منذ تأسيسها في عام ١٩٤٨، تحرص إسرائيل دوما علي امتلاك سلاح جوي قوي، بل سلاح جو يتفوق علي كل أسلحة الجو في الدول العربية، وهم لديهم إستراتيجية عمل مستمرة لضمان تحقيقهم هذا الهدف، من شراء افضل مقاتلات من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أمتلكوا قاعدة صناعية متطورة صدرت لعشرات الدول منتجات صنعوها محليا علي رأسها ذخائر الطائرات، والطائرات بدون طيار.
لكن، تطارد منذ حرب ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٨- ١٨ يناير ٢٠٠٩ والتي تسميها إسرائيل بعملية "الرصاص المصبوب"، اتهامات لسلاح الجو الإسرائيلي باستخدام أسلحة محرمة دوليا وعلي رأسها "الفسفور الأبيض".
محرمة دوليا:
وفقا لاتفاقية جنيف عام ١٩٨٠، تم تحريم قنابل الفسفور الأبيض باعتبارها سلاح حارق للبشر وللبيئة معا. وذلك التحريم يشمل استخدامها كسلاح ضد المدنيين، وحتى ضد القوات المعادية المتواجدة في أماكن تواجد المدنيين، وهو ما لم تلتزم به إسرائيل.
بخلاف سلاح الجو، يمكن إطلاق تلك القذائف أيضا عبر سلاح المدفعية، وكذلك من فوهات مدافع الدبابات.
جنود مدفعية إسرائيليين يحضرون قذائف مدفعية عيار ١٥٥ ملم "القذائف ذات اللون الأخضر الفاتح قذائف فسفور أبيض". تصوير: جاك جويز / وكالة الصحافة الفرنسية / غيتي إيماجز
تنفي إسرائيل بعد اثباتات استخدامها لذلك السلاح عامي ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩ بواسطة الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى، تنفي حاليا استخدام الفسفور الأبيض، وتقول منذ العام ٢٠١٣، انها استبدلته بقنابل مبنية علي "الغاز" لكنها تحدث ذات التأثير، بعدما كانت قد اعترفت رسميا في أغسطس ٢٠٠٩ انها استخدمته في معارك ديسمبر ٢٠٠٨ - يناير ٢٠٠٩.
مجلة نيوزويك الأمريكية، نشرت تقريرا عن هذه الاتهامات لإسرائيل يوم الخميس، وجدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ترديده نفي استخدامها هذه المرة.
ماذا يحدث:
عندما تنفجر قذيفة أو قنبلة فسفور أبيض، فإنها تخلف ورائها سحب كثيفة من الدخان الأبيض، وتعبء المنطقة المستهدفة برائحة تشبه رائحة الثوم.
قنابل فسفور أبيض تنفجر فوق غزة، صورة بتاريخ ٨ يناير، صورة من رويترز /عدسة محمد سالم
البشر الذين يتعرضون لهجمات الفسفور الأبيض يعانون من حروق في أنحاء أجسادهم وقد ينتج عن هذه الحروق خطر التسمم بفعل حامض الفسفوريك السام، وكذلك خطر انتقال الفسفور من الجلد إلي عظام الجسم، كما يؤدي إلي تشنج أعصاب وهناك أيضا صعوبة حادة في التنفس.
الكبد، القلب، الكلي.. كلها أعضاء تتأثر بهجوم كهذا، والأدهي أن حتى أرحام النساء تتأثر، ولذا تم تسجيل حالات مواليد مشوهين أو مصابين بالسرطان في غزة عقب الحرب، بينما يري خبراء البيئة أن حتى النبات والحيوان والماء بل والكائنات العضوية تتأثر بهذا السلاح الكيماوي.
انتقادات:
استخدمت إسرائيل ذلك السلاح بضراوة، حتى أن جزء من مجمع تابع للأمم المتحدة تعرض للإصابة بهذه المادة الكيماوية التي تشتعل عند ملامستها للهواء.
غارة جوية إسرائيلية بالفسفور الأبيض، صورة بعدسة إياد البابا، لصالح منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة
ووقتما اعلنت إسرائيل انها استخدمت الفسفور الأبيض بالفعل، وجهت انتقادات عنيفة لها من المنظمات الحقوقية، وقتها ادعي الإسرائيليين أنهم استخدموها ضد "أهداف عسكرية". لكن وفي قطاع غزة حيث احدي اعلي مناطق العالم من حيث الكثافة السكانية.. كيف يمكن ضمان ذلك؟، لقد انتقدت إسرائيل حتى من الإسرائيليين أنفسهم، وكان من أبرزهم عام ٢٠٠٩ "إيال عليمي" وهو صحفي في راديو إسرائيل.
في تلك الحرب، كان جراح الكلي العالمي ومؤسس مركز جراحة الكلي بطب المنصورة، الدكتور محمد غنيم، كان هناك في غزة متطوعا لعلاج الجرحي.
يحكي الدكتور غنيم قصصا أليمة عن ما شاهده في "مستشفي الشفاء" المستشفي الرئيسي بقطاع غزة، لقد شاهد أجساد تحترق أمامه من الفسفور الابيض.. يقول لنا الطبيب العالمي أن الجسد المصاب بفسفور أبيض هو في حالة احتراق مستمرة، اذ يمتص الفسفور الأبيض الماء من جسده، ويساعد الهواء علي استمرار اشتعاله.
جراح الكلي العالمي الدكتور محمد غنيم، صورة من موقع جامعة المنصورة المصرية.
كان الدكتور غنيم ومن معه من أطقم طبية يدهنون أجساد المصابين بالفازلين لتكوين طبقة تعزل الاصابة عن الهواء، ويتم في الخطوة التالية غسل الجسم بالمضاد الكيمائي للفسفور الأبيض وهي مادة كبريتات النحاس.
من غزة، عاد الدكتور غنيم بعينة من الفسفور الأبيض، كشاهد علي ما حدث، وكعينة للبحث.
بعض المعلومات الواردة بالموضوع، تم الاعتماد فيها علي المصادر التالية:
-مجلة "آفاق البيئة والتنمية" الفلسطينية.
-هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
-سويس إنفو، وحدة تابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية.
-فرانس ٢٤.
-صحيفة المصري اليوم.