ما الفرق بين الألماس الطبيعي والصناعي؟ .. هذا ما يقوله الخبراء

خلال السنوات الأخيرة، ظهرت في الأسواق العديد من البدائل للألماس الطبيعي والتي أخذت مبيعاتها في النمو بشكل مستمر.

قطعة ماس طبيعي من جنوب أفريقيا معروضة في متحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي، بيتسبرغ، بنسلفانيا، الولايات المتحدة الأمريكية
قطعة ماس طبيعي من جنوب أفريقيا معروضة في متحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي، بيتسبرغ، بنسلفانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، public display، James St. John، via Flickr.

تختلف التسميات حول تلك البدائل فهناك من يقول عنها أنها "مزيفة" أو "اصطناعية" أو "مقلدة".

لكن ووفقًا لمعهد الأحجار الكريمة الأمريكي والذي يعرف اختصارا بإسم "GIA" يُشار إلى الألماس المصنوع في المختبر باسم "ألماس الاصطناعي" أو "ألماس مصنوع بواسطة الإنسان" أو "الماس الهندسي" أو "الماس المزروع"، باللغة الإنجليزية: "Lab-Grown Diamonds".

لكن دعونا نحدد الأمور بدقة أولا ونجيب عن بعض الأسئلة المهمة التي ستدور في بال الكثيرين.

ما هو ألماس الطبيعي؟:

ألماس الطبيعي هو الذي يستخرجه الإنسان من مناجم في أعماق الأرض، والمفارقة أنه لا يتكون في مناجم الماس تلك.

بل تحت القشرة الأرضية نفسها ولمسافات تصل إلى 85 ميل (أو ما بين 150 : 200 كم) تحت سطح الأرض، وهي مسافة لا يمكن للبشر الوصول إليها، حيث ظروف الضغط العالي جدا والحرارة شديدة الارتفاع عبر ملايين وربما مليارات السنين (مصادر متعددة تقول أنه تكون خلال فترة بين مليار إلى ثلاثة مليارات عام).

إذن كيف نحصل عليه؟..

بمجرد تكوين الماس في هذه الظروف تحت الأرض، فإنه ينتقل عبر الصخور المنصهرة مع تفجر البراكين إلى سطح الأرض، حيث يتم استخراجه وصقله وتحويله إلى مجوهرات جميلة أو استخدامه للأغراض الصناعية

ذلك لأنه وبجانب بريقه الرائع الذي يدفع الناس المال من أجله، يعد الماس الطبيعي من أصلب المواد في العالم، ويتكون من (كربون نقي متبلور) مع وجود كميات ضئيلة من مواد أخرى، وخاصة النيتروجين، الذي يمنحها اللون الأصفر أو (نادرًا) البورون، الذي يضفي اللون الأزرق على بعض أنواع ألماس الطبيعي.

ما هو الألماس الصناعي؟:

يأتي الألماس الصناعي والذي يصر البعض على تسميته بالمقلد من أحجار تشبه الماس مثل: ((الزركونيا المكعبة والياقوت الأبيض والمويسانتي والزركون والروتيل والإسبنيل والعقيق الاصطناعي)).

قطعة ألماس صناعية
قطعة ألماس صناعية James St. John، CC BY 2.0 DEED، via wikimedia commons.

كما تستخدم بعض العلامات التجارية ما يعرف باسم "بذور الكربون" من الماس الطبيعي.

لتحويل هذه الأحجار إلي ألماس صناعي، يتم وضعها في بيئة متحكم فيها تماما بواسطة أجهزة تكنولوجية متقدمة، توفر لها نفس الظروف التي يتشكل فيها الألماس الطبيعي من الضغط الشديد والحرارة العالية.

في هذه الظروف، تتغير ذرات هذه الأحجار لتكتسب ترتيب ذرات التركيب البلوري المميز للألماس الطبيعي، وبالتالي تكتسب الخصائص الكيمائية ومن ثم مظهر الألماس الطبيعي.

تحتاج هذه العملية مدة تتراوح بين ستة إلي عشرة أسابيع حتى تتحول إلي مجوهرات الماس الصناعي ثم يتم تلميعها وتقطيعها حتى تأخذ أشكال جاهزة للبيع مثل زوج من الأقراط أو القلادة أو السوار.

وكانت أول مرة ينتج فيها البشر الألماس المصنوع في خمسينيات القرن العشرين بغرض استخدامه صناعيا في الأساس، لكن على مدار تلك السنوات تطورت هذه الصناعة في حين شهدت أوج تطورها منذ عام 2018، حتى استطاعت شق طريقها إلى متاجر المجوهرات كأحجار كريمة.

وهذا ما يقوله عنه من يصنعوه:
((إنه ألماس متطابق مع الألماس المستخرج من الأرض في كل شيء، باستثناء أنه ينمو في المختبر)).

