الأحدث

حكم صيام الست من شوال .. هل يجوز صيامها قبل القضاء.. ومتي تبدأ وهل تشترط النية

بعد نهاية شهر رمضان المبارك، يحب الكثير من المسلمين أن يتبعوه بصيام ست من شوال، لما ورد من أحاديث نبوية شريفة تعظم أجر وثواب ست أيام من شوال.

صيام الست من شوال سنة مؤكدة مستحبّة.

ونوضح في هذا التقرير أحكام صيام الست من شوال، وفضلها ومتي يبدأ وقت صيامها وهل يشترط فيها النية؟.. كما نجيب على سؤال تكرر كثيرا وهو السؤال عن جواز الجمع بين صيام الست من شوال وقضاء الأيام الفائتة من رمضان.

صيام سنة كاملة:

روي الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- ، أن رسول اللَّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر)).

في هذا الحديث بشارة نبوية بفضل اللّه على أمة الإسلام بأن جعل صيام ست أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان يعادل أجر وثواب صيام سنة كاملة.

فمن رحمة الله وكرمه على أمة الإسلام أن جعل صيام أيام يتراوح عددها بين ٣٥ : ٣٦ (حسب أيام شهر رمضان)، يعادل صيام سنة كاملة، أي ما يعادل نحو ٣٥٠ يوم.

وفي رواية أخرى أنه صلى اللّه عليه وسلم قال: " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421 ورواه ابن خزيمة برواية أخرى.

وحكم صيام ست أيام من شوال، أنها سنّة مؤكدة مستحبّة وليست بواجب.

ونلفت نظر القارئ الكريم هنا، أنه وبهذه الطريقة، فمن حافظ على صيام ست أيام من شوال طيلة حياته، سيكون كأنه قضي عمره كله صائما لم يفطر يوما، فلكم أن تتخيلوا عظم ثواب هذا العمل، وأن تقدموا على الله عز وجل يوم القيامة وفي صحيفتكم هذا.

نية صيام الست من شوال:

كسائر الأعمال، ينوي المسلم صيام الست من شوال، وهذه نية منفصلة فلا يجوز الجمع بينها وبين نية صيام ما قد يكون على المسلم قضاءه من أيام لم يصمها في شهر رمضان، بل لصيام الستة أيام من شوال نية مستقلة.

موعد صيام الست من شوال:

هناك سؤال عن متي يستطيع المسلم أن يبدأ صيام الست من شوال.

حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم عن فضل صيام الست من شوال.

بحسب رأي دار الإفتاء المصرية، فإن صيام الست من شوال يبدأ من ثاني أيام شوال، لأنّه يحرم صيام أول يوم في العيد.

هذا ويجوز أن يبدأ المسلم صومها بعد العيد بيوم أو أيام.

كما ويجوز صيام الست من شوال متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له.

وهذا أيضا ما قاله الإمام ابن باز -رحمة الله عليه-، بأن للمسلم أن يصوم الست من شوال متتالية، أو يفرقها، وللمسلم أن يصومها في بداية شوال أو وسط الشهر أو في نهايته (باستثناء يوم العيد بالطبع فهذا يوم لا يجوز صيامه).

واضاف الإمام ابن باز: ((ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين فلا بأس؛ لأنها نافلة، تطوع ليست فريضة، فإذا صامها في بعض السنين وتركها في بعض السنين، أو صام بعضها وترك بعضها فلا حرج عليه والحمد لله)).

هذا وقد فضل الحنفية، وجزء من الشافعية والحنابلة أن يكون صيام الست من شوال متتابعين، بينما فضل بعض علماء الحنفية تفريقها.

حكم صيام الست من شوال قبل قضاء ما مضى من رمضان:

أجاب مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف عن سؤال ما حكم صيام الست من شوال قبل قضاء ما مضى من رمضان؟.

