الأحدث

فضيحة جديدة لطائرة دريملاينر ٧٨٧.. حلم بوينج الذي تحول إلي كابوس

في تطور جديد لملف قضية عيوب تصنيع الطائرة (دريملاينر ٧٨٧)، والتي تنتجها شركة بوينغ الأمريكية العملاقة لصناعة الطيران، يزيد من متاعب الشركة التي افقدتها تلك الطائرة الكثير من ماء وجهها، بعدما راهنت عليها لتكتسح بها أجواء العالم، ولتعقد الصفقات الضخمة مع شركات الطيران العالمية وتكتظ خزائنها بعوائدها.

طائرة بوينغ ٧٨٧ - ٩ دريملاينر تابعة للخطوط الجوية الفرنسية (آير فرانس)، Anna Zvereva، (CC BY-SA 2.0, via Wikimedia commons)


مشاكل تصنيع الطائرة لم تتوقف عن الظهور، وكان أخرها ما أعلنت عنه شركة بوينغ نفسها من أن بعض أجزاء دريملاينر ٧٨٧ المصنعة من مادة التيتانيوم، كانت تصنع (بشكل غير صحيح) علي مدار السنوات الثلاثة الماضية.


مدى التأثير:


في صناعة معقدة كصناعة الطيران، والتي ترتبط بحياة البشر، وسمعة شركات لو انهارت لربما انهار معها جزء هام من اقتصاد بلدها، في صناعة كتلك سيكون السؤال الأول المتبادر إلي الأذهان هو عن مدى تأثير تلك الأخطاء في التصنيع علي سلامة الرحلات.


بوينغ في تصريحاتها كانت منتبهة إلي تلك النقطة جيدا، وهو ما دفعها للقول بأن مشكلات عدم جودة تصنيع تلك الأجزاء لن تؤثر علي سلامة الرحلات (بشكل فوري).


وقبل أن يوجه لها السؤال عن إذن متى قد تؤثر تلك العيوب علي سلامة الرحلات، أضافت شركة بوينغ أنها  أخطرت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) بأنها تعمل حاليا على تحديد عدد الطائرات التي تحتوي على الجزء المعيب.


عملاق آخر متورط:


يبدو أن طائرة بوينغ دريملاينر ٧٨٧ التي انضمت لفئة الطائرات سيئة السمعة، لن تكتفي بالاساءة لسمعة بوينغ فقط، بل لعدد من الشركات العالمية الكبرى، والتي تمد بوينغ بأجزاء الطائرة المختلفة.


فمن المعتاد أن الطائرات والتي تتكون من مئات القطع والأجزاء، تلجأ الشركة المصنعة لها للتعاقد مع شركات أخرى لانتاج عدد من تلك الأجزاء، إذ تبرع بعض الشركات في أجزاء معينة، وقد يتعلق الأمر أيضا بقضية (الوقت).. إذ تريد الشركة الام للطائرة (بوينغ في حالتنا علي سبيل المثال) ، إنجاز عدد معين من الطائرات لتسليمه للزبائن المتعاقدين عليها.


في الواقعة الأخيرة، المتعلقة بالاجزاء المصنوعة من مادة التيتانيوم، كشفت بوينغ أن تلك الأجزاء زودتها بها شركة (ليوناردو إس بي إيه) الإيطالية.


شركة ليوناردو إس بي إيه Leonardo SpA، والتي تتخذ من إيطاليا مقرا لها، وتملك الحكومة الإيطالية السيطرة عليها بامتلاكها غالبية أسهمها، هي عملاق آخر متخصص في الصناعات العالية التقنية بمجالات الطيران والأمن والمعدات العسكرية، كما تنتج طائرات الهليكوبتر، وأنظمة إلكترونية وأخرى للملاحة الجوية، وأنظمة الاقمار الصناعية، والصواريخ، والعديد من الأنشطة الأخرى.


بوينغ أضافت أن شركة ليوناردو الإيطالية حصلت علي تلك الأجزاء بدورها من شركة إيطالية تسمي (MPS)، الأمر الذي دفع شركة ليوناردو الإيطالية للتأكيد علي أن شركة إم بي إس، لم تعد ضمن قائمة مورديها بشكل مطلق، ولن تشتري منها أجزاء تستخدمها في طائرات بوينغ أو طائرات منافستها الأوروبية الشرسة (ايرباص Airbus).


كبش فداء:


برغم تقاذف المسؤولية ، ومحاولة كل شركة إلقائها علي عاتق الأخرى، أو خلق كبش فداء عبر تحميل المسؤولية لشركة لا تناطحهما، فإن الشركتين تعرضتا لخسائر مبرحة، إذ واصلت أسهم ليوناردو الإيطالية خسائرها وأغلقت منخفضة بنسبة ٧٪. كما أغلقت أسهم بوينج منخفضة ٢٪.


طائرة بوينغ دريملاينر ٧٨٧ تابعة للخطوط الجوية القطرية اثناء طيرانها، التقطت الصورة من مطار ميونخ، ألمانيا، Curimedia | P H O T O G R A P H Y، (CC BY-SA 2.0, via Wikimedia commons) 


شركة ليوناردو الإيطالية أصدرت بيانا قالت فيه إن قضايا أجزاء دريملاينر ٧٨٧ المصنعة من مادة التيتانيوم، تتحملها شركة إم بي إس، وهي المقاول الفرعي sub-contracto التي اسندت لها شركة ليوناردو مسؤولية توفير تلك الأجزاء التي اتضح أنها معيوبة الصناعة.


