودانية دعوة حمدوك للسودانيين بالتمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم، كما أعلنت أن قوة عسكرية قد طوقت مبني الإذاعة والتليفزيون في أم درمان ثم اقتحمته واعتقلت عددا من العاملين به.
بينما أذاع التليفزيون السوداني نبأ أن رئيس مجلس السيادة (عبد الفتاح البرهان) سيلقي بيانا هاما بعد قليل بشأن التطورات الراهنة، واستمر منذ عدة ساعات في بث الأغاني الوطنية السودانية.
في ذات الوقت، وصف تجمع المهنيين السودانيين، وهو أحد الجهات الأساسية التي شاركت في الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق عمر البشير عام ٢٠١٩، ما حدث فجر اليوم من اعتقالات بـ"الانقلاب"، ودعا إلى النزول إلى الشوارع والعصيان المدني.
تجمع المهنيين السودانيين أضاف في بيانه دعا لما سماه (التتربس والاعتصام في الاحياء)، لكنه طلب من السودانيين تلافي التوجه للقيادة أو القصر أو أيا من النقاط المركزية.
وقد فرقت قوات الأمن السودانية عددا من المتظاهرين في مدينة (أم درمان) ثاني أكبر مدن البلاد.
من جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع في السودان، مطالبا جميع الأطراف السودانية بالتقيد بالوثيقة الدستورية التي تم توقيعها عام ٢٠١٩، بمشاركة المجتمع الدولي والجامعة العربية، وكذلك باتفاق جوبا للسلام لعام ٢٠٢٠.
أما فولكر بيرتس، وهو الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، قال إن ((المنظمة الدولية تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن انقلاب في السودان، ومحاولات تقويض عملية الانتقال السياسي)).
كما نشر المبعوث الأمريكي الخاص بالقرن الافريقي، جيفري فيلتمان، تغريدة ،علي موقع تويتر قال فيها "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن تولي عسكريين للحكومة الانتقالية، وهذا يتعارض مع الإعلان الدستوري (الذي يحدد المرحلة الانتقالية) والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني".
وتشتهر السودان بكثرة الانقلابات العسكرية الدموية والسلمية في تاريخها منذ عقود، ويمكنكم من هنا مطالعة أشهر ما شهدته السودان من إنقلابات عسكرية.