عسل المانوكا.. فوائده واستخداماته.. وهل يستحق السعر الذي يدفع لشراءه؟

عسل المانوكا.. العسل الذي تزداد شعبيته يوما بعد يوم منذ سنوات، والذي يأتي من تلقيح أزهار الشجيرة البرية التي تحمل نفس الاسم (شجيرة المانوكا) leptospermum scoparium (تسمي كذلك بشجرة الشاي).

عبوتان من عسل المانوكا، Grey Geezer، (CC BY-SA 4.0)، via Wikimedia commons. 


الموطن الأصلى لشجيرة وعسل المانوكا هو دولتي نيوزيلندا وأستراليا، من هناك يصدر (عسل المانوكا) الأغلى في العالم، والذي يصفه البعض بأنه معالج لا مثيل له للالتهابات والجروح ولغيرها من الحالات والأمراض المتنوعة.

عسل المانوكا.. لماذا:

تتنوع استخدامات عسل المانوكا ومشتقاته بشكل مذهل.

بصورة أساسية يستخدم عسل المانوكا كمرهم طبيعي لعلاج مختلف أنواع الجروح وذلك لطبيعته التي تجعل منه مكون أساسي لتجديد أنسجة الجسم (بشكل عام فإن جميع أنواع العسل لها درجة حموضة بين ٣،٢ : ٤،٥ وثبت علميا أن الخصائص الحمضية للعسل تعزز شفاء الجروح)، كما يستخدم كذلك في علاج القرحة والدمامل والحروق.

وقد أثبتت دراسة إجريت في المملكة العربية السعودية أن ضمادات الجروح المصنوعة من عسل المانوكا تجعل جروح قرح السكرى تلتئم بشكل أكثر فعالية من استخدام العلاج التقليدي بشكل منفرد، كما تمت الموافقة في عام ٢٠٠٧ على استخدام عسل المانوكا كخيار لعلاج الجروح من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA.

لكن من فضلكم جميعا، فإن عسل المانوكا المستخدم في علاج الجروح، هو عسل طبي مصنوع خصيصا في معامل ومختبرات على يد مختصين، يقومون بتعقيمها وتحضيرها كضمادات بشكل خاص أو عسل خالى من الشوائب.

لذلك لا ينبغي عليكم أبدا استعمال عبوة عسل المانوكا كعلبة اسعافات أولية تستخدمونها لعلاج جروحكم، فإذا ما اردتم تجربة عسل المانوكا كعلاج للجروح، ابحثوا عن الضمادات الطبية المصنوعة من عسل المانوكا، أو العسل المصفي والمصنع خصيصا للاستخدام الطبي وليس للأكل.

كما يرحب الأطباء كثيرا باستخدام عسل المانوكا كمضاد للجراثيم و البكتيريا بدلا من المضادات الحيوية التقليدية، والتي قد ينتج عن كثرة استعمالها بشكل سيء أن تستطيع الجراثيم و البكتيريا مقاومتها فتفقد فعاليتها كدواء، هذا لا يحدث مع تكرار استخدام عسل المانوكا كمضاد حيوي، إذ لا تطور البكتيريا مقاومة ضد عسل المانوكا.

المتحمسين لعسل المانوكا يقولون عنه أيضًا أنه يمكن له أن يعالج حالات أخرى مثل حب الشباب (لذا نجد الكثير من طرق استعماله تستخدمه كقناع يوضع على الوجه لبعض الوقت Face mask)، كما قيل أنه يعالج حتى الجيوب الأنفية ونزلات البرد والحساسية.

بالإضافة لهذا ، يعتبر الكثيرون أن عسل المانوكا له دور هام في منع التهاب اللثة وأمراض اللثة الأخرى لأنه يمنع تراكم البلاك على الأسنان، كما يحارب التهاب الحلق، والتهابات العنقوديات، وهو محارب أيضا لتسوس الأسنان بشكل عام، ومهدئ للسعال، كما أن له دورا ليؤديه في تعزيز مناعة الجسم بشكل كامل، وهو وفقا لبعض المقتنعين بفوائده أيضا مركب مضاد للأكسدة.

