الأحدث

ما هو ميتافيرس.. كيف ومتي سيعمل.. وهل سيغير الحياة كلها حقا

منذ أن أعلن السيد مارك زوكربيرغ مالك شركة فيسبوك ومؤسسها عن تغيير اسم شركته إلي ميتا META تمهيدا لاطلاق مشروعها الأضخم ميتافيرس Metaverse، وأذهان الناس شرقا وغربا تتطلع لمعرفة ما هو الميتافيرس هذا؟ وكيف سيغير حياتنا؟.

ميتافيرس metaverse عالم كامل به كل شيء، ستصل إلي أي مكان تريده وأنت في غرفتك. 


اذا اردنا تعريفا بسيطا ل(ميتافيرس) Metaverse، فهو تكنولوجيا جديدة أكبر مما كنا نتخيل، تكنولوجيا توضح بشكل عملي كيف استطاع وادي السيليكون Silicon Valley (مكان تتركز فيه مقرات كبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة) أن يغزو بإبتكاراته عالمنا.


ميتافيرس، هي أيضا التكنولوجيا التي يتسابق من أجل امتلاكها عملاقين من أكبر عمالقة التكنولوجيا في أمريكا والعالم كله، وهما شركتي فيسبوك Facebook التي أصبحت ميتا META، ومايكرسوفت Microsoft... وكلاهما مستعد تماما لانفاق الكثير من المال أجل الحصول عليها.


فلماذا كل هذا الاهتمام؟.. وماذا ستضيف الميتافيرس لعالمنا الملئ بالتكنولوجيا؟.


ما هو ميتافيرس:


ميتافيرس Metaverse هو ثورة حقيقية في عالم التواصل الاجتماعي، ثورة تهدف إلى ربط حياتنا نفسها بهذه التكنولوجيا، لتصبح حرفيا جزء من حياتنا، أو حتى أن نصبح نحن جزءا في هذا العالم الافتراضي، نعيش فيه معظم إن لم يكن كل تفاصيل يومنا.


في عالم ميتافيرس Metaverse سيستطيع الناس أو صورهم الرمزية Avatars (سيكون لكل شخص حقيقي شخصية افتراضية يدخل بها إلي ميتا فيرس ليفعل ما يريد بداخله) أن يعملون ويتسوقون ويحضرون دروسهم ومحاضراتهم، بل سيكون بمقدورهم أن يسيروا علي سطح القمر!!!.


تعرفه شركة ميتا (فيسبوك سابقا) بأنه سيكون مجموعة من العوالم ثلاثية الأبعاد 3D spaces، ستتيح لمستخدميها الاختلاط ببعضهم البعض، التعلم، التعاون، اللعب، كل ذلك بطرق تصفها بأنها (تتجاوز ما يمكن لنا أن نتخيله).


سنتحول كبشر في هذا العالم إلي شخصيات افتراضية، نذهب إلى العمل، نتجمع مع أصدقائنا في حفلة موسيقية أو على المقهي أو في استاد لمشاهدة مباراة، أو في سهرة لمشاهدة فيلم أو حضور مسرحية، أو حتى زيارة والدينا في المساء. وتقول شركة ميتا أن بعض الفوائد الهامة لذلك تقليل تلوث كوكبنا، أنت ستفعل كل ذلك دون أن تستقل أي وسيلة مواصلات، وبالطبع ستكون شوارعنا شبه فارغة، لا اختناقات مرورية بعد ذلك. 


تخيل أن يكون لديك اجتماع في التاسعة صباحا، لتستيقظ قبلها بربع ساعة فقط وتكون حاضرا له. 


إذن باختصار فإن ميتافيرس Metaverse عالم افتراضي سيدخل إليه الناس عبر الإنترنت من خلال أجهزة معينة ستوفرها شركة ميتا.


يذكرنا ذلك كله بمؤلف روايات الخيال العلمي الأمريكي الشهير (نيل ستيفنسون) الذي يُنسب إليه الفضل في ابتكار مصطلح ميتافيرس "metaverse"، في روايته المنشورة عام ١٩٩٢ تحت عنوان (تساقط الثلوج) أو "Snow Crash".


في روايته، كان نيل ستيفنسون هو أول من تخيل صورا واقعية لأشخاص يجتمعون في مباني ثلاثية الأبعاد في واقع افتراضي... وعلي ما يبدو فإن خيال ستيفنسون في طريقه للتحقق.


