الحوسبة السحابية (cloud computing) أحد أكثر المصطلحات التي تتردد هذه السنوات مع التطور التكنولوجي الكبير الذي تعيشه البشرية.
 |
| الحوسبة السحابية.. العمود الفقري للإنترنت في عالم اليوم، صورة من pixy، CC BY-NC-ND 4.0، via Instagram. |
بعبارة بسيطة .. بدلا من شراء خدمات تكنولوجيا المعلومات، فإن الحوسبة السحابية تجعلك قادرا على (تأجيرها).
وبالمناسبة لابد أن تكون أنت نفسك تستخدمها بشكل يومي طالما تستخدم الإنترنت، وستعرف ذلك في السطور التالية.
ما هي الحوسبة السحابية؟:
الحوسبة السحابية تعني ببساطة توفير موارد تقنية المعلومات (مثل تخزين المعلومات، الوصول لتطبيقات معينة) حسب الطلب، فهناك من سيطلب مساحات صغيرة للاستخدام الشخصي أو الدراسي، وهناك مثلا الشركات التي تطلب مساحات أكبر.
ومؤخرا بدأت الحوسبة السحابية تقدم خدمات الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي AI التي تعمل مثلا في تحليل البيانات الضخمة بسرعة كبيرة ما يوفر الكثير من الوقت الذي قد يعني الكثير من المال.
كذلك تقدم الحوسبة السحابية خدمات مثل معالجة البيانات، مثلا قد يحتاج مبرمج أو حتى شركة كاملة لاستخدام برامج معينة ذات متطلبات تشغيل لا تتوافر في جهازه.
هنا وبفضل الحوسبة السحابية يمكنه الحصول على قدرات معالجة أكبر.
هذه الخدمة (الحوسبة السحابية) يتم استضافتها في مراكز بيانات (Data Centers) تابعة للشركات التي تقدمها وهي عادة ما تكون شركات تكنولوجية عملاقة مثل (أمازون ، جوجل، أوراكل).
بالطبع الخدمات الاحترافية أو كبيرة الحجم من الحوسبة السحابية تكون مدفوعة وليست مجانية وإن كانت بعض الشركات تقدم عروض استخدامها لفترة محدودة مجانا في البداية، كما تقدم شركات أخرى مساحات مجانية محدودة إذا تم استخدامها بالكامل يجب أن تقوم بشراء مساحة أكبر، مثل جوجل وآبل.
فوائد الحوسبة السحابية:
ببساطة يمكن لمن يستخدم الحوسبة السحابية أن ينقل بياناته منها وإليها بسهولة.
 |
| تقدم شركة مايكروسوفت واحدة من أشهر وأهم خدمات الحوسبة السحابية في العالم، صورة من wallpaper flare, public domain. |
لنضرب هنا مثالا بسيطا، إذا كنت تمتلك حاسوب يعمل بنظام التشغيل Windows ولديك بيانات مخزنة على السحابة الخاصة بشركة Microsoft فيمكنك نقلها إليه، ويشمل ذلك المحتوى، التطبيقات التي حملتها عليه، بل وحتى الإعدادات الخاصة بجهازك.
إذن يمكننا بفضل الحوسبة السحابية أن ننقل ذاكرة التخزين الخاصة بأي جهاز (حاسوب، جوال) إلى السحابة ونقوم بتخزينها عليه، ومن ثم العودة إليها في أي وقت نشاء.
بالطبع هذا الأمر له العديد من الفوائد مثل تسريع العمل، والحجم الكبير للبيانات التي يمكن استخدامها بدلا من التقيد بمساحات التخزين على الأجهزة.
هناك كذلك فائدة اقتصادية تتمثل في عدم الحاجة لشراء مراكز البيانات والخوادم، وما يتبع ذلك من تكاليف تشغيلها وصيانتها، وهي تكاليف عالية للغاية لأنها تحتاج لكميات كبيرة من الطاقة لتشغيلها، وكميات كبيرة من الطاقة لتبريدها، ورواتب موظفين خبراء لإدراتها، وهذه النفقات بالتحديد تزيد بمرور الوقت ولا تنخفض.
كما أن هذه الخوادم ومراكز البيانات تتطور بشكل سريع، ومن غير المعقول شراء كل نسخة أحدث وتضييع الوقت والمال، لذا فإن الحوسبة السحابية تلغي الحاجة لكافة تلك النفقات.
أيضا فحتى لو قررت بعض الشركات أنه لا مفر أمامها إلا شراء خوادم فعلية وتأسيس بنية تحتية خاصة بها بدلا من الحوسبة السحابية فإن هذا الأمر يحتاج لشهور من أجل اختيار النوع المناسب، ثم التفاوض مع الشركة المصنعة، وانتظار تصنيعه ثم تركيبه وتشغيله.