كما تحدثت بعض المصادر أنه يزيد طاقة الجسم، ويقلل من كمية السموم والمواد الضارة بداخله، ويخفف من آلام المعدة ويحسن الهضم، كما يعمل على تقليل الكوليسترول، وتحسين جودة النوم، ويمنع الإصابة بمرض السكر، بل وتقليل تساقط الشعر ومحاربة التجاعيد.

وفقا لموقع webmd الطبي الشهير، فإن بعض الدراسات أشارت إلي ان عسل المانوكا يساعد في منع الالتهاب في المريء الناجم عن الإشعاع والعلاج الكيميائي المستخدم لعلاج السرطان.


من إنتاج نيوزيلندا ، هذه العبارة يحرص جميع منتجي عسل المانوكا الأصلى على تدوينها على عبواتهم، (CC BY-SA 3.0)، open food facts. 


باختصار يبدو عسل المانوكا صالحا لعلاج كل شيء، وبخلاف كل هذه الفوائد، يتميز عسل المانوكا بطعمه اللذيذ للغاية وبنكهته المميزة.

لكن الباحثتين نورال كوكستين ، و شونا بلير، من جامعة التكنولوجيا في سيدني بأستراليا، نشرا بحثا في موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي، قالتا فيه أن بعض هذه القدرات لعسل المانوكا مجرد هراء، ومع ذلك فبعضها الآخر هناك أدلة قوية عليه.

قوة عسل المانوكا MGO:

الناس جميعهم تقريبا يعرفون أن للعسل بشكل عام فوائد عديدة، إذ استخدمه البشر منذ العصور والحضارات القديمة في علاج العديد من الأمراض، وعثر علماء الآثار على منحوتات قديمة نقش عليها استخدام العسل كدواء.

كما ورد عدد من الأحاديث النبوية الشريفة عن فوائد العسل، وقال ﷲ عز وجل في كتابه الحكيم: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة النحل آية ٦٨ ـ ٦٩).

ومع أواخر القرن التاسع عشر اكتشف الباحثون أن للعسل أيضًا خصائص طبيعية مضادة للبيكتريا، ما مثل فتحا هاما في إدراك الناس لفوائد العسل المتنوعة.

قبل ذلك بقليل (مطلع القرن التاسع عشر)، جلب الأوروبيين نحل العسل إلى نيوزيلندا، وبدأ إنتاجهم لعسل المانوكا يتوسع.

بمرور الوقت، وتقدم العلم، وتتالي الأبحاث، تم اكتشاف أن عسل المانوكا أقوى من أنواع العسل التقليدية الأخرى، وذلك لانه يحتوى على تركيز أعلى من مادة ميثيل جليوكسال (MGO)، إنها المادة الأكثر فعالية والمقاومة للبكتيريا في العسل، يعني هذا ببساطة أن المانوكا يقاوم البكتيريا أكثر من أنواع العسل الأخرى التي تحتوي على كمية أقل من هذا المركب أو لا تحتويه على الإطلاق.

فجودة العسل ليست متساوية حين نستخدمه كمضاد للبكتيريا، بعض أنواع العسل تكون أقوى بمائة مرة من غيرها.

ووفقا لبحث نشرته (المكتبة الوطنية للطب) في الولايات المتحدة عام ٢٠١٧ فإن عسل المانوكا يحتوى كذلك على مركبات الفلافونويد والبوليفينول والمركبات النزرة النشطة بيولوجيًا الأخرى، والتي تعمل أساسا على تجديد أنسجة الجسم البشري.

هذا البحث بالتحديد انتهي لنتيجة مفادها أن عسل المانوكا يمكن أن يثبط من عملية (تسرطن الخلايا البشرية) أي تحولها لخلايا سرطانية، من خلال تحكمه وضبطه لعمليات الخلايا البشرية، وإن ردت بعض المصادر العلمية على هذا البحث بأنه لم يجرى على أعداد كبيرة من الناس، وبالتالي فإن نتائجه تزال غير مؤكدة.

طرق استخدام عسل المانوكا:

زهور شجيرة المانوكا الأصلية التي يمتص النحل رحيقها لانتاج عسل المانوكا، Avenue، (CC BY-SA 3.0)، via Wikimedia commons. 


