هل سمعت من قبل عن "عمي الثلج".. عن العين التي تحرقها الشمس؟.. دعنا نخبرك إذن كيف يمكن أن يكون التعرض لكمية كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية الناتجة من الشمس أو من بعض الآلات، مؤذيا جدا لشبكية أو قرنية عدسة عينيك، ولماذا تتزايد نسب هذه الحالة بالتحديد في فصل الشتاء.
تركيب العين البشرية، صورة من موقع طبيبي |
لكن في البداية نضع لكم صورة لتركيب العين البشرية ومكوناتها حتى يستطيع القارئ فهم المحتوى بشكل سهل.
التهاب القرنية الضوئي:
العمي الثلجي، يسمي طبيا بالتهاب القرنية الضوئي أو العين المقوسة، ويعرف علميا بأنه حالة ألم وانزعاج "مؤقت ولكنه مؤلم" في العين، يحدث عادة عندما يتعرض الشخص للكثير من الأشعة فوق البنفسجية (UV) الغير مرئية والصادرة من الشمس.
هناك كذلك العديد من مصادر الأشعة فوق البنفسجية من صنع الإنسان والتي تنتشر حولنا في كل مكان تقريبا، من بينها مصابيح الإضاءة البيضاء، وكذلك مصابيح أجهزة صعق الحشرات الطائرة الكهربائية، والمصابيح التي توضع في غرف تسمير البشرة، ومعدات اللحام، وفي بعض الدول والمناطق يكون الرصيف في الشوارع ذو ألوان فاتحة أو متعدد الألوان، هذا أيضا يزيد من انعكاس أشعة الشمس فوق البنفسجية ويرفع كميتها الواصلة للعين البشرية.
لهذا السبب، يعتبره البعض بمثابة حرق من حروق الشمس لكنه هذه المرة يصيب العين، إذ يضرب الطبقة الخارجية الشفافة من عينيك، والتي تسمى القرنية، ويصفها البعض بنافذة العين، مما يؤدي في الأساس إلى حرق والتهاب يصيب القرنية بسبب أشعة الشمس.
القرنية كما تظهر من صورة شرح العين ومكوناتها، هي عبارة عن مجموعة من الأنسجة الشفافة التي تشبه القبة في مقدمة العين، وتغطي الحدقة والقزحية، وبما أن القرنية لا تحتوي علي أوعية دموية فإنها تحتاج دوما للدموع لتظل سليمة وبصحة.
تسمي الطبقة الخارجية من القرنية بالظهارة، وتتكون من الآلاف من النهايات العصبية، ما يجعل القرنية منطقة حساسة للغاية تجاه أي ضرر أو ألم يصيبها، وهي بالضبط المنطقة التي تصاب بالحرق فيحدث عمي الثلج.
الالتهاب قد يمتد إلي الملتحمة، إنها الأنسجة الشفافة الرقيقة الصافية التي تغطي الجزء الأبيض من العين، وداخل الجفون.
البيئات الأكثر خطرا:
هذا، وتتزايد نسبة احتمال تعرض العين البشرية لحالة العمي الثلجي في البيئات التي تزيد فيها تعرضها لأشعة الشمس وانعكاساتها، مثل السير في مناطق مكسوة بالجليد أو الثلج -ومنها اشتق اسمه- فكما هو معروف أن الثلج يعكس أشعة الشمس، وبالتالي تزيد كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تصل للعين.
بيئة تغطيها الجليد هي منطقة مثلي للإصابة بعمي الثلج، لكنها ابدا ليست المكان الوحيد الذي تحدث فيه، piqsels |
تنطبق نفس الحالة علي الماء وكذلك الرمال، وخصوصا الرمال البيضاء، وبالتالي تصبح الشواطي مكانا مهيأ بشدة للإصابة بعمي الثلج، وكذلك ترتفع نسبة الإصابة بالعمي الثلجي في المرتفعات، أو عند تعرض الإنسان لأشعة الشمس لفترات زمنية طويلة بشكل عام حتى لو كان خارج هذه البيئات، لذا فلا يعني أن اسمه "العمي الثلجي" أنه من اللازم أن يحدث في بيئة ينتشر فيها الجليد أو الثلج فحسب، بل تكفي أشعة الشمس فوق البنفسجية في أي مكان.