أجهزة ميتافيرس metaverse:


لنتعرف علي المزيد عن ميتافيرس Metaverse المستقبل الرقمي الذي يبشرنا مارك زوكربيرج به. يبشرنا بأنه سيصبح ليس جزءا من عالم الإنترنت فحسب، بل (الخليفة) الذي سيخلفه، لنودع عالم الإنترنت وندخل عالم ميتافيرس.. بشارة السيد زوكربيرغ جعلت مجلة ويرد Wired الأمريكية المتخصثة بالتكنولوجيا تشبه الأمر بأنه كما كان الأنبياء يبشرون بأنبياء سيأتون من بعدهم، فإنه كان المبشر بالإنترنت القادم. 


نبي الإنترنت القادم لديه إنجيل خاص لدخول معالمه الكبير، الذي سيشبه إمبراطورية متعالية مليئة بالمغامرات.


ولتجنب سوء الفهم، ينبغي توضيح نقطة غاية في الأهمية هي أن ميتافيرس metaverse لن يكون ملكا لشركة واحدة، بل سيكون كالإنترنت مفتوحا للجميع، يستطيع الجميع أن يضيفوا إليه.


سيحتاج المستخدمين إلي أجهزة للدخول إلي عالم ميتافيرس Metaverse، لذا فمن الطبيعي أننا سنجد محلات ومتاجر تعرض أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي سيمكن من خلالها الدخول إلي عالم ميتا فيرس بشخصيته الافتراضية.


صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قالت أن شركة ميتا لديها خطط لافتتاح هذه المتاجر في جميع أنحاء العالم، ستبيع من خلالها سماعات الواقع الافتراضي، ونظارات الواقع المعزز، وتستخدم كذلك في تعريف المشترين ببقية المنتجات التي تستخدم في ميتافيرس metaverse، وكيف يستعملونها بالضبط.


أسعار هذه الأجهزة لن تكون رخيصة الثمن، لدينا مثال من الممكن أن نبني عليه، وهو برنامج اجتماعات للشركات أطلقته شركة ميتا (فيسبوك سابقا)، يسمى Horizon Workrooms، ولاستخدامه ينبغي استخدام سماعات الرأس من نوع Oculus VR، تبلغ تكلفة سماعات الرأس من هذا النوع ٣٠٠ دولار أو أكثر، مما يجعل معظم تجارب ميتافيرس metaverse المتطورة بعيدًا عن متناول الكثيرين، لكن ربما تقل الأسعار (وهذا غير مؤكد) مع اتساع السوق وزيادة المستخدمين. 


الواقع المعزز:


لكن ماهو الواقع المعزز؟... وهل يختلف عن الواقع الافتراضي؟.


صورة تشرح جزء من الواقع المعزز، هنا شخص يشتري أريكة، تظهر أمامه وكأنها في بيته تماما، ويستطيع معرفة كيف ستبدو واختيار اللون الذي يلائم ذوقه، ChristinaC، (CC BY-SA 4.0)،via Wikimedia commons. 


هناك اختلاف بالطبع، باختصار الواقع المعزز هو واقعك التي تعيش فيه لكن يتم تعزيزه بأشياء من الإنترنت، فيدمج معا المعلومات من الإنترنت مع المعلومات في واقعك الذي تعيش فيه، ويعرضها بعد ذلك في صورة مركبة غنية بالمعلومات، وهذه الصورة لن تكون صناعية بالكامل كما هو الواقع الافتراضي، بل ستجمع بين واقعك والإنترنت معا.


الصورة المثالية للعالم المعزز هو أن يستطيع مستخدميه أن يشعروا بالأشياء القادمة لهم من الإنترنت بمختلف حواسهم، تخيل مثلا أن تري أمامك سيارة تريد شرائها وتستطيع الدخول لها والجلوس علي مقعدك ولمس عجلة القيادة، تخيل مثلا أن تشم رائحة عطر تريد شراءه وأنت جالس علي أريكتك في منزلك، تخيل مثلا أن تلمس يد محدثك الذي يعيش في بلد أخرى، تخيل مثلا أن تلعب لعبة شهيرة مثل pubg وتشعر وكأنك تقفز بمظلة من الطائرة وتخوض قتالا عنيفا كالذي تخوضه في اللعبة (لا تقلق لن تموت في الواقع إذا مت في اللعبة)... هذا هو الواقع المعزز.