هناك العديد من الطرق لبدء استخدام عسل المانوكا، ومنها:

  • تناوله مباشرة من الملعقة، واحرص دوما على أن تكون مصنعة من الخشب، وليست ملعقة معدنية، تنصح بعض المصادر بتناول خمس ملاعق صغيرة يوميا وأن لا تتناول أي طعام أو شراب آخر إلا بعد مرور ١٥ دقيقة على الأقل.
  • تحلية العصائر.
  • تدليك الجسم بعسل المانوكا، وهذا يعجب السيدات والفتيات بشكل خاص، يمكن إستخدام عسل المانوكا لترطيب البشرة أو علاج أي مشاكل جلدية، ويتم وضع طبقة متساوية ورقيقة، سواء عن طريق يد مغسولة جيدا أو قطنة نظيفة، ومهما كان الأمر مغريا لا تحاولوا لعق عسل المانوكا، هذا سيفسد علاج البشرة.
  • يمكن وضعه على بعض أنواع الطعام مثل سلطة الفواكه.
  • تحلية الشاي أو المشروبات الساخنة.
  • يمكن إعداد بعض الأفكار لوجبة الإفطار بإضافة عسل المانوكا، مثل إضافته إلى حبوب الشوفان الساخنة المطبوخة.
  • تحلية الزبادي.
  • يمكنك أيضا وضع عسل المانوكا فوق الخضروات قبل شوائها، سيصنع ذلك طبقة رائعة من العسل فوق الخضار المشوي، وسيكون لونها ذهبي رائع.
  • يقوم البعض بمزج عسل مانوكا مع عصير البرتقال ثم يستخدمونه في تغطية الجزر.
  • قليل من عسل المانوكا يمنح طعما حلوا للسلطة، لكن أحرصي على أن لا يغطي طعم العسل على طعم بقية المكونات الأخرى.
  • تغطية المخبوزات والفطائر الطازجة بعسل المانوكا.

هل يستحق سعره:

سعر عسل المانوكا باهظ للغاية، يصل به أحيانا ليصبح أغلى عسل في العالم. وهنا يثور السؤال المهم.. هل يستحق عسل المانوكا السعر الذي يدفع فيه؟، وهل هناك أدلة على الفوائد الصحية له والتي تصوره كغذاء ودواء خارق؟، هل لن تكون خاسرا عندما تدفع هذا المال مقابل عبوة من عسل المانوكا؟. 

وفقا لتقرير اعدته القناة الثانية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ، هناك دراسة أجريت عام ١٩٩١ بواسطة (وحدة أبحاث العسل) في دولة نيوزيلندا موطن عسل المانوكا الأصلى، انتهت إلى أنه ومع فصل مكون (بيروكسيد الهيدروجين) من العسل، ظل عسل المانوكا هو نوع العسل الوحيد القادر على قتل البكتيريا، وذلك لاحتوائه كما قلنا على المكون الفريد (ميثيل جليوكسال) MGO المادة القادرة على قتل الميكروبات.

كما هو معروف علميا، فإن مادة بيروكسيد الهيدروجين هي التي تعطي لمعظم أنواع العسل قدرتها على العمل كمضاد حيوي، لكن عسل المانوكا وبخلاف احتواءه على هذه المادة، يتميز على بقية انواع العسل بمادة ميثيل جليوكسال MGO ذات الخصائص الفريدة المضادة للبكتيريا.

أكدت هذه الدراسة نفس الاكتشاف الذي توصل إليه البروفيسور بيتر مولان في الثمانينات في نيوزيلندا، إذ توصلت أبحاثه إلي أن تأثير عسل المانوكا كمضاد للبكتيريا يظل موجودا حتى بعد فصل مادة (بيروكسيد الهيدروجين) منه -من غير المستغرب أن معظم الأبحاث التي تمت على عسل المانوكا تمت في نيوزيلندا حيث الموطن الأصلى لشجيرة المانوكا-.

كانت نتائج هذا البحث العلمي مفيدة للغاية من الناحية الاقتصادية، إذ تم استغلالها في تسويق عسل المانوكا وزيادة سعره، وبدأ منتجو العسل يطبعون على عبوات عسل المانوكا علامة UMF والتي تختصر عبارة "Unique Manuka Factor" أو مكون المانوكا الفريد، في إشارة لمادة ميثيل جليوكسال التي يحتويها عسل مانوكا والتي تقتل البكتيريا حتى بعد إزالة بيروكسيد الهيدروجين.