العمي الثلجي قد يحدث نتيجة سبب آخر بخلاف أشعة الشمس فوق البنفسجية، وهو "تجمد سطح القرنية"، وكذلك الجفاف الشديد لسطح القرنية، ويحدث ذلك عادة في الهواء الجاف للغاية عندما تقل نسب الرطوبة في الجو.
بحسب "الأكاديمية الأمريكية لطب العيون" يمكن أن يحدث عمي الثلج أيضًا إذا كنت تحدق في ظاهرة كسوف الشمس مباشرة دون استخدام الجهاز الخاص المعد لذلك.
لكن "الأكاديمية الأمريكية لطب العيون" تحذر من أن النظر للشمس بالتحديد في حالة كسوف الشمس سيسبب في حروق في شبكية العين تدوم لفترة أطول وأكثر خطورة من تلف القرنية المؤقت والمسمي "عمي الثلج".
وبحسب "منظمة الصحة العالمية" تزيد مستويات الأشعة فوق البنفسجية بنسبة ١٠٪ إلى ١٢٪ مع كل زيادة قدرها ١٠٠٠ متر في الارتفاع عن سطح الأرض، لذا وبالتبعية تزيد نسب الإصابة بعمي الثلج في المرتفعات.
إذن فالعمي الثلجي من الممكن أن يصيب الشخص سواء كان خارج منزله أو حتى داخل البيت، يعتمد الأمر علي ماذا يفعله، فقط يكفي وجود الأشعة فوق البنفسجية طبيعية من الشمس، أو من أي مصدر صناعي لكي تلحق الضرر بالعينين إن لم يكن الشخص حريصا.
الأعراض:
يشعر المصاب بعمي الثلج بالاعراض التالية، بشكل كامل، أو حتى بعضا منها.. وفي معظم الحالات لا يشعر بها بشكل لحظي، بل يحتاج الأمر بضعة ساعات بعد الإصابة بالحرق في القرنية لظهور الأعراض وبدأ الاحساس بها:
- هناك تغيم (اعتام) أو سواد في عدسة العين.
- شعور بوجود حبات رمل داخلها... وقيل أن أفضل وصف لعمي الثلج هو الشعور بأن هناك شخص يسكب الرمال في عينيك.
- ألم في العين.
- حرقان في العين، ورغبة في فركها بيدك.
- صداع في الرأس.
- عدم وضوح الرؤية "رؤية ضبابية".
- فقدان مؤقت للرؤية.
- حساسية وانزعاج من الضوء.
- شعور بألم عند رؤية الضوء الساطع.
- رؤية هالات حول مصادر الضوء كمصابيح الإنارة أو الشمس.
- احمرار في مقلة العين والجفون.
- نزول دموع من العين.
- تورم العين.
- ارتعاش الجفن.
- احيانا يحدث تغيير في رؤيتك للألوان، فتراها علي غير لونها الحقيقي.
- نادرا، فقدان البصر، ووفقا للأكاديمية الأمريكية لطب العيون، فإنه يكون مؤقتا.
يقوم الأطباء المختصين بتشخيص الإصابة بعمي الثلج بطريقة بسيطة، بداية من السؤال عن أنشطتك الأخيرة، ثم فحص عينيك باستخدام قطرة عيون مع صبغة الفلورسين، وحينها ستتضح أمامه أعراض العمي الثلجي في عين المصاب، ومع هذا فلن يقدم لك الطبيب الكثير لعلاج عمي الثلج، ليس لأنها حالة خطيرة، بالعكس اطمأن فالأمر أبسط من هذا بكثير.
العلاج:
إن الخبر السار بشأن عمي الثلج، أنه في معظم الأحيان لا يكون خطيرا، ويشفي من تلقاء نفسه في غضون أيام قليلة لا تزيد عن أسبوع، وبدون الحاجة لأي أدوية، تماما كحالات احتراق الجلد بسبب الشمس، وقد سجلت بعض الحالات التي شفيت في غضون يوم واحد فقط.
في معظم الحالات تكفي الراحة فقط للشفاء، piqsels |
فقط قم بإبعاد نفسك عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية الناتجة من الشمس، ودع عينيك ترتاح، لذا فمن الأفضل أن تبقي في المنزل وقلل من الضوء الذي تتعرض له عينيك، ومن فضلك لا تقم بفرك عينيك، هذا لن يؤدي إلا إلي تفاقم ألمك.