وأوضح المجمع أنه لابد هنا من التفرقة بين حالتين:

  • الحالة الأولى: أن يكون من الممكن أن يجمع الشخص بين قضاء رمضان وصيام الست من شوال، فيبدأ الشخص بقضاء ما فاته من صيام في رمضان، ثم يتبعها بست من شوال، وهنا لابد من البدء بقضاء الفائت من رمضان لأنه فريضة، ومن ثم صيام الست من شوال لأنها نافلة، والواجب في الإسلام مقدم على النفل.
  • الحالة الثانية: وهي أن يكون عدد الأيام المتبقية في شهر شوال لا تكفي للجمع بين قضاء الأيام التي لم يصمها الشخص في رمضان، وصيام الست من شوال (على سبيل المثال أن نكون يوم ٢١ شوال، وسيدة عليها قضاء ست أيام من رمضان، وتريد صيام الست من شوال، فهنا لا تكفي عدد الأيام المتبقية أصلا في شهر شوال أصلا).

الشيخ ابن باز رئيس هيئة كبار العلماء بالسعودية له رأي مخالف عن رأي مجموع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في مسألة حكم صيام الست من شوال قبل قضاء ما مضى من رمضان.

واختار مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف في هذه الحالة أن يبدأ الشخص بصيام الست من شوال، لأن الزمن صار ضيقا للست من شوال، بينما يمكن قضاء ما فات من أيام رمضان طيلة العام وحتى رمضان المقبل إن يشاء اللّه.

واستدل المجمع في هذا الرأي، بقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها الصديق أبي بكر-: ((إن كان ليكون على الصيام من رمضان، فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان)) "صحيح ابن خزيمة ٢ / ٩٨٤".

لكن الإمام ابن باز يختلف مع هذا الرأي، ويري أنه يجب دوما صيام ما فات من أيام رمضان، ثم يتبعها الشخص بصيام ستة أيام من شوال.

ويستند ابن باز على نقطتين في رأيه هذا، وهما:

  • حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذاته، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر)).. وبالتالي فمن عليه أيام من رمضان لم يقضيها، يكون لم يصم رمضان أصلا، وبالتالي لا تتحقق بحقه ما اشترطه الحديث من كلمة ((أَتْبَعَهُ)).
  • أن صيام رمضان فريضة، وأما صيام الست من شوال فهو نافلة، والفرض أولى بالبداءة وأحق بالقضاء من النفل، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: ((دين الله أحق بالقضاء، اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء)).

وتضيف ((المعرفة للدراسات)) هنا نقطة أخرى قد تكون مرجحة لرأي من يقولون وجوب قضاء ما فات من أيام رمضان قبل صيام الست من شوال، وهي أن الإنسان لا يعرف موعد موته، والموت قد يصيبه في أي زمان ومكان، لذا فالأولى صيام الفريضة أولا، وإبراء الذمة منها أمام الخلاق العليم، ثم التقرب منه بالنوافل.

هل صيام ست من شوال مكروه:

كانت دار الإفتاء المصرية قد وردها سؤال، يقول فيه صاحبه ((ما حقيقة إنكار المالكية لصيام هذه الأيام مع ثبوت الحديث في ذلك؟)).

وجاء رد الدار بأن ما اشتهر عن المالكية من القول بكراهة صيام هذه الأيام مطلقًا فليس بصحيح، بل إنهم يستحبون صيامها، والقول بالكراهة عندهم إنما هو مرتبط بالخطأ في إلحاق هذه الأيام برمضان اعتقادًا بوجوبها، فإذا زالت هذه العلة زال حكم الكراهة.

ونضيف هنا أن حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بصيام ست من شوال، حديث ثابت، فلا يترك العمل بهذا الحديث بسبب كراهية قالها الإمام مالك ، خشية من ما كان يفعله بعض الناس من إلحاق بعض مظاهر شهر رمضان من إضاءة المساجد ومرور المسحراتي مثلا.

كما أن الإمام مالك لم يقل بكراهية صيام الست من شوال إذا ما كان صاحبه يطلب الفضل والثواب، ويفصل بين هذه الأيام الست وبين صيام رمضان.

ونكرر أنه مهما كان قصد الإمام مالك -رضي الله عنه-، فإنه لا يجب لمسلم أن يترك حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، ويتبع رأي عالما أو إماما.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-