وقد يظن البعض أن عالم ميتافيرس Metaverse، سيكون خاص بالإثرياء فقط أو صفوة المجتمعات، تقول شرطات التكنولوجيا أن الحقيقة هي عكس ذلك تماما، فالمشروع يهدف لخلق ما يشبه عالم موازي، ووفقا لتوقعات شركة ميتا (فيسبوك سابقا) فإنه وبحلول نهاية العقد الجاري (عام ٢٠٣٠) سيكون عدد من يعمل ويلعب ويسافر عبر ميتافيرس قد وصل إلي مليار شخص حول العالم، وسيستمر الرقم في التصاعد، سنحتاج إذن لمرور الوقت لتأكيد تلك التوقعات أو نفيها. 


تقول ميتا أن جوهر فكرتها هو خلق إحساس أكبر بالوجود الافتراضي بجعله يقترب كثيرا من تجربة التفاعل في الحياة الواقعية.. ألا يشبه ذلك بالفعل فكرة خلق حياة كاملة تنتقل إليها مختلف الأنشطة البشرية؟.


نحن نتحدث عن مشروع سيحتاج في أوروبا وحدها إلي ١٠ آلاف موظف للإشراف عليه، فكم سيحتاج لتغطية العالم بأسره؟.


انتقادات:


كان من الطبيعي أن يثير مشروع بمثل هذا الجموح الانتقادات كما أثار الاهتمام.


هل سنصل إلي اليوم الذي نسير فيه جميعا نرتدي نظارات الواقع الافتراضي علي وجوهنا؟. 


وصف ميتافيرس Metaverse بأنه (فكرة سيئة) و (خيال بائس)... والمثير أن هذا الوصف جاء علي لسان رجل الأعمال الأمريكي الشهير (روجر ماكنامي) إنه أحد أول كبار المستثمرين الذين آمنوا بفيسبوك في بدايته، وضخ فيه الأموال، لكنه اليوم يري مشاريع الكيان الذي أصبح أكبر من دول مجتمعة مجرد جموح بئيس.


انتقادات أخرى طالته بأنه يتم المبالغة بما يوصف به، وأننا بعد أعوام، وعندما يتم تطبيق ميتافيرس Metaverse بالفعل سنجد أنهم بالغوا كثيرا فيما قالوه عنه، ولن يصل ابدا إلي الدرجة الطموحة التي يتحدث عنها مارك زوكربيرغ. 


البعض ممن فكروا في الأمر لبعض الوقت، لديهم مخاوف بشأن (عالم افتراضي) سيكون مرتبط بشركة أو شركات ما، سيسمح لها بالوصول لكل شيء تريده ليس فقط من بيانات الناس، بل أحلامهم، مشاعرهم، كيانهم الشخصي كله سيكون بين يدي تلك الشركة، ولا يدري أحد كيف سيتم استخدام تلك المعلومات.. بخلاف ذلك فإن شركة ميتا اتهمت كثيرا بانتشار معلومات مضللة عبر منصاتها ومواقعها خصوصا فيسبوك، فكيف لنا أن نتخيل استخدام ناشري المعلومات المضللة والشائعات لمثل هذا العالم الافتراضي، وغيرها من الأضرار المتنوعة التي ستؤدي في النهاية إلي تفاقم مشاكل الناس في العالم الحقيقي.


انتقادات أخرى تحدثت عن أن ميتافيرس سيصبح العالم الحقيقي بالنسبة للكثيرين، والذين سيتخلون عن العالم الحقيقي بالفعل، وستكون النسبة الأكبر للأجيال الأصغر سنا أو الذين سيولدون في عصر الميتافيرس، مما سيحرمهم من الحياة الواقعية بالفعل، وهو ما قد يخلق لدينا أجيالا من البشر المصابين بالسمنة في أبسط الأشياء، الفاقدين للقدرة علي التواصل الاجتماعي الحقيقي، أول صفاتنا كبشر.


في النهاية، لا يخلو الأمر من إفادات حالية من مستخدمي سماعات الرأس الخاصة بالواقع الافتراضي والواقع المعزز من شعورهم بالغثيان عند استخدامها، رغم قلة أعداد المستخدمين في الأصل، والذين يقتصرون حاليا علي مجرد الهواة والمتحمسين. 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-