اذا كنت ترتدي العدسات اللاصقة فقم بخلعها من عينيك فورا، ولا تضعها مجددا الا بعد اختفاء الاعراض تماما بوقت كافي، كما تنصح الأكاديمية الأمريكية لطب العيون بوضع مناشف باردة أو كيس ثلج مغلق علي العين لبضع دقائق، هذه كلها وسائل تساعد علي تقليل الألم والتورم.
وقد يكون مناسبا لبعض الحالات وضع قطرات العين لترطيبها مما يعطي شعورا بالراحة، أو تناول بعض الأدوية من مضادات الالتهاب أو مسكنات الآلم، لكن من فضلك لا تضع أي شيء في عينيك، ولا تتناول أي أدوية، إلا بناء علي توصية من طبيب عيون مختص.
ووفقًا لجين تابين، وهو طبيب العيون في ((مركز جون أ. موران للعيون)) فأنه قد لا يشعر المصاب بالأعراض إلا بعد عدة ساعات من حدوث الحرق، مضيفا: "لحسن الحظ، فعمي الثلج حالة مؤقتة ويجب أن تهدأ في غضون يوم أو يومين".
في فترة معاناتك من العمي الثلجي، يكون من الممنوع عليك القيام بعدة أنشطة مثل قيادة السيارة، أو تشغيل آلات ثقيلة أو استعمال معدات حادة، ببساطة ستتحول هذه الأنشطة إلي أشياء خطيرة عليك، وربما علي من حولك أيضا في الطريق اذا ما قررت قيادة سيارتك مثلا.
لكن اذا مر عليك أكثر من يومين أو ثلاثة أيام، دون الشعور بأي تحسن، يوصي بشدة أن تقوم بزيارة طبيب عيون متخصص، لأن الألم المستمر في هذه الحالة قد يعني أنك تعاني من حالة مرضية أخرى قد تكون: "التهاب الملتحمة، التهاب القرنية السطحي، اعتلال الشبكية الناتج من التعرض للأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة".
سبل الوقاية:
اذا كنت تسسلق جبالا شاهقة، من تلك التي تغطيها الثلوج في فصل الشتاء، أو ستسير في منطقة مفتوحة بالرمال، أو اذا كنت ستبحر، سواء لأغراض الترفيه أو العمل، فكن حريصا علي ارتداء النظارات الواقية، أو أضعف الإيمان أن ترتدي قبعة فوق رأسك لتوفير الظل لعينيك.
ينطبق ذلك أيضا عليك إذا كنت ستنظر للشمس لمدد طويلة وخصوصا في الفترة بين العاشرة صباحا إلي الرابعة عصرا، أو ستتعرض للأشعة فوق البنفسجية من أي آلة من صنع الإنسان لمدد طويلة.
ينطبق ذلك علي أيام الشتاء التي تكون السماء فيها ملبدة بالغيوم، حيث يمكن للأشعة فوق البنفسجية اختراق الغيوم.
أما بالنسبة للسيدات اللواتي يرغبن في تسمير بشرتهن، فمن فضلكن ابتعدوا عن أسرة وأجهزة التسمير، فمع انتاجها أشعة فوق بنفسجية تزيد ١٠٠ مرة أكثر مما ينتج عن الشمس، تجلب تلك الأجهزة العديد من المخاطر الصحية علي العين والبشرة وليس عمي الثلج فحسب.
لكن، وبشكل عام، فرغم بعض البساطة التي يبدو عليها مرض عمي الثلج، إلا أن البعض قد يري فيه ناقوس خطر يدق، وخصوصا لمن يمضون أوقاتا طويلة في الشمس دون حماية، ذلك لأنهم يكونون أكثر الفئات تعرضا لأمراض أكثر خطورة بكثير منها فقدان النظر أو التقليل من حدته علي الأقل، ظهور أورام علي جفون العين، اعتام عدسة العين، أو سرطان العين.
وفي النهاية، قد يكون من المثير أن نعلم أن الشعوب الأصلية في القطبين الشمالي والجنوبي مثل شعب الإنويت أو الأسكيمو، وشعب الأنوبيات، هم أول من اكتشفوا هذه الظاهرة، بل طوروا لها وسائل بدائية تتماشي مع إمكانياتهم في العصور القديمة، ولكم أن تتخيلوا أنهم صنعوا نظارات من أجزاء من الحيتان البالينية التي كانوا يصطادونها، أو من عظام حيوان الوعل، كانت فكرتهم بسيطة من صناعتها بشقوق ضيقة للنظر لتقليل التعرض لوهج الأشعة فوق البنفسجية المنعكسة من الجليد أو من الشمس مباشرة.