وفي محاولة تبدو لاستباق الأحداث أضافت الشركة الإيطالية في بيانها: ((هناك تحقيق يجري حاليا من قبل النيابة العامة الإيطالية، ولذلك فإن ليوناردو طرف متضرر في القضية، ولن تتحمل أي تكاليف محتملة مرتبطة بهذه القضية)).


هذا، ولم يتسن الوصول إلي النياية العامة الإيطالية للتعليق علي تلك القضية. كما لم يتسن الوصول لشركة إم بي إس المدرجة كشركة إيطالية.


أزمة تلو أخرى:


الأجزاء التي ظهرت فيها عيوب الصناعة، هي أجزاء مصنوعة من مادة التيتانيوم، وتشمل:


-الأجزاء التي تساعد علي تثبيت أرضية أحد أقسام جسم الطائرة.
-فواصل ومشابك وأقواس (هناك أقواس مسؤولة مثلا عن ربط أضلاع هيكل الطائرة بغلاف جناحها)، والتي تتوزع داخل عدد من التجميعات داخل جسم الطائرة.
-بالإضافة إلى تركيبات أخرى.


وللتعامل مع هذه الأزمة، قررت بوينغ تقسيم العمل إلي شقين، الأول يتعلق بالطائرات التي لم يتم تسليمها بعد لشركات الطيران التي تعاقدت عليها، إذ ستقوم بإعادة تركيب قطع جديدة سليمة بدلا من التي تحمل عيوب الصناعة.


الشق الثاني، بالنسبة للطائرات التي سلمت بالفعل، بل وتقوم حاليا برحلات نقل ركاب، فهذه الطائرات ستخضع لعملية مراجعة مع شركة بوينغ للتأكد من مدى جودة وأمان تلك الأجزاء، علي أن تقوم إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية FAA، بمنح تأكيد لتلك الطائرات أنها قد أصبحت خالية من ذلك العيب بعد مراجعتها.


هذه الاجزاء المعيوبة، ليست سوى قطعة من أزمة كبيرة تتسبب فيها طائرة دريملاينر ٧٨٧ لشركتها بوينغ، فطائرة الأحلام التي صارت كابوسا، تم اكتشاف هذا الخلل بالنسبة لها، في ذات الوقت التي كانت بوينغ تصارع فيه لحل مشاكل أخرى في الطائرة ٧٨٧، مشاكل تسببت في خفض الإنتاج ووقف عمليات التسليم منذ مايو الماضي، فجاءت المشكلة الأخيرة لتزيد من الطين بلة.


كانت شرارة مشكلة الأجزاء المعيوبة والمصنوعة من مادة التيتانيوم، قد ظهرت في سبتمبر ٢٠٢٠، فحينها كشفت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية FAA، إنها تحقق في عيوب التصنيع.


حتى هذه اللحظة، قامت عدد من خطوط وشركات الطيران التي تستخدم بوينغ دريملاينر ٧٨٧ ، بإخراج ثمانية طائرات من الخدمة، تمثل هذه القرارات كارثة مالية، بالنسبة لطائرات حديثة دفعت فيها تلك الشركات مئات الملايين من الدولارات، وفجأة ظهر أنها طائرات معيوبة.


إنها في النهاية وصمة عار في جبين بوينغ، وتهددها بمستقبل قاتم، سيتلخص في محاولات مستمرة لترقيع عيوب هذه الطائرة، التي كلما عالجت أحدها ظهر عيب آخر، يعني هذا في النهاية بجانب السمعة المتضررة، أن الشركة ستنفق مالا ووقتا علي إصلاحات، بينما ينفقه المنافسين علي التطوير، وهو ما سيخلق فجوة في النهاية بينها وبين المتربصين من كل جانب وعلي رأسهم إيرباص، والشركات الصينية القادمة جديدا للساحة، وفي مقدمتهم كوماك Comac ومؤسسة صناعة الطيران الصينية AVIC.


طائرة بوينغ دريملاينر ٧٨٧، تابعة لخطوط جنوب الصين الجوية، Alessandro Ambrosetti، (CC BY-SA 2.0, via Wikimedia commons)


عمليا، فإن ذلك السيناريو يحدث فعليا، إذ لم يكن إيقاف إنتاج دريملاينر ٧٨٧ في مايو الماضي هو الأول.


كانت بوينغ قد تنفست الصعداء بعدما تمكنت من استئناف تسليم طائرات دريملاينر ٧٨٧ في مارس الماضي ، بعد توقف استمر لخمسة شهور سابقة، لكنها سرعان ما توقفت مجددا في مايو بعد أن أثارت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية FAA، مخاوف بشأن طريقة التفتيش المقترحة علي الطائرات قبل تسليمها، وأنها تحتوى علي الكثير من الأخطاء.


لم يتوقف الأمر عند انتقادات لطريقة المراجعة، ففي يوليو الماضي، قالت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية FAA، إن بعض طائرات دريملاينر لديها مشكلة في جودة التصنيع، في المنطقة الموجودة بالقرب من مقدمة الطائرة، ويجب إصلاحها قبل أن تتمكن بوينج من تسليمها للعملاء.


وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس التنفيذي لشركة ليوناردو إن من المتوقع أن تصدر بوينج خطة إنتاج محدثة لطائرة ٧٨٧، ستراعي ما حدث من توقفات في الإنتاج.


------------

ترجمة المعرفة للدراسات لتقرير من وكالة رويترز.
شارك في التغطية للتقرير الأصلى ديفيد شيباردسون في واشنطن وسانجانا شيفداس في بنغالورو ؛ تحرير: سوميادب شاكرابارتي وأنيل دي سيلفا وليزا شوماكر وديفيد جريجوريو.
قامت المعرفة للدراسات بإضافة العديد من المعلومات للنص الأصلى. 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-