ولمزيد من التسويق، ولمزيد من رفع سعر عسل المانوكا، وضع منتجو العسل مقياس لتصنيف جودة عسل مانوكا، واسموه تصنيف UMFTM، والذي يعكس درجة تركيز ٣ مكونات أساسية في عسل المانوكا هم (مادة ميثيل جليوكسال MGO و DHA و leptosperin).

عبوة من عسل المانوكا، Like_the_Grand_Canyon، (CC BY-NC 2.0)، via Flickr. 


لكي يعتبر عسل المانوكا قويًا بدرجة كافية ليكون علاجا، يحتاج إلى تصنيف UMF ™ 10+ كحد أدنى، وهكذا فعندما يصل العسل لهذا التصنيف أو يتخطاه، يزيد سعره، وتزيد أرباح منتجو العسل.

الأطباء والباحثين من جانبهم غير متأكدين مما إذا كان هذا التصنيف يعني أي شيء من وجهة نظر طبية، وبرغم ذلك فقد أصدرت وزارة الصناعات الأولية (MPI) في نيوزيلندا إرشاداتها الخاصة بوضع العلامات الطوعية على عبوات عسل المانوكا، وهو أمر قد ينظر إليه البعض باعتباره تشجيعا من الوزارة النيوزيلندية لمنتجات بلادها على التصدير بأسعار مرتفعة، وهو ما يحدث فعليا إذ تصل أسعار العبوة الصغيرة منه إلى أكثر من ١٠٠ يورو. 

تقرير البي بي سي، ذكر أن بعض العبوات يوضع عليها أرقام بشكل منفرد، دون تبرير أو توضيح لمعني هذه الأرقام ولماذا هي موضوعة على عبوات عسل المانوكا أصلا؟.

ذات التقرير قال أن هناك العديد من الأبحاث الحديثة التي أجرتها (جامعة كارديف) في ويلز أظهرت أن عسل مانوكا الذي يستخدم في تصنيع الضمادات الطبية فعال في علاج الجروح المزمنة، ومقاومة العدوى المقاومة للمضادات الحيوية MRSA، وأعاد التقرير ملاحظة أن أي عسل يتم استخدامه كعلاج للجروح سيكون عسلًا طبيًا تمت إزالة الشوائب منه، لذا نؤكد مجددا أنه لا يجب وضع أي عسل من أي نوع على جروحك في المنزل.

انتهي تقرير هيئة الإذاعة البريطانية إلي نتيجة يفهم منها أن عسل المانوكا قد لا يستحق السعر الباهظ الذي يدفع فيه.

ذلك لأن التقرير قال بوضوح أنه لا توجد أدلة علمية على أن مادة ميثيل جليوكسال MGO ذات الخصائص الفريدة المضادة للبكتيريا تظل فعالة داخل الجسم بعد تناول العسل ودخولها للمعدة وبدء عملية الهضم، وبالتالي فإن ميزة عسل المانوكا الأساسية قد تكون خارج الجسم وليس بداخله.

وهكذا قد يكون عسل المانوكا مفيدا في علاج الجروح ومفيدا للبشرة، لكن باقي ما يقسم عليه منتجو العسل وبعض محبين عسل المانوكا من آثار إيجابية له، تبقي مجرد أقاويل لم تدعمها أبحاث مستقلة تمت على أعداد كبيرة من البشر.

الآثار الجانبية المحتملة لعسل مانوكا:

برغم الفوائد المتعددة لعسل المانوكا، فقد تحدث بعض الآثار الجانبية المحتملة لاستخدامه، وتشمل هذه الآثار:

  • رد الفعل التحسسي، خاصة عند الأشخاص الذين لديهم حساسية من النحل، هؤلاء قد تحدث لديهم حساسية من عسل المانوكا.
  • ارتفاع نسبة السكر في الدم عند تناول كميات كبيرة.
  • التأثيرات على بعض أدوية العلاج الكيميائي، إذ يتفاعل عسل المانوكا مع العديد من الأدوية الأخرى.

المعرفة للدراسات
بواسطة : المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-