ونحن في عالم لا ينتظر لحظة .. لذا فإن هذا الوقت لا يمكن تضييعه، فتظهر الحوسبة السحابية كحل حتى تنفيذ ذلك بالفعل، وبالمناسبة فإن هذا نادرا ما يحدث، وتعتمد شركة ما على بنيتها الخاصة بالكامل.
ذلك لأنها لو فعلت هذا الأمر في شق ما، فإنها لن تستطيع تكراره في بقية الإمكانيات التي توفرها الحوسبة السحابية.
 |
| شعار aws اختصار اسم شركة امازون لخدمات الإنترنت، إنها واحدة من عملاقة مجال الحوسبة السحابية، Amazon، AWS Trademark Guidelines. |
على سبيل المثال قد تعتمد شركة معينة على بنيتها الخاصة في مجال تخزين البيانات، لكنها تحتاج إلي الحوسبة السحابية للحصول على قدرات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة.
وهنا يتضح لنا أحد أهم صفات الحوسبة السحابية وهي (المرونة) .. ففيها تجد كل شيء، كل ما تحتاجه متوفر وفورا.
في المقابل، فإن الشركات التي تمتلك هذه البنية التحتية من الخوادم تكون استفادتهم وربحهم عبر تقديم خدماتهم لمجموعة واسعة من العملاء، فتتم تغطية مصاريف التشغيل بل وتحقيق ربح كبير.
بفضل الحوسبة السحابية شهدنا الثورة الحالية في مجال تطبيقات الهواتف والحواسيب على سبيل المثال.
هذه التطبيقات التي نستخدمها بشكل يومي (وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب، تطبيقات العمل .. إلخ) موجودة على السحابة، والبيانات الخاصة بها يتم تحميلها على السحابة كذلك.
هذا لا يوفر مساحة التخزين والوقت لهذه التطبيقات فقط، بل كذلك لمن يستخدمونها من أشخاص عاديين.
بخلاف ذلك كله، ففي كثير من الأحيان قد تحتاج شركة أو حتى شخص إلى استخدام تطبيق معين أو قدرات معينة لتنفيذ هدف معين ومن ثم لن يحتاجه فيما بعد، هنا أيضا تأتي (الحوسبة السحابية) كحل يحقق الهدف وبسعر معقول بدلا من الشراء بالكامل.
استخدامات الحوسبة السحابية:
الحوسبة السحابية لها استخدامات متعددة بشكل كبير ربما لا يمكن ذكره بالكامل، لذلك نكتفي بالحديث عن بعض أهم الأمثلة عن استخداماتها.
فمثلا يمكن الاحتفاظ بنسخة احتياطية من البيانات عليها.
فكر هنا في شخص فقد هاتفه أو سرق منه أو حتى تحطم، فكر في شركة تعرضت لهجوم سيبراني دمر معلوماتها أو قام بتشفيرها وطلب دفع فدية من أجل فتحها وإتاحتها من جديد.
في مثل هذه الكوارث تعد الحوسبة السحابية هي الحل المنقذ، فمن قام بتخزين بياناته سابقا على السحابة، سيتمكن من الرجوع إليها واستعادتها بكل بساطة.
لدينا كذلك خدمات البريد الإلكتروني (e-mail)، مثل ياهو أو الجيميل .. لا تظن أن الرسائل التي تصلك عبر البريد الإلكتروني يتم تخزينها على جوالك أو حاسوبك.. فهذا لا يحدث بل تخزن على السحابة.
وكما ذكرنا من قبل فإن التطبيقات والبرامج تعتمد على الحوسبة السحابية في استخدامها، وكذلك نضيف هنا أنها تعتمد عليها حتى في مرحلة تجهيزها وتطويرها واختبارها قبل الدفع بها للمستخدمين.
الشركات المالية كذلك تستعين بالامكانيات الكبيرة للحوسبة السحابية في مراقبة الأسواق وكشف عمليات الاحتيال بل ومنعها قبل تنفيذها.
حتى ألعاب الفيديو الشهيرة التي تقدمها شركات مثل سوني ونينتندو Nintendo وشركة EA، وشركة أكتيفيجن بليزارد: والتي تنتج لعبة كول أوف ديوتي الشهيرة... كلهم يعتمدون على الحوسبة السحابية في تقديم ألعابهم عبر الإنترنت لملايين من اللاعبين حول العالم في نفس اللحظة.
وبفضل إمكانية تدفق البيانات التي قمت بتخزينها على السحابة حينما تطلبها من أي جهاز آخر غير الذي قمت بتخزينها عليها من خلاله، أصبح بمقدورك مثلا لو كنت موظفا في شركة أن تنجز أعمالك من المنزل .. لو كنت مهندسا وقمت بتنفيذ تصميم هندسي معين يمكن استعادته من السحابة في أي وقت ولو لم يكن معك الجهاز الذي صممتها به.