وكذلك من يبيعون الألماس الصناعي يقولون عنه أشياء مماثلة، فنجد مثلا "مجوهرات ناثان آلان" Nathan Alan Jewelers، أحد أشهر محلات بيع المجوهرات في جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يقول عن ألماس الصناعي:
((إن له نفس الخصائص الكيمائية والفيزيائية مع الألماس الطبيعي المستخرج من الأرض، ويبدو مثله تماما من الناحية البصرية عندما ينظر إليه الناس، حيث أن له نفس درجات التلألؤ والتألق الناتجة عن الألماس الطبيعي)).

هذا بالضبط ما تقوله مجوهرات Brilliant Earth أو الأرض الرائعة، وهي واحدة من أشهر محلات المجوهرات في كاليفورنيا الأمريكية أيضا.

مجموعة مجوهرات الزبرجد والماس، تم تصميمه وتصنيعه بواسطة إنجو هين من لندن، إنجلترا .. وإيدار أوبرستين، من ألمانيا في عام 2006، تشتمل هذه المجموعة على قلادة وأقراط وخاتم على 16 قطعة من الزبرجد البيضاوي و700 ماسة مرصعة بالبلاتين
مجموعة مجوهرات الزبرجد والماس، تم تصميمه وتصنيعه بواسطة إنجو هين من لندن، إنجلترا .. وإيدار أوبرستين، من ألمانيا في عام 2006، تشتمل هذه المجموعة على قلادة وأقراط وخاتم على 16 قطعة من الزبرجد البيضاوي و700 ماسة مرصعة بالبلاتين، Wikipedia Loves Art at the Houston Museum of Natural Science.

بإختصار إنهم يقولون أن الناظر إلي الألماس الصناعي سيشعر أنه طبيعي ولن يستطيع أبدا التفرقة بينهما.

ونذهب كذلك لنري ما تقوله مجوهرات الملكة سميث Queensmith Jewelers وهي واحدة من أفضل محلات بيع المجوهرات في المملكة المتحدة -فازوا ثلاث مرات خلال سبع سنوات بجائزة أفضل مجوهرات زفاف في المملكة المتحدة في حفل توزيع جوائز المجوهرات في المملكة المتحدة-.

بالنسبة لعمالقة المجوهرات في المملكة المتحدة، فإن الألماس الصناعي هو "ألماس حقيقي" الفارق فقط هو الظروف التي تشكل فيها.

نقطة أخرى قد تهم الكثيرون وهي نقطة الصلابة والمتانة .. كلاهما له نفس الدرجة أيضا.

قد يقول قائل هنا أن هذا أمر طبيعي بل ومتوقع، إنهم يبيعون الألماس الصناعي ومن مصلحتهم الترويج له.

لكن بالعودة إلي معهد الأحجار الكريمة الأمريكي "GIA"، نجده يقول أن كلا النوعين يكون واضحا تماما، ويعطي نفس ألوان الطيف الرائعة عندما يتعرض للضوء المباشر.

لكن المعهد نفسه وعلى لسان السيدة "بريندا هارويك" مديرة تعليم الأحجار الكريمة في المعهد تري أنه من اللازم عند شراء ألماس صناعي أن يطلب من يشتري من بائع المجوهرات (تقرير تصنيف) والذي يبين تصنيف جودة هذا الألماس لأن منه درجات متعددة، بعضها جيد والبعض دون المستوى.

مع العلم أن هناك أنواع من الماس الصناعي حاصلة على شهادة من معهد الأحجار الكريمة في أمريكا (GIA) ولم تعد تستخدم مصطلح "اصطناعي" في هذه الشهادات التي تتضمن مقاييس اللون والوضوح والدرجات القياسية لكل ماسة.

أيضا، وفي عام 2018، اعتبرت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية الماس المصنوع في المختبر بأنه (ماس حقيقي).

سعر الألماس الطبيعي والصناعي:

الماسة "سانسي" واحدة من أشهر الماسات الطبيعية في العالم، وأشهر ماسة صفراء على الإطلاق، وزنها 55 قيراط، ويعود أصلها إلى الهند وسُميت على اسم مالكها الأول، السفير الفرنسي لدى العثمانيين نيكولاس هارلاي من سانسي، وتم شراؤها في القسطنطينية في أواخر القرن السادس عشر. ثم إعيرت إلى الملوك الفرنسيين، بما في ذلك الملكان هنري الثالث والرابع، حيث استخدمها الأخير كضمان لتمويل جيشه. ثم انتقلت بعد ذلك إلى الملكية الإنجليزية. عادت لاحقًا إلى فرنسا، واشتراها الكاردينال مازاران للويس الرابع عشر، وسرقت خلال الثورة الفرنسية، ثم تم شراؤها وبيعها، واختفت مرة أخرى حتى عادت إلى الظهور وعبرت المحيط إلى أمريكا، بعد أن اشتراها ويليام والدورف أستور. وفي عام 1978، باعتها عائلة أستور إلى متحف اللوفر مقابل مليون دولار، وهي معروضة اليوم هناك
الماسة "سانسي" واحدة من أشهر الماسات الطبيعية في العالم، وأشهر ماسة صفراء على الإطلاق، وزنها 55 قيراط، ويعود أصلها إلى الهند وسُميت على اسم مالكها الأول، السفير الفرنسي لدى العثمانيين نيكولاس هارلاي من سانسي، وتم شراؤها في القسطنطينية في أواخر القرن السادس عشر. ثم إعيرت إلى الملوك الفرنسيين، بما في ذلك الملكان هنري الثالث والرابع، حيث استخدمها الأخير كضمان لتمويل جيشه. ثم انتقلت بعد ذلك إلى الملكية الإنجليزية. عادت لاحقًا إلى فرنسا، واشتراها الكاردينال مازاران للويس الرابع عشر، وسرقت خلال الثورة الفرنسية، ثم تم شراؤها وبيعها، واختفت مرة أخرى حتى عادت إلى الظهور وعبرت المحيط إلى أمريكا، بعد أن اشتراها ويليام والدورف أستور. وفي عام 1978، باعتها عائلة أستور إلى متحف اللوفر مقابل مليون دولار، وهي معروضة اليوم هناك، CC BY-NC-SA 3.0 LEGAL CODE، via reddiam.

وهنا يبدو الرهان واضحا من الألماس الصناعي، هذه هي نقطة تفوقي.

ذلك لأن الماس الصناعي الذي تم إعداده في المختبر يباع بأسعار أقل بكثير من الأسعار التي يباع بها الألماس الطبيعي من نفس درجة الجودة.

الفكرة هنا أن الألماس الطبيعي "نادر" الوجود، كما أن تعدينه يحتاج إلي عمالة كثيفة، بخلاف عمليات الاحتيال التي قد تحدث خلال بيعه.

نتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة فإن أسعاره مرتفعة، أما الألماس المصنوع فهو يزيد بشكل مستمر لأن هناك من ينتجه بشكل متواصل.

وهكذا يقال أن الفارق الأوضح بين ألماس المستخرج من الأرض والماس الصناعي هو ((السعر)).

هذا الفارق نفسه -السعر- بالإضافة إلي التشابه الذي يصل إلي حد التطابق بين الألماس الطبيعي والمصنوع هو ما جعل الأسواق تتقبل الألماس الصناعي.

ولنضرب هنا مثالا بأسعار نهاية العام 2023 التي تأثرت بتعقد سلسلة التوريد الخاصة بالماس الطبيعي كنتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، فمن تلك المناطق كانت تأتي نسبة كبيرة من انتاج ألماس الطبيعي عالميا.

ففي حين أنك قد تدفع حوالي 23000 دولار أمريكي مقابل خاتم عيار 2 قيراط من الألماس الطبيعي، فإن النسخة المزروعة في المختبر من نفس الخاتم قد تكلف 6000 دولار أمريكي فقط، نتحدث هنا عن فارق نحو 4 أضعاف السعر، وهو فارق مذهل خصوصا أن الاثنين لا يمكن تمييزهما بصريا.

ما هي الفوارق بين الماس الطبيعي والمصنع؟:

بعض الماسات اللامعة من بينها أكبر ماسة خضراء في العالم، معروضة حاليا في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك
بعض الماسات اللامعة من بينها أكبر ماسة خضراء في العالم، معروضة حاليا في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، Steve Knight، CC BY 2.0 DEED، via Flickr.

بعدما أجمع الخبراء على أنه لا يمكن للشخص العادي التمييز بين الألماس الطبيعي والألماس المصنوع في المختبر، يمكننا أن نجمل الفارق بينهما في النقاط الآتية:

  1. السعر، وقد بيناه بالتفصيل، ولكن ما نضيفه هنا أن الماس الطبيعي بهذه الأسعار سيكون حكرا على الطبقات العليا وشديدي الثراء، أما الماس الصناعي فستكون أعداد أكبر من البشر قادرة على شراؤه، خصوصا مع زيادة إنتاجه، وبدأ شركات جديدة الاهتمام به.
  2. أيضا الفارق في تشكلها وقد شرحناه بالكامل، ولكن هذا الفارق يجعل واحدة منها شيء صنعه البشر في غضون أسابيع، وآخر تشكل عبر مليارات السنين، ما يجعل النوع الطبيعي مميز وفريد من نوعه.
  3. يلاحظ الخبراء بعد إجراء بعض الاختبارات أن بعض أنواع الماس الصناعي تكون أكثر نعومة وأثقل من الماس الطبيعي.
  4. هناك فارق يمكن تسميته بالأخلاقي عند البعض، وهو أنه بالنسبة لاستخراج الماس الطبيعي تحدث العديد من الممارسات الغير إنسانية بل والبشعة لعمال المناجم، وهو عكس ما يحدث بالطبع داخل معامل ذات تكلفة باهظة يعمل بداخلها أشخاص مؤهلون يحصلون على رواتب عالية ورعاية إجتماعية وعطلات من العمل وكافة الحقوق الأخرى.
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات